قرأت لك...

كاتبة فرنسية ترصد معاناة المرأة اللاجئة فى باريس

غلاف رواية ثلاث نساء قديرات

وكالات

أصدر مشروع  "كلمة" رواية جديدة بعنوان "ثلاث نساء قديرات" للكاتبة الفرنسية مارى ندياى، وترجمة مارى طوق، حيث تمتاز أولا بخصوصية فى الشكل الروائى، وتضم ثلاث قصص طويلة، كل منها مخصصة لحضور فريد لامرأة، ولكن القصص ترتبط بخيوط، بعضها خفى والبعض الآخر ظاهر، لتشكل فى نهاية المطاف رواية متكاملة ومنسجمة، والخيط الناظم الأكبر هو هذه الوحدة المعنوية أو الروحية، تجمع ثلاث نساء يسيطرن على مصيرهن بذكاء وقوّة.

المرأة الأولى هى نورا، العصامية التى صارت محامية بباريس، بالرغم من هجران والدها السنغالى (كأبى الكاتبة نفسه) للعائلة، تذهب إلى داكار، لزيارة أبيها المتغطرس والمهووس، الذى لم يلتفت إليها ولا إلى أختها وأمهما يوماً، والذى يزج بأخيهما، وهو الوحيد الذى اصطحبه معه إلى السنغال، يزج به فى مغامرة مظلمة تجعل الفتى يقبع فى السجن، مصير متشابك تروح هى تحل وشائعة الواحدة بعد الأخرى.

المرأة الثانية هى فانتا، التى قلما تحضر فعلياً فى الصفحات المخصصة لها، والتى تظل مع ذلك دائمة الحضور فى تداعيات زوجها والبلبلة التى تطبعه بها كثافتها الإنسانية، زوج عاثر، فرنسى نشأ فى السنغال، عاد بها وبابنهما إلى فرنسا فلم يفلح فى تحقيق عيش كريم للعائلة، نراه دائم الحركة فى سيارته العتيقة، فيما يشبه أوديسة برية، يجتر ذكرياته ويحلّل سلوك زوجته ويعلن اندحاره أمام صمتها البليغ.

أما المرأة الثالثة، خادى دمبا، فتقودنا إلى عالم الهجرات المحبطة الذى نعيش مأساته منذ سنوات، حيث الرحلات المغامرة تنتهى بغرق الآلاف، الأرملة الشابة، شظف عائلة زوجها الراحل، التى تقذف بها على طرق الهجرة، وعندما تحاول، بصحبة العشرات من الطامحين للرحيل، اجتياز الحاجز الشائك وصولاً إلى إحدى السفن، تهوى منه وترى موتها على هيئة طائر يغنى لها، طائر لطالما لمحته من قبل، فكأنه قرينها أو ملاكها الحارس، هى الأمية التى لم تشأ رغم كل الظروف المناوئة أن تتخلّى عن تمسكها بجوهرها اللطيف، والتى اعتادت أن تتشبث فى أقسى اللّحظات بامتلائها بذاتها وبحقيقة أنه مهما حدث فإنها لا تجهل من هى.

ولدت مارى ندياى فى بيتيفييه، قرب باريس، 1967، من أب سنغالى عاد إلى بلاده الأم وهى فى سنتها الأولى، ولم تره بعد ذلك سوى ثلاث مرات، وأم فرنسية، نشأت فى الضاحية الباريسية بور لارين، ثم انتقلت إلى النورماندى بعد اقترانها بالكاتب الفرنسى جان إيف سندرى.

أما المترجمة  مارى طوق، فهى كاتبة ومترجمة من لبنان، من مواليد 1963، حصلت على إجازة فى الأدب الفرنسى من الجامعة اللبنانية عام 1990، وتقيم وتعمل حاليّاً فى مجال التعليم فى مدينة جبيل بلبنان. نقلت إلى الفرنسية قصائد لعبّاس بيضون وشعراء آخرين، وسيناريوهات للمخرجة الراحلة رندا الشهال، ونشرت قصصاً قصيرة ومقالات نقدية فى الصحف اللبنانية والعربية، وترجمت إلى العربية عدداً من الأعمال الأدبية منها "الجميلات النائمات" لياسونارى كواباتا، و"المرأة العسراء" لبيتر هاندكه، و"خفة الكائن التى لا تطاق" لميلان كونديرا، و"مدافن الكبوشيّين" لجوزف روث.