سلسلة من الوعود..

نتانياهو وموسم التلويح بضم الضفة.. هل هي الدعاية الانتخابية؟

نتانياهو

غزة

يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، إلى كسب ودّ اليهود المستوطنين والمتشددين، ومحاولة استمالة عقولهم، بشتّى الطرق الممكنة، لجذب أكبر عدد من الأصوات لصالحه في الانتخابات التشريعية التي ستعقد الثلاثاء المقبل، خاصة مع تراجع شعبيته بحسب أحدث الاستطلاعات.

وجاءت أحدث محاولاته لكسب الثقة التائهة، ضمن تصريحات أدلى بها أمس الثلاثاء، متعهداً تطبيق السيادة الإسرائيلية على غور الأردن الذي يشكل حوالي ثلث الضفة الغربية المحتلة، إذا ما أعيد انتخابه في 17 سبتمبر (أيلول)، قائلاً: "هناك مكان واحد يمكننا فيه تطبيق السيادة الإسرائيلية بعد الانتخابات مباشرة، وهو غور الأردن".

سلسلة من الوعود

وتقع المستوطنات في المنطقة (ج) في الضفة الغربية والتي تمثل نحو 60 % من الأراضي، بما في ذلك معظم وادي الأردن، والتي يعتبرها السياسيون اليمينيون في إسرائيل منطقة استراتيجية "ولا يمكن التخلي عنها أبداً"، وبذلك يكون هذا الوعد هو الأحدث في سلسلة وعود حملة نتانياهو الانتخابية الرامية إلى الفوز بدعم الناخبين اليمينيين.
وتأتي هذه الخطوة، التي أحدثت صدىً واسعاً في الأوساط الإسرائيلية، مقابل غضب عربي، في ظل تراجع شعبية نتانياهو، وتقدم الحزب الأزرق والأبيض لرئيس أركان الجيش السابق بيني غانتز، بواقع 32 مقعداً للأول و31 للثاني، بحسب استطلاعات رأي حديثة، وهو ما يثير ذعر نتانياهو الذي يعاني أصلاً من قضايا فساد تحوم حوله.
وإلى جانب ذلك، فإن أحزاب اليمين التي يتزعمها نتانياهو، ستحصل مجتمعة على 58 مقعداً، ما يعني أنه لن يستطيع تشكيل الحكومة دون حزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة افيغدور ليبرمان، الذي أصبح عدواً له الآن.

جهود مضاعفة

وفي الأيام الأخيرة، طرح رئيس الوزراء الإسرائيلي العديد من القضايا المصممة لإثارة الرأي العام وتأجيجه، بهدف كسب أصوات اليمين، حيث زار الأسبوع الماضي، المستوطنة اليهودية الصغيرة في قلب مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، والتي تضم حوالي 200 ألف فلسطيني.
وتحدث أمام أكثر المستوطنين تشدداً وحماسة في الأراضي المحتلة، وتعهد بأن المدينة لن تكون أبداً "جودنرين" وهو المصطلح الذي كان يستخدمه هتلر ويعني "خالٍ من اليهود"، وتعهد بتوسيع "السيادة اليهودية" لتشمل المستوطنات عبر الضفة الغربية.

تحذير الأقليات

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، حذر نتانياهو في خطاب إلى مؤيديه الناطقين بالإنجليزية، من أن فوزه في الانتخابات من قبل خصومه قد يعني أن المواطنين العرب في إسرائيل قد يكونون أعضاء في مجلس الوزراء. لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يسعى فيها إلى حشد المؤيدين من خلال التحذير من المكاسب السياسية للأقلية العربية في إسرائيل.
وأمس الثلاثاء، أعاد نتانياهو موضوع ضم مستوطنات الضفة الغربية، حيث يعيش حوالي 450 ألف مستوطن، مشيراً إلى أن خطته تم إعدادها بالتنسيق مع إدارة ترامب، والتي من المتوقع أن تعلن عن خطة سلام الشرق الأوسط التي طال انتظارها في وقت ما بعد الانتخابات الإسرائيلية. ولم يكن هناك أية استجابة من البيت الأبيض.

"قمة اليأس"

ووعد نتانياهو في السابق بضم مستوطنات الضفة الغربية المحتلة، رغم أنه لم يذكر وادي الأردن بالحديد، قبل الانتخابات الوطنية في أبريل (نيسان)، وأدى هذا التصويت إلى طريق مسدود، حيث سيعود الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع لإجراء انتخابات تشريعية الأسبوع المقبل.
وبحسب مراقبين، فإن نجاح تعهداته في التأثير على نتيجة الانتخابات، يعتمد كلياً على ما إذا كان الناخبون يجدونها ذات مصداقية.
يقول الكاتب والمحلل أنشيل فايفر، في تصريح لصحيفة "واشنطن بوست"، إن نتانياهو "يتوقع أن يتلقى دعماً من الناخبين اليمينيين فجأة، بعد كل هذه السنوات التي كان خلالها في السلطة ولم يفعل شيئاً في هذا الاتجاه، وفجأة، قبل أسبوع من الانتخابات، يقول إن هذه هي الفرصة التاريخية.. إنه في قمة اليأس".
من جانبه، قال مدير القانون الدولي في منتدى كوهيليت للسياسات، يوجين كونتوروفيتش، في تصريح للصحيفة، إن إعلان نتانياهو يفتقر إلى المصداقية، وهي المشكلة الأساسية التي يعاني منها رئيس الوزراء"، مشيراً إلى أن "الوعود بالقيام بذلك في المستقبل ليست ذات مصداقية، أو تثير تساؤلات حول سبب عدم تحقيق ذلك حتى الآن".
تصريحات سابقة
وكان نتانياهو كشف خلال تصريحات أدلى بها الإثنين، معلومات سرية عن منشأة نووية إيرانية في مدينة أباده، والتي أشعلت الرأي العام في إسرائيل، حيث صنفت بأنها توظيف لأسرار أمنية بالغة الخطورة من أجل إنقاذ مستقبله السياسي والشخصي، من خلال الحصول على حفنة أصوات إضافية، كما تناقلت تقارير صحافية إسرائيلية.
وتعقيباً على ذلك، نقلت صحيفة "معاريف" العبرية، في عددها الصادر أمس الثلاثاء، انتقادات شديدة وجهها مسؤولون في جيش الاحتلال وجهاز المخابرات "الموساد" لنتانياهو، واعتبروا أن كشفه عن منشأة نووية إيرانية، أمر يضر بالأمن القومي الإسرائيلي، خصوصاً أن المنشأة لم تكن معروفة لدى الغرب، متهمين نتانياهو باستخدام المعلومات الأمنية في الدعاية الانتخابية.
انتقادات لاذعة
ولفت المحلل السياسي للصحيفة بن كسبيت، إلى أن انتقادات الأجهزة الأمنية تأتي على الرغم من أن رئيس الموساد يوسي كوهين، ورئيس أركان الجيش أفيف كوخافي، يدعمان نتانياهو، إلا أن الانتقادات في الجيش والموساد تأتي من قبل الجهات النافذة فيهما الذين سئموا استخدامهم في الحملة الانتخابية لحزب الليكود.
وإلى جانب ذلك، يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي لوائح اتهام في ثلاث قضايا جنائية تتضمن الاحتيال والرشوة وانتهاك الثقة. إذا كل ما بقي أمامه الآن هو أن يسد الثغرات في كسب رهان "السلطة"، لكن كل المؤشرات تظهر أن نتانياهو يتجه نحو أكبر هزيمة سياسية له، وفي حال خسر بالفعل الانتخابات، فإن فرصه في الحصانة من المقاضاة، ستتضاءل إلى حد كبير.