اتفاق شائك بشأن تدابير المناخ..

تراجع فوق المتوقع للتضخم في ألمانيا رغم ارتفاع الأجور

ارشيفية

برلين

أظهرت بيانات اقتصادية تراجع معدل تضخم أسعار المنتجين في ألمانيا على نحو تجاوز التوقعات خلال شهر أغسطس (آب) الماضي.
وأفاد مكتب الإحصاء الألماني يوم الجمعة بأن أسعار المنتجين ارتفعت على أساس سنوي بلغ 0.3 في المائة فقط، مقابل زيادة نسبتها 1.1 في المائة في يوليو (تموز) الماضي. وكان من المتوقع أن ترتفع الأسعار بنسبة 0.6 في المائة.
وعلى أساس شهري، انخفضت أسعار المنتجين بنسبة 0.5 في المائة، مقابل زيادة نسبتها 0.1 في المائة في الشهر السابق. وكان خبراء الاقتصاد يتوقعون انخفاض الأسعار بنسبة 0.2 في المائة.
وباستثناء أسعار الطاقة، ارتفعت أسعار المنتجين بنسبة 0.6 في المائة في أغسطس مقارنة بالعام الماضي، ولكنها ظلت من دون تغيير على أساس شهري. ويأتي التراجع في معدلات التضخم السنوية مدفوعا بانخفاض نسبته 0.9 في المائة في أسعار السلع الوسيطة، وتراجع نسبته 0.3 في المائة في أسعار الطاقة. وارتفعت أسعار السلع غير المعمرة بنسبة 1.7 في المائة، فيما زادت أسعار السلع المعمرة بنسبة 1.3 في المائة، كما ارتفعت أسعار السلع الرأسمالية بنسبة 1.5 في المائة.
وعلى الجانب الآخر، ارتفعت الأجور الحقيقية للموظفين في ألمانيا خلال الربع الثاني من هذا العام. وأعلن مكتب الإحصاء الاتحادي في مقره بمدينة فيسبادن غرب ألمانيا الجمعة أن الأجور الحقيقية ارتفعت بنسبة 1.3 في المائة بالربع الثاني لهذا العام، مقارنة بالفترة الزمنية نفسها لعام 2018، وذلك عقب احتساب ارتفاع أسعار المستهلكين.
وارتفع الراتب الاسمي بنسبة 3 في المائة، وبلغ معدل التضخم نحو 1.6 في المائة. وتواصل الأجور الحقيقية تطورها الإيجابي بذلك منذ مطلع عام 2014. وتجدر الإشارة إلى أن زيادة أجور الموظفين تعني تعزيز قوتهم الشرائية، ما يساهم في تعزيز الاستهلاك الذي يمثل أحد الدعائم المهمة للنشاط الاقتصادي المحلي.
وفي سياق منفصل، ارتفعت نسبة الكهرباء المولدة من مصادر طاقة متجددة في ألمانيا في الربع الثاني من هذا العام إلى 46 في المائة. وأعلن مكتب الإحصاء الاتحادي استنادا إلى بيانات مؤقتة أن إجمالي حجم الكهرباء المولدة من مصادر طاقة نظيفة.
وتأتي هذه النتائج متزامنة مع اتفاق أحزاب الائتلاف الحكومي برئاسة المستشارة أنجيلا ميركل على استراتيجية حول المناخ بعد محادثات ماراثونية بدأتها مساء الخميس، كما أفادت مصادر قريبة من الحكومة، فيما جاب المتظاهرون الشوارع في مسيرات طلبا للتغيير.
وقال مصدر مقرب من الحكومة الجمعة: «حصل اتفاق مع كثير من الإجراءات وآلية تحقق سنوية» تهدف إلى ضمان أن أهداف خفض انبعاثات الغاز ذات مفعول الدفيئة ستتحقق.
وتضم الخطة مجموعة من التدابير، من معالجة الانبعاثات في قطاعي الطاقة والصناعة إلى حوافز للسيارات الكهربائية ذات الانبعاثات المعدومة أو وسائل النقل العام. لكن بعد جلسة ماراثونية استمرت طوال ليل الخميس الجمعة، ظلت ميركل وقادة سياسيون آخرون في طريق مسدود. وحثّ لارس كلينغبايل الأمين العام للحزب الديمقراطي الاشتراكي الشريك الأصغر في الائتلاف الحكومة على التحلي بالصبر. وقال إنّه «من الأفضل التفاوض لمدة ساعة إضافية والحصول على حزمة إجراءات مناخية طموحة في النهاية».
وبينما كان السياسيون في الداخل، رفع المتظاهرون في الشوارع في جميع أنحاء ألمانيا لافتات وملصقات ملونة في طريقهم للانضمام إلى أكبر موجة دولية للإضرابات من أجل المناخ حتى الآن أطلقتها الناشطة البيئية السويدية المراهقة غريتا تونبرغ.
وأغلق المتظاهرون جسرا رئيسيا في وسط برلين كما وضعوا شرائط حمراء وبيضاء في كثير من شوارع العاصمة ما أعاق حركة المرور في ساعات الذروة الصباحية. وفي العاصمة المالية فرانكفورت، نظمت عدة اعتصامات.
وبعد صيفين حارين وانضمام آلاف الشباب إلى إضرابات المدارس أسبوعا بعد أسبوع، بات ملف المناخ في مقدمة أجندة السياسيين في أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي. وبالنسبة للائتلاف الحكومي بقيادة ميركل، فإنّ المخاطر تتزايد.
ومع توقع دخول الاقتصاد بالفعل في انكماش في الربع الثالث من العام المالي الحالي، يبدو تحقيق توافق بين مصالح الصناعات التصديرية التي ترتدي أهمية كبرى، وعدم تجاهل الناخبين الشباب مطالبهم الخضراء، يوما بعد يوم، عملا يحتاج إلى توازن دقيق.
وتأمل ألمانيا في تصحيح المسار الحكومي بشأن المناخ؛ لأن الحكومة متأكدة من أنها لن تكون قادرة على تحقيق الأهداف التي كانت حددتها والمتعلقة بتخفيض انبعاثات غازات الدفيئة بحلول 2020. وهي تأمل في التوصل في 2030 إلى تخفيض الانبعاثات بنسبة 55 في المائة عما كانت عليه عام 1990. وتصدر الصناعات الألمانية نحو اثنين في المائة من الانبعاثات في العالم المسؤولة عن زيادة حرارة الأرض وذوبان جبال الجليد وارتفاع منسوب البحار ومضاعفة عنف الظواهر المناخية.
وينصّ مشروع الاتفاق المؤلف من 130 صفحة على استثمارات تبلغ كلفتها ما لا يقلّ عن مائة مليار يورو حتى عام 2030. ولم يتم بعد الكشف عن تفاصيل هذه الإجراءات. لكنّ نقطة الخلاف الرئيسية كانت عن كيفية وضع تسعير أفضل لانبعاثات الكربون الضارة من النفط والغاز والفحم في النشاط الاقتصادي من أجل تحفيز البدائل النظيفة.