قصة قصيرة

مازلتِ حبيبتي

وداع حبيبتي

سعاد علوي (عدن)

بدت نحيفة الجسد مكسورة القلب .. شاحبة كأنها شبح قادم من أعماقي .. شعرت بغصة ألم في قلبي ..
إلتقيتها وفي قلبينا حسرة وألم على الحب الكبير الذي تجمّد فينا ولم يُكتب له أن يواصل رسالته في نشر عبق زهوره الزكية ونسماته على كل من يعرفنا ولو كان لا يدرك ما بيننا ..
بعد أن كانت باسمة وضاحة الوجه .. وشعاع الشمس يشرق من عينيها ويضيء جبينها الأبيض ليزداد بريقه المكسو بالأمل ..
هي بالنسبة لمن يحيطونها الضحكة والفرح ومنها كانوا يستمدون الأمل .. وبالنسبة لي الحياة بكل معانيها والجميع من حولها لا يعلم مصدر هذه الطاقة الإيجابية التي تمتلكها تلك الفتاة الريفية الصغيرة ..
إلا أنا الذي كنت أعشق الأرض التي تمر عليها خطواتها ..
وهي كذلك كانت تبادلني العشق ..
فعشقنا هو مصدر تلك الطاقة ..
أصبحت شاحبة .. نظراتها تائهة .. ونور وجهها خافت .. كأنها شبح قادم من أعماقي ..

إلتقيتها وكنت أتمنى أن أقول لها أنني لم أنساها لحظة واحدة .. وأنني التقي طيفها كل ليلة .. وأحضنه بين عيني وأغطيه بجفوني ..
إلتقيت عيناها .. وغصت فيهما علني أجد حبيتي التي كانت معي في مرحلة من عمري .. أو أجد روحي التي رحلت معها يوم تركتني وافترقنا ..
حبيبتي .. مازلتِ رغم كل السنين ورغم المسافات .. ورغم أنك لستِ لي .. حبيبتي ..
إلتقيك اليوم وكان أملي أن أصف لك أشواقي التي أحرقت مهجتي بفراقك ..
إلتقيك وكنت أظن أني مازلت حبيبك ..
فهل فعلا مازلت حبيبك ؟ مثلما أنت مازلتِ حبيبتي
كم كان يؤرقني هذا السؤال ويحترق جوفي كلما فكرت بك وانتِ بين يدي رجل غيري ..
وعيناك لا تلتقي إلا بعينيه ..
وأنا هنا أجتر ذكريات طفولتي وصبايا الذي ذهب معك يوم ذهبتِ عني وتركتني ..
ولكني حين التقيتك ذلك اليوم لقيت إجابات كل أسئلتي من نظرة واحدة فقط في عينيك ..
نظرة ترجمت من خلالها كل المعاني .. وطوت بيدها كل السنين التي مضت بعذاباتها ..
وقلتِ لي كلاماً لا تترجمه غير لغة القلوب ..
أنني مازلت حبيبك تماماً مثلما أنت مازلت حبيبتي ..

تلك التي يهواها قلبي .. ولكنها لن تكون لي أبداً ولن أكون لها ..
وهذا الحب الكبير سيظل خالداً .. وفي قلبينا أسير ..

كانت تحمل على كتفها طفلتها العليلة .. أخذت منها الكثير من الملامح حتى يبدو وكأنها أخذت من انكسارها حين أتت إلى الدنيا رغماً عنها عاجزة عن الحركة ..
تلك كانت نتيجة ظلم الأهل وتعنتهم في فرض رغبات أنانية لا مبرر لها غير فرض التحكم بمصير أبنائهم وبناتهم ..
وودعتها بصمت .. غير أن قلبي كان يصرخ فيّ ويحاول أن يحرضني على أخذ حقي ..
لكنني عجزت ..
وعجزت هي معي وتحملت كل هذا العذاب الذي بدت آثاره على وجهها الشاحب وجسدها النحيل ..
حبيبتي أنا آسف فلم أكن ذلك الفارس الذي يستطيع أن يخطفك على حصانه الأبيض ويذهب بك بعيداً عن ظلم أهلك وأهلي ..
لكنني سأظل أحملك في قلبي ..
وأحتضن طيفك كل ليلة في عيوني وأغطيه بجفوني ..
وستبقين حبيبتي مثلما أنا سأبقى حبيبك إلى الأبد ..
سعاد علوي
10/5/2017