والدة احدهم رفضت لقائه،وآخر : “ إسرائيل ما بتنفع "

هكذا تمّ إعدام عملاء في غزة

ارشيفية

وكالات (عمان)
كانت تشير عقارب الساعة الى الرابعة والنصف من عصر الخميس، عندما تدافع ما يزيد عن مائتي شخص على البوابة الجنوبية لمقر الشرطة الفلسطينية وسط مدينة غزة (الجوازات)، يدفعهم الفضول لحضور مشهد إعدام العملاء الثلاثة المدانين بجريمة اغتيال الشهيد مازن فقها.
وما هي إلا لحظات حتى وصل إلى البوابة اللواء توفيق أبو نعيم وكيل وزارة الداخلية، وأعطى قرارا بالسماح للجميع بالدخول، حسب ما نشر موقع "غزة الان”.
داخل مسرح تنفيذ الاعدام، الذي تم في الجهة الشرقية من مقر الشرطة، تجمّهر ما يزيد عن ألفي شخص لحضور عملية التنفيذ.
على الناحية الشمالية من المنطقة المقررة للتنفيذ، اصطف ما يقرب من 40 عنصر أمن من الوحدة الخاصة، يرتدون لباسا وقناعا أسود، فيما اصطف ما يزيد عن 20 آخرين على الجهة الجنوبية.
في المنطقة الشرقية للتنفيذ تم نصب المشنقة وإغلاقها من ثلاث جهات (بشادر) أسود، فيما قف بداخلها ثلاثة من أفراد الشرطة ملثمين، وإلى اليسار منها نُصب شاخص الإعدام رميا بالرصاص (المطخ)، مكونا من ألواح خشبية، وخلفا منها أكياس رملية ومكعبات اسمنتية
عبر مكبرات الصوت علا صوت المقدم أيمن البطنيجي بـ "أمر عسكري” بوجوب إغلاق الهواتف، وعدم استخدامها، والنداء بالانتشار لعناصر المباحث بين الحاضرين، واعتقال كل من المخالفين.
في الرابعة وأربعين دقيقة دخل مسرح التنفيذ "جيبي” شرطة، بينهما باص هونداي ترجل منه عدد من الجنود الملثمين.
وخلال عملية التحضير للإعدام رصدت الصحافة طائرة استطلاع اسرائيلية تحوم في سماء المنطقة، فيما أطلقت وزارة الداخلية طائرة تصوير بالمكان.
توقفت خلف مكان التنفيذ ثلاث سيارات إسعاف، أبوابها مفتوحة ومتأهبة لنقل الجثث عقب التنفيذ.
وإلى جوار المقر، شاهد مراسل صحفي عددا من الشبان يعتلون أسطح الابنية؛ في محاولة منهم لرؤية تنفيذ الحُكم، فيما كان من بين الحضور عدد قليل من النسوة.
عند الساعة 4:55 بدأت تلاوة آيات القصاص، تلاها كلمة مقتضبة للعميد أبو نادر سليمان رئيس القضاء العسكري، وسرد تفاصيل متابعة القضية، وختم بالقول "بناء على قرار رئيس نيابة قوى الأمن الداخلي، يتم مباشرة تنفيذ الحكم شنقا ورميا بالرصاص”.
في تمام الخامسة وخمس دقائق، نزل من السيارة المتهم الأول "أ.ل”، وكان مرتديا "بدلة الاعدام الحمراء”، مغطى الرأس، ويديه محكمة خلف ظهره، ويمسك به اثنين من عناصر الشرطة الملثمين.
تم تلاوة قرار المدّعي العام بتنفيذ حكم الاعدام شنقا بحق المتهم، وعقبها وصل وكيل وزارة الأوقاف حسن الصيفي الذي وضع يده على كتفه الأيمن، ولقّنه الشهادتين.
قبل تنفيذ الاعدام، قال الصيفي عبر مكبر الصوت: "المتهم طلب مني إبلاغكم بأنه نادم، ويدعوكم للدعاء له، لا الدعاء عليه”.
كانت الساعة الخامسة وعشر دقائق، عندما صعد الجاني بحركة بطيئة إلى خشبة الإعدام، وتخطى سبع درجات، يمسك به اثنين من الملثمين.
وقف الجاني أمام حبل المشنقة، الذي التف حول رقبته بشكل محكم قبل أن ينزلق "الجرار” أسفل منه، وترتفع أصوات الحضور بالتكبير.
لحظة التنفيذ أصاب المراسل الصحفي دوار من هوْل المشهد، الذي تبعه سرد ملخص الادانة والجرائم التي ارتكبها أثناء تعاونه مع مخابرات الاحتلال.
بقي الجاني معلقا لمدة 15 دقيقة، حتى دخل عليه الطبيب الشرعي؛ للتأكد من وفاته، ومن ثم نقله مباشرة عبر سيارة الاسعاف التي غادرت المكان، من البوابة الغربية لمجمع الجوازات.
مع انتصاف الساعة بعد الخامسة، وصلت السيارة التي تقل المتهم الثاني "ه.ع″. بدت حركته أكثر بطئا من سابقه عند نزوله من السيارة، ووقف قليلا حتى تم تلاوة قرار النائب العسكري، وسرد لائحة الاتهام بحقه.
وبعد تلقينه الشهادتين، طلب المتهم الحديث للحضور، وقال بصوت مرتجف وخافت قائلا: "ادعو كل عميل لتسليم نفسه، لأن إسرائيل ما بتنفعه، وسامحوني، وادعولي، ويا ربي ارحمني يا الله”.
وأكمل حديثه: "ديروا بالكم على أولادي”، ثم اجهش بالبكاء. وبذات الطريقة صعد إلى المشنقة وتم تنفيذ الحكم بحقه، وبقي معلقا لعشر دقائق حتى تم معاينته من قبل الطبيب الشرعي، وخلال تلك الفترة سرد ملخص الادانة بحقه، أبرزها تلقيه ما مجموعه 200 ألف دولار من الاحتلال على مدار 20 عاما.
وقبل أن ينفذ الاعدام بحق العميل الثالث، فتح المجلس الأعلى للقضاء العسكري باب التوبة أمام العملاء، ومنحهم مهلة أخيرة لتسليم أنفسهم مقابل تخفيف العقوبة.
وقرر المجلس الاعلى فتح المجال أمام وسائل الاعلام؛ للاطلاع ونقل شهادات العملاء حول كيفية وقوعهم بالعمالة دون ذكر أسمائهم؛ بهدف توعية المواطنين، وعدم انزلاق أي منهم في "وحل العمالة”.
وقبل اتمام الساعة السادسة بخمس دقائق، وصل المدان "ع.ن” بسيارة هيونداي لا تحمل لوحات، ونقل لجانب وكيل وزارة الاوقاف لتلقينه الشهادتين، وقال عقبها الصيفي "لا يستطيع التحدث إليكم وكان يود الاعتذار، لكنه أبدى ندمه، وقال إنه يستحق الاعدام”.
تم اقتياد المدان من قبل أربعة ملثمين الى شاخص التنفيذ "المطخ”، وقيدوه بشكل محكم من صدره وقدميه، وبعد اخلاء المنطقة الخلفية لمسرح التنفيذ ، اتخذ سبعة من الملثمين وضعية إطلاق النار، وبأربعة رصاصات من كل منهما نفذوا الحكم.
انفض مسرح الاعدام، وغادر الناس أماكنهم، وانقلب العملاء الى ربهم، وبذلك أقفل محضر القضية.”
وقال موقع "غزة الاخباري” انه قبل تنفيذ حكم الإعدام به مع اثنين آخرين أدينا باغتيال القائد القسامي مازن الفقها في مارس/ آذار الماضي، طلب المدان الثالث من جهاز الأمن الداخلي التابع لحركة حماس في قطاع غزة، كأمنية أخيرة أن يذهب إلى منزل العائلة ليودع والدته ويطلب منها أن تسامحه على «خيانته»، فلبى له الأمن هذه الأمنية.
وحسب الموقع فإن عددا من رجال الأمن اصطحبوه في زيارة خاطفة إلى باب منزل عائلته، لتخرج والدته وتقول أمام ابنها ورجال الأمن «الضيف غير مرحب به» وأغلقت الباب.
وصباح الجمعة طالب مركز حقوقي فلسطيني في قطاع غزة، الجهات المختصّة بالقطاع بوقف إصدار عقوبة الإعدام، قبل استكمال إجراءات التقاضي النصوص عليها قانونيًا.
وقال المركز: "نطالب السلطات بوقف العمل بعقوبة الإعدام ووقف إصدارها، دون استنفاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة، الأمر الذي يمس بقانونية التنفيذ ومدى مشروعيته”.
وأضاف "المحاكمة العسكرية الميدانية التي جرت الأحد الماضي، شكّلت سابقة خطيرة تحدث لأول مرة في غزة من حيث محاكمة مواطنين أمام المحكمة التي لا تقبل أي وجه من أوجه الطعن، وبالتالي تصبح أحكامها نهائية”.
ووصف المركز، المحاكمة بأنها "تفتقر لأبسط معايير المحاكمة العادلة، نظراً لإصدار حكمها خلال أسبوع واحد فقط”.
وأشار إلى أن "أحكام الإعدام اتخذت بناء لما هو منصوص عليه في قانون أصول المحاكمات الجزائية الثوري لسنة 1979، وقانون القضاء العسكري رقم (4) لسنة 2008، وقانون العقوبات الثوري 1979″.
وذكر المركز، أن "تلك القوانين غير صادرة عن المجلس التشريعي، كما أنها لم تُعرض عليه لإقرارها”.
وأوضح المركز، أن تلك القوانين "ليست من منظومة التشريعات التي سنها المجلس التشريعي وفقاً لآليات سن القوانين، والتي حددها كل من القانون الأساسي الفلسطيني وكذلك النظام الداخلي للمجلس التشريعي”.
واعتبر أن محاكمة المتهمين أمام محكمة الميدان العسكرية والإجراءات التي أعطت شكلا صوريا للمحاكمة دون المضمون، تعتبر "تعدٍ على ضمانات الحماية التي وفّرتها منظومة التشريعات الفلسطينية للمتهم، وهو تعد على منظومة العدالة”.
ورأى أن "عقوبة الإعدام في فلسطين لم تحقق الردع ولم تمنع الجريمة”.
وطالب المركز، هيئة القضاء العسكري بـ”احترام القانون الأساسي، وإعطاء كافة المتهمين حق الدفاع عن أنفسهم والتوقف عن النظر في قضايا المدنيين ومصادرة صلاحيات القضاء المدني”.
ومساء  الخميس، نفّذت وزارة الداخلية (تابعة لحماس) في قطاع غزة، حكم الإعدام بحق ثلاثة أشخاص متورطين باغتيال "مازن فقهاء”، القائد في كتائب عز الدين القسّام، الجناح المسلح للحركة.