اللجنة الدولية للصليب الأحمر:

المدنيون الأكثر ضحايا في العراق وسوريا واليمن

مواطنون يفترشون المشافي بحثا عن العلاج في اليمن

خاص (عدن)

كشف تقرير جديد صادر عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر دُشّن اليوم أن قتلى المدنيين في المعارك التي تُشن في المدن يبلغ خمسة أضعاف قتلاهم في غيرها من المعارك.

وكشف التقرير – الذي يحمل عنوان "رأيت مدينتي تحتضر" – أيضًا أن ما يقرب من نصف إجمالي الخسائر البشرية التي وقعت في صفوف المدنيين بسبب الحروب على مستوى العالم وقع في سورية والعراق واليمن، وهي البلدان التي تمثل محور التركيز الرئيسي للتقرير.

يقول السيد "روبير مارديني"، المدير الإقليمي باللجنة الدولية للصليب الأحمر لمنطقة الشرق الأوسط والأدنى: "يظهر البحث الذي أجريناه على مدار الأعوام الثلاثة الماضية أن الحروب التي تُخاض في المدن تسببت في 70 في المائة من إجمالي عدد الوفيات التي وقعت في صفوف المدنيين في كل من العراق وسورية، وهي حتمًا نسبة مفزعة. وهذا يوضح إلى أي مدى بلغت الآثار المُهلكة لهذه المعارك. الأمر الذي يدق نواقيس الخطر مع اندلاع معارك جديدة في مدن مثل الرقة في سورية، أو مع احتدامها في مدينة الموصل العراقية. هناك مستوى جديد من المعاناة في المدن، حيث العنف الذي لا يبقي ولا يذر إنسانًا ولا شيئًا".

وتستند نتائج البحث إلى تحليل أوّلي لاتجاهات المعارك والبيانات على مدار الأعوام الثلاثة الماضية في العراق وسورية. ويتضمن التقرير شهادات يرويها سكان من مدينة حلب في سورية، والموصل في العراق، وتعز في اليمن، بالإضافة إلى تحليلات الخبراء. ويعرض التقرير صورة حية لآثار الحصارات، واستخدام الأسلحة المتفجرة، والضرر الواسع النطاق الذي يلحق بالبنية التحتية الأساسية.

وقد أسفرت النزاعات في هذه البلدان عن مستويات من النزوح الداخلي والهجرة غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية. إذ فرّ أكثر من 17 مليون عراقي وسوري ويمني من ديارهم. وثمة خطر ماثل في أن يطول أجل هذه المعارك حال عدم التوصل إلى حلول سياسية حقيقية قريبًا. ويعزى الدمار الهائل الذي تخلفه حروب المدن إلى الطريقة الّتي تُخاض بها. إذ تخفق الأطراف المسلحة في التمييز بين الأهداف العسكرية والبنى التحتية المدنية، بل هناك ما هو أسوأ من ذلك؛ فبعضها يستغل تلك البنى التحتية أو يستهدفها استهدافًا مباشرًا.

ويضيف السيد "مارديني": "ثمة التزام يقع على أولئك الذين يملكون سلطة التصرّف. يتعين على الأطراف المتحاربة أن تدرك الأثر الكامل للقتال على الأشخاص الذين يأملون في نهاية المطاف أن يحكموهم، هل سيكون باستطاعة المنتصرين الحفاظ على السلام إذا شعر الناس أنهم لم يحترموا القانون ولا أبسط مبادئ الإنسانية تجاه المواطنين المحليين؟ إن عواقب هذا العنف سيظل صداها يتردد لأجيال، وهناك خطر حقيقي ماثل في أن تصبح المدن التي تشهد هذه النزاعات ببساطة حاضنات لتفريخ المزيد من العنف في المستقبل". ويتابع قائلًا: "على الدول التي تدعم أطرافًا في النزاعات أن تبذل كل ما في وسعها لكبح جماح حلفائها ولضمان احترام القانون الدولي الإنساني بصورة أفضل. وبمجرد أن يخفت دويّ المدافع، سيقع على عاتق السكان والمنظمات المحلية أداء دور محوري في إعادة بناء مجتمعاتهم المحلية".

ويتناول التقرير كذلك الحرب الأهلية في لبنان التي دارت رحاها على مدى 15 عامًا، وينظر في الدروس التي يمكن استخلاصها من حالة بيروت، والتي من شأنها أن تساعد في ضمان نهوض المجتمعات المحلية من جديد بعد أن تنفض عنها آثار هذا العنف الموغل والممتد.