اختيار لبنان لتسهيل دخول عناصر حزب الله..

خبـراء: المقاطعة تزلزل قطاعي السياحة والسفر في قطر

القرار القطري يهدف لتخفيف الخسائر التي منيت بها خلال الفترة الماضية

عمار يوسف (الرياض)

أجمع خبراء ومحللون سياسيون واقتصاديون سعوديون، على أن إعلان دولة قطر إعفاء مواطني 80 دولة من تأشيرة الدخول إلى أراضيها، جاء تأكيداً لتأثر قطاعي السفر والسياحة القطري الفوري والسريع بمقاطعة الدول الداعية إلى مكافحة الإرهاب، حيث بدأ القطاعان في التراجع السريع، ما يؤدي إلى انهيار كامل إذا ما استمرت المقاطعة لفترة أطول لكون القطاعان يعتمدان بشكل أساسي على السياح الخليجيين.

وأشاروا في تصريحات لـ «الاتحاد» إلى أن قرار إعفاء مواطني 80 دولة من تأشيرة الدخول لن يحدث تغييراً جوهرياً في خارطة السياحة القطرية واستقطابها لزوار جدد، إذ إن الخليجيين يمثلون النسبة الأكبر من محركي قطاعي السفر والسياحة في قطر، فيما يشكل السعوديون وحدهم ثلث العدد الإجمالي للسياح الذين زاروا الدوحة العام الماضي، بينما لم تتجاوز نسبة السياح الأوروبيين والقادمين من أروربا 14.4% فقط من إجمالي الزوار الذين يقصدون الدوحة، وذلك على الرغم من أن الخطوط القطرية ذات نشاط مرتفع إلى مختلف أنحاء دول أوروبا. وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك عبد العزيز الدكتور سعيد بن علي الغامدي، إن إعلان دولة قطر إعفاء مواطني 80 دولة من تأشيرة الدخول إلى أراضيها، أكبر دليل على أن قطاع الطيران والسياحة في قطر كان أكبر القطاعات الخاسرة اقتصادياً جراء مقاطعة الدول الأربع الداعية إلى مكافحة الإرهاب، والتي أجبرت الدوحة على استخدام الموانئ الجوية لدول أخرى في حركات السفر منها وإليها، مشيراً إلى أن انخفاض معدل الرحلات (الجوية والبحرية) إلى ما يقارب 50% على المدى القصير، مع توقع ارتفاعها هذه النسبة على المدى المتوسط، سيكبد قطاعي السفر والسياحة خسائر فادحة لن تجدي معها فتح المجال لمواطني 80 دولة لزيارة الإمارة.

وأضاف: «من الغريب أن قائمة الثمانين دولة المعنية بالقرار القطري ليس فيها سوى دولة عربية واحدة، وهي لبنان، ما يجعل إمكانية الاستفادة من القرار عملياً أمراً محدوداً جداً»، وتساءل عن مغزى إعفاء اللبنانيين من التأشيرة، وهل المقصود منها فتح باب الإمارة الداعمة للإرهاب لمنسوبي حزب الله اللبناني لدخول قطر بكل يسر وسهولة أم ماذا؟ حيث تعد لبنان الدولة العربية الوحيدة بين الدول الـ 80 التي تشمل دول الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى دول غربية أخرى، ودول لاتينية وأخرى آسيوية، في حين أن لبنان نفسها وجهة سياحية جاذبة للسياح أفضل من قطر وليست دولة مصدرة للسياح.
وأوضح الغامدي أن قرار الإعفاء من التأشيرة القطرية لمواطني 80 دولة، يهدف لتعويض الخسائر التي تكبدها قطاعا السياحة والطيران القطريان نتيجة خسارتهما للسائح الخليجي الأكثر إنفاقاً عالمياً واللجوء إلى استقطاب سياح من أسواق أخرى ليست لها الدراية الكافية بالسياحة القطرية، وهي محاولة فاشلة لأن السوق السياحي القطري منذ نشأته اعتمد على الخليجيين وليس على الأجانب الذي سمح لهم بدخول قطر من دون تأشيرة.

ومن جهته، أوضح الكاتب والمحلل السياسي طارق محمد الغناشي، أن إعفاء مواطني 80 دولة من تأشيرة الدخول إلى قطر بعد منع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب الأربع دخول الطائرات القطرية إلى مطاراتها، جعل مطار ابن حمد الدولي خالياً على عروشه، وهو ما يعني انهيار السياحة في قطر وشل حركة الطيران بعد أن كانت قطر إلى وقت قريب قبيل المقاطعة تعد من الوجهات العشر الأولى الأكثر استهدافاً من السائح السعودي على مدار العام، مشيراً إلى أن السياح السعوديين يشكلون ما نسبته 35 في المائة من إجمالي عدد السياح بشكل عام.

وأوضح أن قطر تحاول من خلال السماح لرعايا الدول الثمانين بدخول أراضيها من دون تأشيرات الالتفاف على قرار المقاطعة الذي كبد القطاع السياحي والفنادق في قطر خسائر فادحة، مشيراً إلى أن الحظر الجوي الذي فرضته الإمارات والسعودية والبحرين ومصر على قطر، وضع شركة الخطوط الجوية القطرية أمام العديد من المشكلات التي ساهمت في تراجع حظوظها في المنافسة الإقليمية والعالمية، وسبب لها خسائر مباشرة وغير مباشرة تقدر بمئات الملايين من الدولارات.

وقال إن القرار القطري يهدف لتخفيف الخسائر التي منيت بها خلال الفترة الماضية، ولكن الغريب في القرار أنه يتضمن دولاً كانت معفية أصلاً من التأشيرة مثل دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا ونيوزيلندا، وضمت في الوقت ذاته دولاً صغيرة جداً مثل الفاتيكان وسان مارينو وموناكو وأندورا وسيشل، وهي دول لا تعرف بأنها دول مصدرة للسياح، ما يعني أن القرار لن يسفر عن أي نتائج

أما الباحث في العلاقات الدولية الدكتور يحيى بن ناصر الشلوي، فقد اعتبر أن محاولة استقطاب سياح من دول جديدة إلى السوق القطري، أمر يحتاج إلى وقت طويل حتى يتم تسويق المنتجات السياحية القطرية لدى هذه الدول الثمانين التي تم إعفاء رعاياها من التأشيرة كشرط لدخول قطر في الوقت الذي تعانى فيه الدوحة انهيار السياحة الداخلية، وغلق 97% من الفنادق السياحية بالإمارة، بسبب المقاطعة التي وجهت صفعة قوية للسياحة والطيران القطري، مشيراً إلى أن أن قطع العلاقات مع قطر وحظر المجال الجوي على الطيران القطري، أفقداها الميزة التنافسية، وبالتالي ارتفعت تكلفة التذاكر على السياح الأوروبيين وغيرهم، حيث إن نسبة الركاب سجلت تراجعاً كبيراً.
وأضاف أن الغريب والمثير في القرار القطري بإعفاء مواطني 80 دولة من التأشيرة هو أنه لم يتضمن أي دولة عربية سوى لبنان، ما يطرح تساؤلاً إذا ما كانت الدوحة تخطط لاستقطاب عناصر حزب الله اللبناني المصنف دولياً كجماعة إرهابية لمساعدة قوات الحرس الثوري الإيراني والقوات التركية في حماية أميرها تميم بن حمد. وقال إنه بحسب القرار القطري، فإن الجنسيات المعفاة من التأشيرة تنقسم إلى مجموعتين، الأولى تتكوّن من 33 جنسية تحصل على إعفاء سارٍ لمدة 180 يوماً من تاريخ الإصدار، ويُسمح لها بالبقاء في دولة قطر لمدة 90 يوماً خلال زيارة واحدة أو زيارات عدة، والثانية تتكوّن من 47 جنسية تحصل على إعفاء سارٍ لمدة 30 يوماً من تاريخ الإصدار، وهو قابل للتجديد لمدة 30 يوماً أخرى، ويُسمح لحامله بالبقاء لمدة 30 يوماً من خلال زيارة واحدة أو زيارات عدة.

وأوضح الشلوي أن قرار الدوحة بشأن إلغاء التأشيرة لرعايا 80 دولة، محاولة لإنقاذ الخطوط الجوية القطرية من الإفلاس بعد أن منعت من التحليق فوق أجزاء كبيرة من الشرق الأوسط، حيث إن الأجواء السعودية والمصرية شاسعة جداً، وإذا ما أضيفت لها الأجواء الإماراتية والبحرينية، فإن مساحة تحليق شركة الطيران القطرية ستكون محدودة ومساراتها البديلة مكلفة اقتصادياً، إذ إنها اضطرت إلى استخدام طرق بديلة طويلة للرحلات الجوية إلى أوروبا ووجهات في أميركا الشمالية.