دور أمريكي محوري..

هل تنجح العملية العسكرية الرابعة ضد القاعدة في أبين؟

حملة عسكرية سابقة لأبين

عبدالله سميح (عدن)

تتجدد الحملة العسكرية على محافظة أبين، المتاخمة للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن، للمرة الرابعة، خلال 5 سنوات، لتطهيرها من عناصر تنظيم القاعدة، التي لا تزال نشطةً في أبين من خلال هجماتها وعملياتها التي تستهدف العسكريين والمسؤولين الأمنيين.


وبدأت منذ نحو أسبوعين، ألوية عسكرية تابعة للمنطقة العسكرية الرابعة، وقوات أخرى تابعة لقوات الحزام الأمني، في الانتشار العسكري في مناطق المحافظة الساحلية وأجزاء من المناطق الريفية، تزامنًا مع زيارة لرئيس الحكومة اليمنية، أحمد عبيد بن دغر، إلى زنجبار، عاصمة أبين، جنوبي البلاد، والتي أكد فيها اهتمام الحكومة في الفترة الحالية والمستقبلية بالجوانب الأمنية والخدمية، من خلال خطط حكومته وبدعم من التحالف العربي في هذه الجوانب، بما في ذلك الاستمرار”في تصفية فلول عناصر الإرهاب، ودك أوكارها دون هوادة أو تهاون”.

وعقب انتشار القوات العسكرية بأيام، شن تنظيم القاعدة هجومًا بسيارة ملغمة، استهدف مقر اللواء 103 مشاة، بمنطقة جحين، أودى بحياة 5 جنود وأصاب أكثر من 25 آخرين، وسبق ذلك عملية أخرى استهدفت مبنى لقوات أمنية بمديرية المحفد، شرقي أبين.

وسبق أن شهدت محافظة أبين 3 عمليات عسكرية شنتها القوات الحكومية وقوات موالية لها، ضد تنظيم القاعدة، كانت أولاها عقب سيطرة التنظيم على المحافظة وإعلانها إمارة إسلامية بين عامي 2011 – 2012، لتتبعها حملتان أخريان في أبريل/ نيسان وأغسطس/ آب، من العام الماضي، دعمتهما قوات التحالف العربي، إلا أن جميع تلك العمليات العسكرية لم تتوغل في المناطق الجبلية والريفية التي تعد المعاقل الرئيسية التي غالبًا ما تمثل ملاذًا لعناصر التنظيم عند اشتداد القبضة الأمنية، وتتخذها منطلقًا للعودة.

صعوبة أبين

ويعتقد الخبير في شؤون تنظيم القاعدة، سعيد الجمحي، أن”عدم نجاح الحملات العسكرية السابقة في استئصال التنظيم يعود لصعوبة تكمن كلها في محافظة أبين، التي تعتبر المعقل الأهم للتنظيم، فضلًا عن كونها إحدى أكبر مصادره البشرية”. كما أن معظم قيادات القاعدة من محافظة أبين، وكذلك غالبية عناصره.

وتمكن التنظيم من إقامة أول إمارة تابعة له في أبين، وبشكل علني، وسيطر عليها لأكثر من عام، مارس خلالها دور السلطة الحاكمة، من خلال مراكز الشرطة والمحكمة التي أدارها أعضاؤه، كما استطاع مواجهة قوات الجيش اليمني الرسمي، في أكثر من معركة، تمكن خلالها من أسر العشرات من الجنود والضباط.

وقال الجمحي في حديثه لـ”إرم نيوز”:”إن الروابط الاجتماعية والقبلية بين عناصر تنظيم القاعدة في محافظة أبين، جعلت التنظيم يحصل فيها على قدر كبير من الحماية والتعاطف الشعبي، وبكل تلك المميزات لأبين، صارت هي أهم معاقل التنظيم”.

وحول الدور الأمريكي في محاربة القاعدة في اليمن، وفي أبين وأجزاء من محافظة شبوة، التي تحتل المركز الثاني بعد أبين من حيث المميزات والمكانة للقاعدة، أشار الجمحي إلى أن”هذا الدور ظل طوال الفترات السابقة مقتصرًا على استهداف قيادات القاعدة وأبرز عناصرها جوًا، وهنا حقق الأمريكيون نجاحًا ملموسًا، لكن ظلت قدرات التنظيم متجددة، من خلال استقطاب العناصر والتوسع والتمدد خارج قدرات الأمريكيين”.

وأضاف الجمحي:”مؤخرًا، بدأ الدور الأمريكي يتوسع ليشمل مواجهات مباشرة ضد التنظيم ولكنه دور محدود، لا يمكن من خلاله أن يتحقق النجاح الحقيقي، لاسيما في غياب الدولة اليمنية وعجزها عن انتهاج استراتيجية شاملة وفاعلة”.

توسع أمريكي

ويقول رئيس مركز عدن للبحوث الاستراتيجية، حسين حنشي:”إن الدور الأمريكي هو محوري من ناحية ثقل أمريكا السياسي، أكثر منه تواجد مباشر على الأرض، حيث إن وجود الولايات المتحدة الأمريكية خلف هذه العملية العسكرية سيجعل الجهات التي تفكر بتعطيلها تعيد حساباتها أكثر”.

وأضاف حنشي في حديثه لـ”إرم نيوز” أن”الحملة الحالية تختلف عما سبقها، من حيث التصميم والشمول لمناطق أخرى هذه المرة، كونها لقوات عسكرية يمنية مدعومة من الإمارات بشكل مباشر، وأمريكا لوجستيًا ومعلوماتيًا”.

متغيرات محلية وإقليمية

وأشار حنشي إلى أن”أهم هذه المتغيرات المحلية والإقليمية، هي أن جماعة الإخوان المسلمين النافذة في الحكومة الشرعية، هي حاليًا في الزاوية، وليست مثل السابق، وقدرتها على تعطيل مهمة تأمين الساحل الجنوبي ومحافظاته، ومنها أبين، ضعيفة، إلى جانب أن الجماعة المرتبطة بقطر المحاصرة تئن تحت خطوات معاقبة وقوائم بحق شخصياتها، لن تخاطر في مواجهة الإمارات والجنوبيين وأمريكا، والتورط بتعطيل الحملة الحالية كما سبق”.


ولفت حنشي إلى أن التنظيمات التي تستهدفها الحملة العسكرية في أبين “مرتبطة بمأرب، تمويليًا وإدارة، وقدرة الجماعة التي تديرها أصبحت محدودة ومحاصرة، وبالتالي سينعكس ذلك على نجاح الحملة”.

من جانب آخر، يرى المحلل السياسي، منصور صالح، أن”جهود تأمين محافظة شبوة، المجاورة لأبين من الجهة الغربية، وانتشار النخبة الشبوانية فيها، ستساعد على حصار الجماعات المتطرفة في أبين، وقطع خطوط الإمداد أو التعزيزات التي كانت تأتيها سابقًا من شبوة ومأرب وحضرموت”.

وقال صالح في حديثه لـ”إرم نيوز”:”إن الوحدات الأمنية وقادتها مختلفون عن قادة الحملات السابقة، فهم قيادات ذوو كفاءة، ويحظون بدعم التحالف العربي، لكن يظل المقياس لنجاحها هو العمل في إطار إحداث تغيير وتفاعل حقيقي في إطار المجتمع المحلي في بعض المناطق، ليكون عاملًا مساعدًا لجهود الأمن والجيش، وليس حاضنة توفر الأمان والملجأ لهذه الجماعات، بدلًا من محاربتها”.