عقب تدميرها من قبل الاحتلال اليمني..

مؤسسة النقل البري.. تنتفض من جديد بدعم إماراتي

وقعت دولة الإمارات مذكرة تفاهم مع وزارة النقل اليمنية لإعادة تشغيل مؤسسة النقل البري

نوار أبكر ونبيل القعيطي (عدن)

تعود المؤسسة العامة للنقل البري في العاصمة عدن مجدداً، بعد أن دخلت في موت سريري أواخر العام 2001.

تلك المؤسسة التي ظلت تعمل قرابة خمسة وعشرين عاما في خدمة أبناء الجنوب من نقل الطلاب إلى المدارس والجامعات وحتى رياض الأطفال ونقل الموظفين والعمال إلى أعمالهم في الصباح الباكر، إضافة إلى دورها في نقل المرضى، حيث كانت تتوفر سيارات اجرة تابعة لمؤسسة النقل البري في كافة اقسام الشرطة لاستلام بلاغات من المواطنين، وتقوم بدورها بنقل المرضى من منازلهم الى المستشفى.

ولم يقتصر عمل المؤسسة على ذلك فقط، ولكن عملت في عهدها الذهبي على نقل البضائع من ميناء عدن الى كافة المحافظات الجنوبية بسعر تكلفة البضاعة بدون اي زيادة مالية، فوجود الدولة آنذاك ساعد كثيراً في استقرار اسعار البضائع لاسيما البضائع الغذائية.

 

صحيفة (اليوم الثامن) زارت مقر مؤسسة النقل البري وأجرت لقاء مع المدير التنفيذي للمؤسسة الأخ محمد حسين العبادي، والذي تحدث عن العصر الذهبي للمؤسسة، وكيف كانت تعد عملاق النقل البري الذي يقوم بخدمة أبناء الجنوب، ثم كيف تسببت الوحدة عام 1990 في التدمير الممهنج لهذا العملاق.

 

نشأة المؤسسة

 

يتحدث مدير المؤسسة قائلا: أنشئت المؤسسة العامة للنقل البري في العام 1975 وكان مقرها في جزيرة العمال بمديرية خورمكسر، وكانت تحتوي على عدة اقسام للنقل البري، منها: شاحنات النقل الثقيل للمحافظات وللمناطق النائية، وحافلات نقل المواطنين، وانتقلت المؤسسة بعد ذلك  الى منطقة عبدالقوي في مديرية الشيخ عثمان العام 1986، حينما قامت دولة اليابان ببناء مقر جديد للمؤسسة على مساحة تسعة وخمسين الف متر مربع.

ويحتوي مقر المؤسسة على عدة هناجر كبرى تستخدم كورش لصيانة اسطول النقل البري التابع للمؤسسة بأحدث الآلات، وورش معدة خصيصاً لإصلاح السيارات، ومنها خاصة بطلائها وصيانة الإطارات، وعملت هناجر مخصصة تستخدم (جاراج) لأسطول المؤسسة.

 

 

العهد الذهبي لعملاق النقل البري

 

يقول العبادي: ان مؤسسة النقل البري كانت تعمل كـ(خلية نحل)، عندما كانت في عهدها الذهبي، فكان أسطول المؤسسة يقوم بنقل الموظفين ونقل الطلاب وكذا نقل البضائع الغذائية بين المحافظات، فكانت تنقل البضائع من عدن حتى المهرة بأسعار رمزية لا تكاد تذكر، وبالمقابل كانت تحصل على اعفاء جمركي من الدولة على قطع الغيار التي تستوردها.

وكان للمؤسسة محطات خاصة في مديريات العاصمة عدن، وتمنح المؤسسة بطاقات خاصة للطلاب والموظفين الذين يستقلون حافلاتها.

وكانت المؤسسة تمتلك مخازن تعج بقطع الغيار، وتتميز باستقلالها المالي والاداري الذي ساعد كثيراً على تطويرها آنذاك.

 

الوحدة.. بداية تدمير المؤسسة

 

قال العبادي: انطلقت الشرارة الاولى لتدمير مؤسسة النقل البري بعد الوحدة مباشرة، حينما صبت سمومها في المؤسسة، وتم تدميرها بشكل ممهنج.

وكانت البداية بتقليص عمال المؤسسة بحجة العمالة الفائضة، وبعد حرب 94م نهب اسطول المؤسسة من شاحنات وقاطرات وجزء كبير من حافلات النقل وحتى مخازن قطع الغيار لم تسلم من النهب، وقضي على المؤسسة بالبسط على كافة مواقعها التي كانت تمتلكها في عدن والحبيلين وحضرموت بعلم من السلطة آنذاك.

 

رواتب عمال وموظفي المؤسسة

 

تابع العبادي قائلا: كان سائقو اسطول النقل البري يتحصلون على رواتبهم بالإضافة الى التأمين الصحي وامتيازات اخرى بشكل مباشر، كون المؤسسة كانت مستقلة مالياً وادارياً، ولكن بعد الوحدة تم تقليص عمال المؤسسة بحجة العمالة الفائضة والبعض الاخر انقطع الراتب عنهم، وبعد ان سيطر نظام صنعاء على عدن بشكل كامل عقب حرب 94م اصبحت الرواتب تأتي عبر وزارة المالية، بلا انتظام شهري، وفي بعض الفترات كان يصرف الراتب كل ستة اشهر.

 

الموت السريري لعملاق النقل البري

 

يتذكر العبادي كيف دخلت مؤسسة النقل البري في موت سريري، بعد ان كانت تمتلك اكبر اسطول بري، ويقول: بعد نهب كافة مخازن المؤسسة ومنعنا من التصرف بأي موارد مالية خاصة بالمؤسسة أصبحنا لا نملك القدرة على العمل بما تبقى من الاسطول، والذي يقدر بخمس حافلات نقل للركاب، وذلك بسبب عدم توفر قطع الغيار.

وأواخر عام 2001 كانت المؤسسة قد اصيبت بحالة موت سريري، وكنا نتحصل على وعود شفهية فقط من قبل السلطة المحلية آنذاك بتسوية اوضاع الموظفين والعمال، ولكن لم يكن حتى حبراً على ورق، فقط وعود شفهية.

 

انتفاضة المؤسسة بدعم الهلال الأحمر الإماراتي

 

يضيف العبادي: بعد حالة الموت السريري التي اوقفتنا تماماً عن العمل، وبعد ان فقدت المصداقية لدى العمال، عاد لنا الامل بفضل الله تعالى ثم بفضل دولة الامارات العربية المتحدة التي قدمت لنا أكثر من 65 حافلة نقل للركاب، دعما لمؤسسة النقل البري لتعود الى العمل مجدداً.

ويوضح مدير المؤسسة: نعكف حاليا على اعداد خطة شاملة مع وزير النقل مراد الحالمي، سوف نجني ثمارها خلال الفترة القادمة بتدشين المحطة الخاصة بالنقل البري في القاهرة بمديرية الشيخ عثمان ليدشن عمل المؤسسة مجدداً لكافة المحافظات الجنوبية.

ويختتم حديثه: نطلب من دولة الامارات العربية المتحدة ان تساعدنا في تدريب الكادر على قيادة الحافلات والتي تعتبر نوعاً جديداً لم تستخدمه المؤسسة من قبل، وترميم الورشة المركزية الخاصة بأسطول النقل البري، ونشكرهم على كافة الجهود والدعم اللا محدود الذي قدمته ومازالت تقدمه للعاصمة عدن وكافة المحافظات المحررة، وبإذن الله سوف ينعكس المردود حينما تدشن المؤسسة عملها خلال الفترة القادمة.

توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة النقل ودولة الإمارات لإعادة تشغيل مؤسسة النقل البري بعدن

 

وقع وزير النقل مراد الحالمي عضو المجلس الانتقالي مع الجانب الاماراتي، الأربعاء الماضي، مذكرة تفاهم على اعادة تشغيل مؤسسة النقل البري بحضور رئيس الوزراء الدكتور احمد عبيد بن دغر وقائد القوات الاماراتية ابو ماجد.

وتتضمن المذكرة تقديم خطة عمل في مدة اقصاها 30 يوما من قبل المؤسسة العامة للنقل البري الى دولة الامارات العربية المتحدة، من خلالها سيتم تدشين العمل بمؤسسة النقل البري من العاصمة عدن الى جميع المحافظات المحررة.