صالح ينشر قواته والحوثي يغلق مداخل أمانة العاصمة

اليمن: صنعاء تستعد للصدام بين «تحالف الانقلابيين»

جانب من العاصمة اليمنية صنعاء

حسن أنور (أبوظبي)

بات الصدام بين الحوثيين وحليفهم في الانقلاب المخلوع صالح، وشيكاً، خاصة مع صدور دعوة من محمد الحوثي، مساء أول أمس، إلى تنظيم حشود خاصة بجماعته على مداخل أمانة العاصمة صنعاء في يوم فعالية المؤتمر نفسه الذي يستعد لتنظيم تظاهرة ضخمة في صنعاء الأسبوع المقبل بمناسبة الذكرى السنوية الـ 35 لتأسيسه، في استعراض نادر للقوة الشعبية يحمل في طياته رسائل واضحة موجهة إلى الداخل والخارج. وجاءت هذه الدعوة بمثابة إعلان عن قرب دخول اليمن في حرب داخلية جديدة طرفاها تحالف الانقلاب «الحوثي وصالح»، خاصة أن الدعوة شملت توجيه أتباع الحوثي لحصار صنعاء من جميع الجهات يوم 24 أغسطس الجاري. وأجمع الخبراء على أن دعوة محمد الحوثي ما هي إلا تنفيذ لتوجيهات عبدالملك الحوثي الذي يتظاهر دائماً بحرصه على التحالف مع المؤتمر.

وأثارت دعوة محمد الحوثي الغضب الشديد لدى المخلوع صالح الذي صعد من حملة حشد أنصاره للنزول يوم 24 أغسطس الجاري إلى ميدان السبعين بجنوب صنعاء للمشاركة في احتفالية ذكرى تأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام رداً على تهديدات القيادات الحوثية ومطالبتها له بإلغاء الاحتفالية. كما أمر صالح القوات الموالية له بتعزيز انتشارها في جنوب العاصمة صنعاء قبيل أيام من أحياء أنصاره ذكرى تأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام، فضلاً عن تصعيد حملة حشد المشاركين في الذكرى وبصورة تكون بمثابة الرد القوي على التهديدات الحوثية.

وقد تزامنت هذه التطورات مع ما كشف عنه محمد علي الحوثي المسؤول بجماعة الحوثي الانقلابية في اليمن عن «تحالفات سياسية مقبلة» لجماعته المدعومة من إيران مع أطراف سياسية محلية، لم يسمها. وألمح محمد علي الحوثي، رئيس ما يسمى باللجنة الثورية العليا التابعة للمتمردين الحوثيين، في تغريدة على «تويتر» إلى حزب الإصلاح (الإخوان) الذي انحاز بشكل غير رسمي لصف قطر مع تتبنى ماكينته الإعلامية سياسة عدائية واضحة ضد السعودية والإمارات. ودعا الحوثي في بيان، حزب الإصلاح والأحزاب السياسية الأخرى المؤيدة للشرعية إلى «الحوار الذي يبنى على أسس واضحة من الشراكة»، معتبراً أن الحوار «هو حلنا الوحيد لتجاوز الخلافات». ولعل هذا الإعلان هو آخر ما يتم الكشف عنه بشأن التقارب الحوثي الإصلاحي، الموجود بالفعل منذ سنوات طويلة تحت السطح، ويبدو أن الطرفين قد قررا إظهاره بصورة أكثر وضوحاً في الآونة الأخيرة في ظل اتساع الهوة بين الجماعة المذهبية وحزب «المؤتمر». ويبدو أن التقارب الإيراني القطري منذ اندلاع أزمة الدوحة مع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، لم يعد مقتصراً على الدعم الاقتصادي فقط في الواجهة، بل وصل إلى الغزل المتبادل بين الأذرع القطرية التي في مقدمتها «الإخوان»، والإيرانية حيث «الحوثيين» في اليمن، سعياً للوصول إلى مصالحة على حساب مصالح الشعب اليمني. ووصفت تقارير صحفية هذه المغازلة الإخوانية لمليشيات الحوثي، بأنها ضرب من «التناقض»، لكن الحقيقة أنها ليست سوي انعكاس لمدى عمق التقارب بين الأبوين الروحيين لكلاهما في طهران والدوحة.
ومنذ البداية، لم يجد المتمردون الحوثيون و«جماعة الإخوان» في اليمن، متمثلة في حزب التجمع اليمني الإصلاح، غضاضة في الدخول في تحالف يعوّلون على أن يحقق مصالحهم في الوصول إلى السلطة بعد انقلاب الحوثيين على الشرعية. وكلما ضاقت عليهم الأمور يلوذ الحوثيون بحليفهم الأساسي «الإخوان» للخروج من المأزق وإثارة الكثير من المشاكل للشعب اليمني. وقد حذر سياسيون يمنيون من خطر جماعات مثل الحوثي والإخوان على اليمن. وقد جاء الإعلان عن مثل هذا التحالف بين الحوثيين والإخوان وسط التطورات التي يشهدها تحالف الحوثي وصالح، وأيضاً ما تشهده المنطقة من تطورات تتمثل في تضييق الخناق على قطر وإيران أكبر داعمتين للإخوان والحوثيين في اليمن. وفي حقيقة الأمر، فإن التحالف الحوثي مع الإخوان ليس بالجديد، فخلال العامين الماضيين لعبت جماعة الإخوان على الذاكرة القصيرة للناس، حيث تلونت أكثر من مرة سعياً فقط لمصالحها الخاصة، دون الالتفات لمطالب الشعب اليمني أو آلاف الضحايا الذين يعانون القتل والتجويع والتعذيب والخطف على يد مليشيات الحوثي وصالح. ورغم ادعاء الإخوان أنهم يقاتلون إلى جانب المقاومة الشعبية المؤيدة للشرعية، كشفت مصادر بالجيش اليمني، العثور على جثث لمقاتلين بحزب الإصلاح قتلوا أثناء القتال في صفوف الحوثيين، فضلاً عن التسهيلات التي تلقاها الحوثيون من جانب الإخوان في عمليات التزود بالوقود وغيرها من الفضائح الأخرى التي كشفت عنها التقارير اليمنية والعربية والغربية. ومن الواضح أن التحالف العلني بين الحوثيين والإخوان جاء كنتيجة طبيعية لاتساع الهوة بين الحوثيين وصالح، فضلاً عن كشف فضائح الإخوان بالتعاون مع الانقلابيين رغم تصريحاتهم المشكوك بها بأنهم موالون للشرعية.

وفي هذا الإطار، التحمت وسائل إعلام إخوان اليمن «حزب الإصلاح» بوسائل إعلام وخطاب مليشيات الحوثيين، حيث ظهرت وسائل إعلام حزب الإصلاح الإخواني بسياسة إعلامية تتوافق أداءً وخطاباً مع وسائل إعلام الحوثيين، خاصة في استهداف التحالف العربي ودوره في اليمن.