هادي يناور بإقالة المقدشي..

تحليل: لماذا يسعى الحوثيون إلى اعتقال المخلوع صالح؟

جنود من الحرس الخاصة التابع لصالح خلال تأمين تظاهرة شعبية دعا لها المؤتمر في ذكرى تأسيسه

صبري هاشم (عدن)

أكدت مصادر يمنية اعتزام الحوثيين اعتقال المخلوع صالح ونقله الى معقل الجماعة في محافظة صعدة اقصى الشمال اليمني، في خطوة تصعيدية جديدة يقوم بها الحوثيون ضد حليفهم صالح.

وكشفت مصادر يمنية لـ(اليوم الثامن) "إن مليشيات الحوثي اكدت قدرتها القتالية خلال الايام الماضية من خلال انتشار عناصرها في صنعاء والامتداد الى بلدة سنحان التي تعد المعقل الرئيس لصالح، فيما لم يتم الكشف عن المكان الذي يتواجد فيه صالح".

 وقال مصدر مطلع في صنعاء "إن الحوثيين يعلمون جيدا ان يقيم المخلوع صالح واعتقاله ليست مهمة صعبة".

وحول اسباب الاعتقال لصالح او اعتقاله، قال "الحوثيون كانوا منذ البداية يعتزمون اعتقال صالح او قتله وقد حاولوا عدة مرات تصفيته، لكن اليوم باتوا يتفقون على أهمية ازاحته من المشهد، بعد ان أصبح ضعيفا في مواجهة سطوة الحوثيين".

وتبدو من تصرفات الحوثيين أنهم يشعرون انه من الصعب اعادة تحالفهم مع صالح وأن الأخير قد قفز من سفينتهم ويحاول نجاة بجلده من خلال تحالفات جديدة يكون ثمنها النجاة بنفسه والأموال التي جناها طوال عقود حكمه.

وفشلت إيران وزعيم حزب الله اللبناني في احتواء الأزمة التي نشبت بين قطبي الانقلاب في صنعاء والتي تطورت إلى مواجهات مسلحة بعد نحو عام من التصفيات والاعتقالات بين الطرفين.

ويحاول الحوثيون استباق اي صفقة سياسية متوقع لها ان تتم بين صالح والسعودية، يكون فيها الأول قد حصل على ضمانة أخرى من الملاحقة القانونية، مقابل تخليه عن الحوثيين.

بات من الواضح أن السعودية تبحث عن صفقة سياسية مع صالح، مستغلة حالة التوتر التي نسبت بين طرفي الانقلاب في صنعاء، وهو ما يعني ان صالح الأقرب لها من الحوثيين، خاصة في اعقاب فشل حلفاء الرياض من جماعة الإخوان في احراز اي تقدم يذكر ضد الحوثيين.

ويعزز ذلك ما كشفته مصادر مقربة من حكومة هادي لـ(اليوم الثامن) حول خفايا قرار الاطاحة بالجنرال محمد علي المقدشي الذي كان يرأس هيئة الاركان العامة ويشرف على القوات العسكرية التي كانت السعودية تأمل ان تقتحم صنعاء من الناحية الشرقية وهو ما لم يحصل.

وأقال الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، رئيس أركان الجيش اللواء، محمد المقدشي، وتم تعيينه بالمقابل مندوباً لقيادة قوات التحالف.

وقالت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) ان هادي أصدر قراراً جمهورياً عين بموجبه اللواء طاهر عويضة العقيلي رئيساً لأركان الجيش بدلاً عن المقدشي.

وعين هادي رئيس الأركان المقال مستشاراً للقائد الأعلى للقوات المسلحة ومندوباً في قيادة القوات المشتركة لعاصفة الحزم وإعادة الأمل بعد أن رقاه إلى رتبة فريق.

ويبدو ان هادي حاول كسب ود السعودية من خلال الاطاحة بالجنرال المقدشي، خشية من ان تأتي صفقة سياسية تنهي على مستقبل الرئيس اليمني سياسيا.

لكن ترقيته الى منصب أعلى ربما هي محاولة لكسب ود اطراف شمالية موالية للجنرال المقدشي.

ويخشى هادي وحلفائه من جماعة الإخوان من اي صفقة سياسية يتوقع لها ان تتم بين الرياض والمخلوع صالح، خاصة بعد حديث ساسة سعوديين عن رغبة بلادهم في عقد صفقة مع صالح الذي بات ضعيفا أمام جبروت الحوثيين.

فالسعودية ترى ان سحب صالح من سفينة الحوثيين قد يساهم في انهيار الجماعة الممولة من إيران، لكن لا يبدو ذلك سهلا، خاصة وأن الحرب قد افرزت واقعا مغايرا لما كانت تأمل السعودية.

فالغارات التي شنت صنعاء وبقية المدن مستهدفة معسكرات الانقلابيين، ساهمت بشكل كبير في تغذية النبرة العدائية ضد المملكة العربية السعودية، وهو ما يعني ان الرياض بحاجة إلى بذل المزيد من الأموال لكسب ود القوى القبلية والسياسية في شمال اليمن، على عكس الجنوب الذي ترى انه لا يشكل اي خطر عليها.

فعلى الرغم من حشد صالح للآلاف من انصاره في صنعاء في ذكرى تأسيس حزبه، الا ان تقارير إخبارية يمنية تؤكد انه بات لا يمتلك اي ثقل عسكري في صنعاء، خاصة بعد ان تمكن الحوثي من السيطرة على مفاصل الدولة في العاصمة المحتلة.

فما الذي قد يضيفه صالح للسعودية في حالة ونجحت صفقة سياسية معه؟، ربما قد يدفع المئات من مقاتلي الحرس الجمهوري والقوات الخاصة والأمن المركزي إلى الانسحاب من الجبهات التي يشرف عليها الحوثيون والعودة إلى صنعاء على الأرجح وهو ما يعني انسحاب الحوثيين من العديد من المدن اليمنية وأولى محافظتي البيضاء وتعز وقد يبقوا بعض قواتهم في ميناء الحديدة الاستراتيجي وصنعاء واجزاء من ذمار، حيث يمتلك الحوثيون معزونا بشريا في المحافظة الواقعة جنوب صنعاء.

قد تضاعف أيران دعمها للحوثيين لتجنيد المزيد من اليمنيين الرافضين لسياسة السعودية في اليمن، وقد يدفع اليمنيين الذين كانوا يناصرون صالح الى الانضمام الى الحوثيين بدعوى الخيانة، فاليمنيون في الشمال يرون بان السعودية عدوهم الأبرز ، فتحالف صالح معها قد يقوي من شوكة الحوثيين.

فالصفقة السياسية المرتقبة قد ربما تتيح فرصة لصالح بالنجاة من اي عقوبات، لكنه قد يضع شروطا على الرياض، من ابرزها ان يكون له دور في النظام المستقبلي لليمن، وان تلتزم له الرياض ببقاء الوحدة ورفع اي عقوبات مفروضة عليه.

قد ينج صالح إلى حد كبير في اقناع السعودية على امكانية في احداث تغيير لمصلحتها، هذا اذا نجح صالح على الاقل في الافلات من الحوثيين.

لكن الجماعة الحوثية التي سبق لصالح وقاتلها ست مرارات بدعم سعودي واضح، باتت اليوم تفكر في الطريقة التي تقطع فيها الطريق على السعودية وصالح في ابرام اي صفقة سياسية يكون الحوثيون فيها الضحية.

اعتقال صالح او قتله يعني انهاء أي طموح للسعودية ابرام اي صفقة سياسية مع الرئيس المخلوع.. لكن اي صفقة سياسية ستكون السعودية فيها حذرة بشكل كبير، فالرجل الذي انقذته من الموت عقب محاولة اغتياله من قبل جماعة الإخوان في العام 2011م، انقلب على حليفته التي اخرجته من الحكم بحصانة من الملاحقة عاد للتحالف مع إيران في محاولة لاستعادة الحكم الذي فقده اثر الانتفاضة الشعبية.

اذن.. هادي يناور بإقالة المقدشي والسعودية تجس النبض عبر تصريحات لسياسيين وخبراء عسكريين، عن امكانية التحالف مع صالح لمواجهة الحوثيين.

فقد سبق لنجل صالح العميد أحمد ان قدم صفقة سياسية للسعودية قبل عاصفة الحزم بإيام توعد فيها بإخراج الحوثيين من صنعاء، لكن السعودية رفضت ما قدمه نجل صالح واعتبرت عدن خطا أحمر على المليشيات الانقلابية.

الرياض تشعر ان الحرب انهكتها كثيرا وكلفتها المليارات من خزينتها، وهو ما يعني انها باتت تفكر جيدا في ابرام صفقة سياسية مع صالح لحفظ ما يمكن حفظه، خاصة بعد ان دخلت قطر على خط الأزمة اليمنية عقب المقاطعة لها، من خلال سعيها إلى ابرام صفقة سياسية بين الحوثيين والإخوان برعاية قطرية إيرانية، وهي الصفقة التي قد تتضرر منها السعودية بشكل أكبر، خاصة وان الرياض سبق لها وقدمت ترسانة أسلحة ضخمة للإخوان في مأرب هو ما يعني ان تلك الأسلحة قد توجه   ضد الرياض قريبا.