قرأت لك..متعاطفة مع القضية الفلسطينية

كاتبة سويسرية تقرأ قصص فدى جريس

صورة الكتاب

اليوم السابع(القاهرة)

"النكبة أجبرت عشرات آلاف الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم، ومع مرور الزمن أصبحت العودة صعبة وبقى داخل كل فلسطينى ذكرى أرض ضائعة، فأصبح بذلك المكان والزمان قوة دفع إذ أن الصورة التى نحتها كل فلسطينى من هذا الماضى تصقل نظرته للمستقبل وتساهم فى بناء ذاكرة جماعية" من هذه الرؤية تنطلق الباحثة والناقدة السويسرية "ليونور جارسيا" فى رسالتها للحصول على الماجستير فى قسم اللغة والأدب والحضارة العربية بجامعة جنيف السويسرية، والتى كانت بعنوان "زمن العودة – تحليل العناصر الزمكانية فى قصص الأديبة الفلسطينية فدى جريس".

وتركز البحث -الذى أشرفت عليه البروفيسرة سيلفيا نايف والبروفسيور بيتر دوفى ولخصته إلى العربية التونسية منية بوليلة- على الأدب الفلسطينى عامة والأدب الحديث خاصة، واختارت جارسيا مجموعتى فدى جريس: "حياتنا الصغيرة" (2010) و"الخواجا" (2014) لتتركز حولهما الأطروحة.

 

بدأ البحث بالاستناد إلى كثير من دراسات الأدب العربى الحديث التى تولى مكانة خاصة للأدب الفلسطينى سواء من حيث البحث فى المكان  أو الأدب النسوى أو الأدب عمومًا.

 

واختيار البحث قصص الكاتبة الفلسطينية فدى جريس عللّه مسارها الفريد إذ أنها عاشت الغربة شأنها شأن ملايين الفلسطينيين ثم حققت حلم العودة، ولو أن العودة خيّبت ظنها، فهى كفلسطينية متعلّقة بشعبها وبثقافتها، وهى مسكونة بالحنين للماضى الفلسطينى وذكرى الأرض المسلوبة. تجربتها فى الغربة، والعودة، إضافة إلى تأثير والدها عليها، عوامل جعلتها تنصهر فى القضية والهمّ الفلسطيني. كما أن ذكرى والدتها وهى تجلس بجانبها أثناء كتابة رسائل إلى جدتها، وشغفها بالقراءة جعلها تكتسب طريقة خاصة فى الكتابة إضافة إلى ما لها من حس نقدى متطور يمكّنها من أخذ مسافة بينها وبين المسألة الفلسطينية، مسافة يصعب على الكثير من الكتّاب أخذها، فبدت كتابة قصصها مختلفة عن غيرها من الكتّاب رغم أن المكان والزمان بقيا الركيزتين الأساسيتين لهذه الكتابة.

 

وتبيّن للباحثة أن المكان والزمان هما انعكاس للحالة الفكرية للشخصيات كما بدا ذلك خاصة فى المجموعة القصصية "حياتنا الصغيرة"، حيث تعيش الشخصيات منغلقة فى المكان وفى عادات وموروث قاس، كما أن المجموعتين القصصيتين تبرزان محيط عيش متواضع مع بعض الفوارق بين الجنسين.

 

أما الزمن فله أهميته فى إعطائه نسقًا للسرد كما هو الحال فى قصة "الحلقة المفرغة" أو عندما يرتبط بالفضاء والمكان فى نظرة أفقية للتاريخ كما رأت الباحثة فى قصة "سفر برلك"، أو بعمل مقارنة إجمالية للمجموعتين القصصيتين. فالمقارنة تظهر أن لكل نوع من المكان المغلق من جهة والمفتوح من جهة أخرى زمنًا يعادله، زمن ما قبل 1948 وزمن سنين الألفين (2000) مما يؤكد التّرابط العميق بينهما وترابطهما الحتمى مع الواقع.

فعناصر الزمان والمكان مرتبطة جوهريًا كلما نظرنا إليها من وجهة نظر تاريخية بل لعلهما متفاعلين مترابطين فالبحث فيهما مفردين قد يبرز المسالك السردية فى بناء الواقع لكن دراستهما مجتمعتين يعطى معنى للنص ويمكن ربطه بالواقع، الواقع الساكن فى الكاتبة، فى تاريخها، وفى حاضرها وقت الكتابة، واقع التاريخ الذى يغيره إحساس خاص بما أنه مرتبط بشعب لم يُعرف منذ البداية إلا من رواية التاريخ

كما أوردت الباحثة أن اللغة التى استخدمتها الكاتبة جديرة بالدراسة سواء من ناحية السرد أو الأسلوب السهل القريب من اللغة العامية أو الحوار، كتابة بالمحكية الفلسطينية مساهمة بذلك فى توطيد الثقافة والهوية الفلسطينية، مما يجعل فدى جريس كاتبة المقاومة وهو ما لا تقره الكاتبة عن نفسها.