انتفاضة قبلية مسلحة والتهدئة مؤقتة..

 تقرير: مأرب السبأية.. كيف أصبحت دولة الإخوان؟

مطامع الإخوان لا تقتصر على مأرب بل تمتد للسيطرة على اجزاء من حضرموت وشبوة في الجنوب

القسم السياسي بـ "صحيفة اليوم الثامن" (عدن)

قتلى قبليون برصاص قوات موالية للجنرال الإخواني علي محسن الأحمر، خلال محاولة قبائل عبيدة منع قيادات أمنية من البناء في أرضية تم البسط عليها بقوة النفوذ الأمني.

وقتل مسلحان قبليان برصاص قوات أمنية تابعة للجنرال علي محسن الأحمر في مدينة مأرب اليمنية شرق صنعاء ظهر السبت الماضي.  

وقالت مصادر أمنية وطبية لـ(اليوم الثامن) "إن ضابطا  إخوانيا يدعى عبدالغني شعلان من محافظة حجة اليمنية قام بالبسط على أرضية  تابعة لقبيلة عبيدة ونصب فيها قوة أمنية وشرع في اعمال البناء، وقد ذهب اثنان من قبائل عبيدة إليه لمنعه من مواصلة البناء الا ان العناصر التي كانت معه أطلقت عليهما النار ما اسفر عن مقلتهما على الفور".

 وقال مصدر قبلي في عبيدة  عبر الهاتف "إن قوة أمنية تابعة للأحمر أقدمت على ارتكاب جريمة القتل بحق اثنين من ابناء القبيلة خلال محاولتهما ايقاف عملية بسط على أرضية في أرض عبيدة".  وذكرت  مصادر ان قبيلة عبيدة خاضت معارك ضد القوات الأمنية استخدمت فيها الدبابات والمدافع، وهي القبائل اليمنية التي باتت تمتلك ترسانة أسلحة استولت عليها من الجيش خلال الاعوام الماضية، بتواطؤ من نظام صالح.

وتسببت المواجهات في فرار الجنرال الإخواني من مأرب الى فندق في منفذ الوديعة الجنوبي، حيث يقيم حاليا هناك، فيما أعلنت مصادر قبلية ان المواجهات توقفت بفعل تدخل وساطة قبلية بين القوات الموالية لجماعة الإخوان وقبائل عبيدة المأربية، لكن دون حلول مما يرجح عودة تلك المواجهات مرة أخرى في ظل الرفض المأربي لما يصف بالاحتلال الإخواني للمحافظة السبأية.

أهمية مأرب

 

تكمن أهمية مأرب في أنها محافظة نفطية استراتيجية محاذية للعاصمة اليمنية صنعاء، وتبعد عن العاصمة نحو 200 كيلومتر.

وتتمثل أهمية مأرب، في 3 نقاط، أولها أهميتها في مجال الطاقة حيث أنها محافظة صحراوية تستحوذ على مخزون البلاد الأكبر من النفط، وبالتالي منشآت البلاد النفطية، حيث يصدّر منها النفط عبر خط صافر – رأس عيسى على البحر الأحمر، والغاز إلى منشأة بلحاف على بحر العرب، وتوجد بها مصفاة مأرب، التي تزود البلاد بجزء من حاجتها للمشتقات النفطية والغاز، كما توجد في المحافظة محطة مأرب الغازية للكهرباء، وهي المزود الرئيسي للبلاد بالطاقة الكهربائية.

 

كما أن مأرب، البالغة مساحتها حوالي 17405 كيلومتر مربع ويسكنها 238.522 ساكنا من أصل حوالي 26 مليون نسمة في اليمن، هي موطن لأهم القبائل في شمال اليمن، وهي بذلك تشكل مركزا قبليا لسبأ.  

الزيود والإخوان

استغلت جماعة الإخوان وقوى النفوذ الزيدية اقصى الشمال اليمني، الحرب الدائرة في اليمن لتبني قوات عسكرية يصفها سياسيون بالطائفية، وسط تدفع للدعم العسكري والمالي المقدم من المملكة العربية السعودية التي تأمل ان تقاتل تلك القوات الحوثيين إلا انها لم تتحرك بشكل جدي منذ نحو عامين ونيف.

والإخوان هي جماعة زيدية، عرفت بحزب التجمع اليمني للإصلاح واسسها الرئيس اليمني المعزول علي عبدالله صالح في مطلع تسعينات القرن الماضي وأوكل مهمة قيادتها إلى الشيخ القبلي الزيدي عبدالله بن حسين الأحمر الذي توفي لاحقا، لكن قيادة الجماعة ظلت حصرية على الزيود وأولاد الشيخ الأحمر.

شعر الزيود ان الحرب التي يخوضها التحالف العربي ضد القوى الزيدية المتحالفة معي ايران سوف تضعف من الهيمنة الزيدية على اليمن، مما دفعها إلى الانقسام بين مؤيد للقوى الموالية لإيران وأخرى موالية للسعودية، التي ظلت لعقود تصرف رواتب شهرية للقبائل الزيدية في شمال اليمن وذلك منعا لتهديد أراضيها.

 وساهمت الحرب (الدائرة) في رحيل الآلاف من القيادات العسكرية والسياسية اليمنية الى مأرب وخاصة من محافظات عمران وصنعاء وحجة وذمار وهي محافظات زيدية، يقول يمنيون إن طائفيتهم هي السبب في الحروب التي شهدتها اليمن.

 انتعش كل شيء في مأرب، وباتت هي العاصمة اليمنية، لكن ذلك لم يمنع من وجود اصوات رافضة لسياسة تمكين الإخوان من مأرب.

اراض واسعة صرفها محافظ مأرب الإخواني سلطان العرادة، للقيادات الإخوانية في مأرب، ومكن قيادات إخوانية من المناصب العسكرية والمدنية، بدعم من نائب الرئيس اليمني علي الأحمر ومحمد علي المقدشي الذي كان رئيسا للأركان إلى قبل أقل من شهر، وهما (الأحمر والمقدشي) قياديان ينتميان إلى الزيود التي يقول المأربيون انهم يسعون للسيطرة على العاصمة السبأية.

وفقا لمصادر عديدة افادت (اليوم الثامن) "فان العديد من ابناء مأرب زج بهم في السجن بسبب مطالبتهم بالتوظيف او منحهم نصيبهم من المناصب والترقيات".

 وكشفت وثائق نشرها التحالف العربي تورط الجنرال محمد علي المقدشي بتوظيف اطفال دون الـ15 من العمر في الجيش والأمن من أبناء محافظات ذمار وعمران وصنعاء، في مساعي تؤكد رغبة الإخوانية في بناء مملكة خاص بالجماعة، خاصة في ظل تزايد الرفض الشعبي لها في جنوب وشمال اليمن، فهي الجماعة التي ينظر لها اليمنيون على انها احد ادوات صالح التي استخدمها ضد خصومه السياسيين طوال ربع قرن.

قوات عسكرية إخوانية

وكشفت مصادر عسكرية يمنية في مأرب ان قوات الجيش في مأرب باتت إخوانية بحتة وقادتها أغلبهم ينتمون إلى الهضبة الزيدية، الأمر الذي اعده المأربيون احتلالا لبلادهم.

مأرب النفطية باتت اليوم فيها العديد من الألوية والمعسكرات والتي أغلبها اسس على اساس طائفي، وفقا لتأكيدات من مصادر قبلية في مأرب.

وقال مصدر قبلي في عبيدة لـ(اليوم الثامن) "أبناء مأرب اصبحوا منذ 2015م، بعيدا عن القرار في أرضهم من يتحكم في مأرب هي قيادات زيدية وإصلاحية في مأرب، وتمارس القتل بحق ابناء المحافظة، وهناك العشرات من ابناء مأرب الذين تعتقلهم القوات الأمنية الإخوانية في مأرب في سجون سرية.

سجون سرية لمن يخالف سياسة الإخوان في مأرب

كشفت تقارير إخبارية عربية عن وجود أكثر من 200 معتقل في سجون سرية بمأرب بعضها تتبع قيادات حزبية من التجمع اليمني للإصلاح.

 وأكدت تلك التقارير أن "في مأرب أكثر من 15 سجنا سريا، والمعتقلون فيها يتعرضون لأعمال تعذيب وحشية بعضها اسفرت عن موت سجناء في الاعتقال.

ويقول ناشطون "ان مأرب تعيش تحت وطأة احتلال زيدي إخواني، ويتعرض ابناءها للإقصاء والتهميش".

وساهمت المواجهات المسلحة بين القبائل والمليشيات الإخوانية في ارتفاع الاصوات المطالبة بتسليم قيادة الجيش في مأرب الى ابناء المحافظة الأصليين".

ودون أحدهم على فيس بوك " علي محسن الاحمر وهيئة الاركان العامة، استولوا على كل شيء في مأرب لمصلحة الزيود والإخوان قبل ان يقصوا ابناء مأرب ويزجوا بمن اعترض في السجون".

 وقال" ان مأرب تعاني من اوضاع أمنية ومعيشية صعبة للغاية، ويستخدمها قيادات شمال الشمال للنهب وجمع ثروات مالية".

وطالب ابناء مأرب بتولي قيادات امنية وعسكرية ومدنية في مأرب، بنسبة 50% على الاقل يكونوا من ابناء المحافظة، رافضين التعيينات والتدخلات التي يقوم بها الاحمر وهيئة الاركان العامة.

واقدمت قوات تابعة لعلي محسن الاحمر، على استخدام الرصاص والمدفعية ضد قبائل عبيدة المأربية، حيث لا تزال التوترات مستمرة بين الجانبين.

وقال الناشط المأربي عبداللطيف العباب في منشور له على صفحته بالفيس بوك: " تولي قيادة الأمن بمأرب من أحد كوادر مأرب العسكريين سيكون الحل في تخفيف كثير من التجاوزات التي تحصل بمأرب لأن العسكري المأربي أعرف وادرى بالوضع بمأرب عن غيره من العسكريين من المحافظات الأخرى والذين يظنون أنهم في سوق الملح بصنعاء.. ".

من جهته قال الناشط سلطان رزق مهدي: " لما يجيك عسكري عمره لا يتجاوز 14 عام ويقتل شيخ قبيلة له ثقله في المجتمع هنا المشكلة، نريد قيادة من أبناء مأرب وعسكر من أبناء مأرب".

وطالب مهدي" كل لواء او كتيبة او وحدة عسكرية يكون نصيب أبناء مارب منها 50 بالمئة لكي يستقر الوضع الأمني" .

وفسرت مصادر يمنية مقربة من الحكومة في الرياض الوضع في مأرب بان الإخوان يسعون إلى اقامة مملكة خاصة بهم اشبه بدولة مستقلة داخل اليمن.

 وقال مصدر مقرب من حكومة الرئيس هادي لـ(اليوم الثامن) "إن مطامع جماعة الإخوان ليست في مأرب وحدها بل تصل إلى الجنوب وتحديدا شبوة ومنفذ الوديعة الجنوبي".. مؤكدا ان منفذ الوديعة بات يمتلك الإخوان، وعائداته تذهب إلى مأرب وليس إلى حضرموت".

وكشف ان المخطط الإخواني يهدف الى انهاء حدود جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من خلال السيطرة على سيئون وبلدات بيحان في شبوة ومنفذ الوديعة الذي اصبح ملكا لآل الأحمر .