إيران تتدخل لمنع استهداف صالح..

اليمن: استعراض قوّة للحوثيين في صنعاء

الحوثيون يعتبرون أنفسهم الحكام الجدد لليمن

وكالات (لندن)

كشف احتفال الذكرى الثالثة لسيطرة الحوثيين على صنعاء رغبة هؤلاء في تكريس وجود نظام سياسي جديد في اليمن يجعل “ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر” للعام 2014 تحل مكان “ثورة السادس والعشرين من سبتمبر” للعام 1962، ومعروف أن الأخيرة، هي ذكرى التخلص من النظام الإمامي الذي يطالب الحوثيون بعودته إلى اليمن. وقد قام النظام الجمهوري في اليمن الشمالي بعد السادس والعشرين من سبتمبر.

ودلت كل مظاهر الاحتفال على أن “أنصار الله” يعتبرون أنفسهم الحكام الجدد لليمن، وهو ما عبّر عنه عبدالعزيز بن حبتور رئيس الحكومة التي يتشاركون فيها، اسميا، مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

وكانت من بين مفاجآت الاحتفال الحوثي بالذكرى الثالثة للسيطرة على صنعاء استخدام بن حبتور، وهو ليس حوثيا، كي يهاجم المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ويدعو إلى مفاوضات في شأن مستقبل اليمن تعقد في صنعاء.

وكان ملفتا في الاحتفال قول بن حبتور (جنوبي) “على العالم أن يدرك أنه لا سلام قادما في اليمن، إلا إذا تم التفاهم الحقيقي مع العاصمة صنعاء، وليس مع عاصمة أخرى”.

وتمكن الحوثيون الأحد 21 سبتمبر 2014 في فترة الظهر، وعبر تحرك عسكري سريع بمساندة من مناصري الرئيس السابق علي عبدالله صالح، من اقتحام المباني الحكومية في صنعاء والسيطرة عليها دون معارك كبرى. وبعدها بخمسة أشهر، سيطر الحوثيون المتهمون بتلقي الدعم من إيران، على القصر الرئاسي في صنعاء وشكلوا مجلسا رئاسيا.

ورفع الحوثيون، الذين احتشدوا بالآلاف في ميدان السبعين في العاصمة اليمنية، شعارهم الذي يسمّى “الصرخة” وهو “الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”. كذلك رفعوا الأعلام اليمنية.

وقال مسؤول يمني حضر الاحتفال “إن الحوثيين أجبروا شخصيات يمنية وضباطا على حضور المهرجان”.

واعتبر المسؤول في تصريح لـ”العرب” أن أهمية ما حصل ليس في عدد المشاركين بمقدار ما يظهر القدرة على فرض أمر واقع في العاصمة.

عبدالعزيز بن حبتور: التفاهم الحقيقي مع صنعاء، وليس مع عاصمة أخرى

وكان القاسم المشترك للكلمات التي ألقيت في المناسبة، وبينها كلمة لمحمّد الحوثي، قائد ما يسمّى “اللجان الشعبية”، الإصرار على “تحرير” كلّ اليمن. لكنّ مصادر سياسية يمنية أعربت عن اعتقادها بأن الحوثيين وضعوا هدفا واحدا محددا لهم في هذه المرحلة، ويتمثل في السيطرة على صنعاء والشمال اليمني وتحويل أنفسهم جزءا من أي معادلة إقليمية ويمنية تفرض الدخول معهم في مفاوضات مباشرة لتحديد مستقبل البلد.

واستنادا إلى شخصيات يمنية موجودة في صنعاء، أمكن الاتصال بها، غيّب الحوثيون أنصار علي عبدالله صالح كلّيا عن احتفالهم، واكتفوا باستخدام رئيس “حكومة الإنقاذ الوطني” (بن حبتور) لتوجيه الرسائل التي يريدون توجيهها. وقالت هذه الشخصيات إن أنصار علي عبدالله صالح، الذي تطوّق “اللجان الشعبية” الأحياء التي يتنقل فيها، يوزعون حاليا في ما بينهم شعار الذكرى الخامسة والخمسين لـ”ثورة 26 سبتمبر” والمبادئ التي قامت عليها الجمهورية في اليمن وذلك ردا على رفع الحوثيين شعار “ثورة 21 سبتمبر”.

وكشفت إحدى هذه الشخصيات أن تدخلا إيرانيا حصل في الفترة الأخيرة لمنع الحوثيين من التخلص نهائيا من علي عبدالله صالح في مناسبة الذكرى السنوية الثالثة للاستيلاء على صنعاء.

ورأت هذه الشخصية اليمنية أن علي عبدالله صالح لا يزال، من وجهة نظر إيران، ورقة في استطاعة الحوثيين استخدامها، أقلّه من أجل تفادي أي صدامات مباشرة مع بعض القبائل المنتشرة في محيط صنعاء.

وذكرت هذه الشخصية اليمنية أن الحوثيين المدعومين من إيران، عملوا في السنوات الثلاث الأخيرة بشكل تدريجي على وضع صنعاء كلها تحت سيطرتهم. وبدأوا ذلك بوضع الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي في الإقامة الجبرية مكافأة له على مساعدتهم في دخول صنعاء وتوقيعه “اتفاق السلم والشراكة” معهم بعيد اجتياحهم العاصمة بمباركة من الأمم المتحدة التي كانت ممثلة وقتذاك بمبعوث الأمين العام جمال بنعمر.

وأشارت هذه الشخصية إلى أنّهم باشروا بعد ذلك التضييق على علي عبدالله صالح الذي تعاون معهم في عملية الانتشار في كلّ أنحاء اليمن مسهلا لهم إيجاد الالتفاف على تعز ولإيجاد موقع قدم في عدن قبل أن يجبرهم التحالف العربي على الخروج من عاصمة الجنوب اليمني.

وقال متابعون للشأن اليمني إن المتمردين يعملون على استثمار الظروف الإقليمية في تأكيد سيطرتهم على صنعاء، وخاصة في ضوء الأزمة التي تتسبب فيها قطر في العلاقة مع السعودية والإمارات، لكنهم لفتوا إلى أن الرياض بعثت برسالة قوية إلى الحوثيين منذ أيام من خلال هجوم قوي على المناطق الحدودية التي دأبوا على استهدافها بهجمات متفرقة.

وعزا المتابعون تلويحات المتمردين باستهداف دول خليجية بأنها تصريحات للاستهلاك الإعلامي، والإيهام بأنهم صاروا أقوياء، وأن سيطرتهم على صنعاء لن تتوقف، مستفيدين من الدعم الإيراني.

وفي 14 سبتمبر، هدد زعيم الحوثيين عبدالملك بدرالدين الحوثي (38 عاما) بإطلاق صواريخ على الإمارات وشن هجمات بحرية على منشآت وناقلات نفطية سعودية، مؤكدا أنه لمس “بوادر تصعيد عسكري جديد” ضد حركته.