قصة قصيرة

قصة وفاء

سعاد علوي (عدن)

لم تسعها الدنيا من الفرح حينا سمعت بخبر عودته بعد غياب دام لعامين كاملين .. واليوم هاهو يعود أخيراً إليها أو هكذا كان ظنها انه بعد أن أخذته الدنيا منها إلى البعيد سيعود إليها ثانية .. ولكن المفاجأة التي كان يخبأها لها القدر أنه عاد ومعه امرأة أخرى غيرها .. لقد كانت صدمة أكثر منها مفاجأة إضطربت حيالها أعصابها واهتزت مشاعرها .. لم تستطع أن تفسر ما حدث لها فعلا وكل ما في الأمر إنها أدركت أن ما شعرت به في جملتها كانت مشاعر سيئة لم تشعر بها من قبل لسبب بسيط هو أنها لم تدخل في تجربة مشابهة طوال عمر علاقتها به وعلاقتهما تلك كانت منذ نعومة أظافرهما ,هي إمتزاج جسدين في روح واحدة وعقل واحد , فكيف أستطاع هو أن يفصل روحه عن روحها ؟ كانت تنظر إليه وهو يسير وبجانبه امرأة غريبة , وحتى لبسها كان غريبا ليس كلبس نساء قريتها ترى من هي ومن أين أتى بها ؟ ولماذا ؟ وأين ذهب حبه لها ؟ كانت تردد هذه الأسئلة وغيرها في ذهنها وفي قلبها كانت تشتعل نارا لم تشعر بها من قبل يبدو أنها نار الغيرة التي لم تعرفها أبدا فقد كانت على يقين لا تدري من أين أتاها انه لا يحب ولن يحب سواها كيف لا وهما قد ربيا معا وكبر كل واحد منهما في قلب الآخر .. ما كان بينهما هو حب رائع سكن قلبيهما وأستوطن مابين الجفون والأهداب .. حينما كانا صغيرين كانا يلعبان معا ويرعيان الأغنام والبقرة الكبيرة .. ثم يعودا إلى الدار ورغم التعب إلا أن الفرح والسعادة والحب الذي يجمع قلبيهما الصغيرين جعلهما لا يشعران بالتعب .. وتأتي المواسم وكل موسم له تقاليده عاشاها معا لحظة بلحظة يرافقهما الفرح والسعادة وضحكاتهما التي كانت رناتها تملأ الأرجاء .. وكبرا وكبر الحب في قلبها الصغير وألتحقا بمدرسة القرية الإبتدائية ثم واصل هو دراسته الثانوية في مدرسة المدينة وهي أكتفت بما تحصلت عليه من تعليم من مدرسة القرية كغيرها من قريناتها وعادت لتتفرغ لأعمال الدار من تنظيف ورعي وإهتمام بالأرض .. وكانت تنتظر عودته من مدرسته بشوق كبير لتسمع منه كل ما حدث معه خلال يومه الدراسي ,هو يتحدث وهي تستمع بكل شغف ودون أن تمل من حديثه الذي كان يطربها كأغنية حب رومانسية .. وحين قرر أن يذهب إلى بلد آخر ليكمل دراسته الجامعية شعرت برجفة خفية في قلبها وجدت تفسيرها اليوم عند عودته .. تلك الرجفة كانت بمثابة التحذير مما حدث ووجود إمرأة أخرى غيرها في حياته .. بقيت طوال اليوم صامتة مترقبة مصدومة .. لا بل هي مذبوحة وقلبها ينزف دماً لقد أُجهض الحب الذي كانت تحمله بين جوانحها .. 13/1/2017