ملف الحديدة..

تعنّت حوثي دون تقديم تنازلات تتوافق مع الاتفاق

طريق مسدود

صالح البيضاني
كاتب وباحث وسياسي يمني، عضو مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، عضو الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين.

أكدت مصادر قريبة من اجتماعات لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة غربي اليمن برئاسة الجنرال الهولندي المستقيل باتريك كاميرت التي تواصلت لليوم الثالث على متن سفينة تابعة للأمم المتحدة في عرض البحر قبالة سواحل الحديدة، عدم إحراز أيّ تقدم في ظل رفض الحوثيين لخطط إعادة الانتشار التي تقدم بها رئيس بعثة المراقبين الدوليين وممثلو الحكومة اليمنية في اللجنة، والتي تتوافق مع البرنامج الزمني لاتفاقات السويد والقرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي 2452.

وأشارت المصادر إلى تعنّت الجانب الحوثي في ما يتعلق بتقديم أيّ تنازلات تتوافق مع جوهر الاتفاق، وإصرارهم على تغيير نقاط الاتفاق بحيث يبدأ تنفيذه من جزئية انسحاب القوات لمسافة 15 كلم من مراكز تواجدها، مع بقاء الميليشيات الحوثية في ميناء الحديدة ومركز المدينة، بينما يطالب الجانب الحكومي بالالتزام بالتراتبية التي وردت في اتفاق ستوكهولم، الذي ينص على انسحاب الحوثيين في المرحلة الأولى من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى.

وكشفت المصادر عن تبنّي كاميرت لرؤية وسطية، بات الجزء الأكبر من النقاش يدور حولها بين الطرفين وترتكز على بحث آلية لتحييد المواقع الأكثر ارتباطا بالملف الإنساني والإغاثي.

ويسعى رئيس بعثة المراقبين الدوليين إلى تحقيق إنجاز الساعات الأخيرة قبيل مغادرته منصبه رسميا مطلع الأسبوع القادم، مع وصول الجنرال الدنماركي المتقاعد مايكل لوليسغارد، الثلاثاء إلى صنعاء، لتولّي مهام منصبه كرئيس جديد لبعثة المراقبين الأمميين في الحديدة.

ولا تبدي الحكومة اليمنية أي تفاؤل إزاء تغيير كبير المراقبين الدوليين في الحديدة، بالنظر إلى الطريقة التي تم وفقها الضغط على باتريك كاميرت للاستقالة، عقب الانتقادات الحوثية التي وجهتها له الميليشيات الحوثية.

وتطالب عدّة أطراف ذات صلة بالملف اليمني الأمم المتحدة بتغيير جذري في أسلوب عملها على الملف باتجاه مزيد من الصرامة إزاء الحوثيين، باعتبارهم الطرف المعطّل لجهود السلام.

ويخشى العديد من المراقبين من حالة التماهي التي قد تحدث بين مواقف الرئيس الجديد لبعثة المراقبين مايكل لوليسغارد والمبعوث الأممي مارتن غريفيث، الذي توجه إليه اتهامات بالانحياز للحوثيين والسعي إلى تنفيذ أجندة سياسية بريطانية.

ويشير الباحث السياسي اليمني منصور صالح في تصريح لـ“العرب” إلى أن الإشكالية ليست مرتبطة بشخص المشرف العسكري الأممي فحسب، بقدر ارتباطها بسلوك الميليشيات واستهتارها بالإجماع الدولي الذي يؤكد على أهمية الالتزام بما تم التوقيع عليه، إضافة إلى الارتباط الوثيق بالموقف الدولي المتراخي الذي لا يُبدي حزما تجاه مماطلة واستهتار الميليشيات.

وفي تصريح لـ“العرب”، حول آفاق نجاح الأمم المتحدة في إحداث اختراق في ملف الحديدة، بعد تغيير رئيس بعثة المراقبين الدوليين، توقع الباحث السياسي اليمني ورئيس مركز فنار لبحوث السياسيات عزت مصطفى أن يكمل الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد ما عمل عليه باتريك كاميرت الذي لازال يواصل عمله إلى آخر لحظات مهمته، إذا ما عمل في إطار مهني يتناسب مع مهمته الفنية بعيدا عن تعقيدات وحسابات السياسة.