الحرب قي اليمن..

تقرير: غريفيث يدفع تثبيت الانسحاب الأحادي من الحديدة

ملف الموانئ لا يزال أبعد ما يكون عن الإغلاق

صالح البيضاني
كاتب وباحث وسياسي يمني، عضو مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، عضو الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين.

فشل اجتماع انعقد في العاصمة الأردنية عمّان بدعوة من المبعوث الأممي الخاصّ إلى اليمن مارتن غريفيث لمناقشة تنفيذ البنود الاقتصادية لاتفاق الحديدة، في التوصّل إلى أي نتائج عملية، بينما بدت الغاية من عقد الاجتماع الاستثنائي الذي حضره على مضض ممثلون عن الحكومة اليمنية إلى جانب ممثلين عن المتمرّدين الحوثيين، محاولة تثبيت عملية الانسحاب الأحادي الشكلي الذي نفّذه الحوثيون من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى وشرعنتها وتسويقها خلال اجتماع مجلس الأمن حول اليمن كتطوّر نوعي في جهود السلام التي يقودها غريفيث.

وبحسب مصدر في الوفد الحكومي اليمني في اجتماع اللجنة الاقتصادية المنبثقة عن لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة، لم يسفر اجتماع عمّان عن أي نتائج في ظل التعقيدات التي مازالت تحيط بعملية الانسحاب الأحادي من الموانئ والمعلن من قبل الحوثيين، وأنّ الاجتماعات ستتواصل خلال الأيام القادمة.

وخلال إعلان الأمم المتحدة عن دعوتها لعقد اجتماع استثنائي بين الأطراف اليمنية في العاصمة الأردنية عمان، الثلاثاء، لمناقشة تنفيذ البنود الاقتصادية لاتفاق الحديدة المبرم في السويد في ديسمبر عام 2018، قال بيان إعلامي صادر عن مكتب غريفيث إن جدول أعمال الاجتماع سيشتمل على مناقشة “إدارة الإيرادات من موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف واستخدامها لدفع رواتب القطاع العام في محافظة الحديدة وفي جميع أنحاء البلاد”.

وحثّ غريفيث “الطرفين على المشاركة بشكل بنّاء وبحسن نية في ما يتعلق بالاتفاق على طرق تنفيذ تلك البنود، بما يحقق صالح المواطنين في الحديدة وفي اليمن بأسره”.

ورغم ارتياب الحكومة اليمنية مما يجري في الحديدة واعتبارها إعلان الحوثيين عن الانسحاب من موانئها الثلاثة مجرّد خدعة فقد تجنّبت الوقوع تحت طائلة الاتهام بتعطيل الجهود الأممية، معلنة عن مشاركتها في اجتماع عمّان رغم قناعتها المسبقة بعدم جدواه، قبل تنفيذ جوانب أخرى أساسية في اتفاق ستوكهولم.

ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية عن رئيس المكتب الفني للمشاورات عضو الفريق الحكومي محمد العمراني قوله إن “الاجتماع سيناقش الآليات الخاصة بضمان تحصيل جميع إيرادات محافظة الحديدة ومينائي الصليف ورأس عيسى وإيداعها بفرع البنك المركزي في محافظة الحديدة للمساهمة في دفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية في الحديدة وجميع أنحاء اليمن وفقا لما نص عليه اتفاق ستوكهولم”.

وأشار العمراني وفقا للوكالة إلى أنّ “الاتفاق نص على احترام المسارات القانونية للسلطة وإزالة أي عوائق أو عقبات تحول دون قيام المؤسسات المحلية بأداء وظائفها بمن فيها المشرفون الحوثيون، وهو ما يعني بوضوح إنهاء كافة أشكال النفوذ الحوثي على مؤسسات الدولة، فالمشرفون ليسوا مجرد أشخاص فقط بقدر ما هم تمثيل للشكل السلطوي للميليشيا والذي أكد الاتفاق على ضرورة إزالته”.

ومن جهته علّق الناطق باسم الحوثيين ورئيس وفدهم التفاوضي محمد عبدالسلام على الاجتماع الاقتصادي في الأردن بالكشف المبكر عن الأهداف الحوثية من هذا الاجتماع قائلا في تغريدة له على تويتر إنّ الاجتماع “جزء من اتفاق السويد والمتعلق بتنظيم الإيرادات وصرف مرتبات كافة الموظفين في اليمن”، وأضاف “أملنا أن يتم الإسراع في ذلك، فصرف المرتبات سيساعد في التخفيف من معاناة الشعب الإنسانية والاقتصادية”.

واعتبر مراقبون يمنيون أن انتقال غريفيث إلى المرحلة الثانية من خطة إعادة الانتشار في الحديدة والخوض في التفاصيل الثانوية، وعدم التعاطي مع المخاوف والاعتراضات التي أبدتها الحكومة اليمنية حيال خطوة الانسحاب الأحادي، بمثابة عكس لحالة الضغط الدولية التي كانت تتجه نحو الحوثيين ووضع الحكومة اليمنية أمام خيارات صعبة قبيل انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي الأربعاء 15 مايو.

وتصف الحكومة اليمنية إعلان الحوثيين انسحابهم من موانئ الحديدة وتسليم تلك الموانئ لقوات خفر السواحل التابعة لهم ما هو إلا مسرحية تهدف إلى تضليل المجتمع الدولي والهروب من استحقاقات اتفاق ستوكهولم.

ويخشى مسؤولون في الحكومة اليمنية من أن يوحي اجتماع اللجنة الاقتصادية الذي دعا إليه مكتب غريفيث في العاصمة الأردنية عمّان باعتراف الحكومة الشرعية بتنفيذ الحوثيين للشق الأول من اتفاق السويد، وإضفاء شرعية على هذه الخطوة، إضافة إلى التبعات الأخرى  لبحث هذا الملف والتي من بينها دفع الشرعية باتجاه تحمّل تكاليف رواتب موظفي الدولة في كافة مناطق اليمن بما في ذلك المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي، وهو الأمر الذي سيخفف من العبء الأخلاقي والاقتصادي على الحوثيين ويشجعهم على الاستمرار في تحصيل الإيرادات من تلك المناطق وتوجيهها نحو ما يطلقون عليه “المجهود الحربي” في الوقت الذي ستتضاعف فيه أعباء الحكومة الشرعية المالية.