اتهمته بالانحياز إلى الميليشيات..

سياسة غريفيث تسلك مسارا عكسيا بجهود السلام في اليمن

جلسة مجلس الأمن استكملت كشف المستور

صالح البيضاني
كاتب وباحث وسياسي يمني، عضو مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، عضو الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين.

فشلت اجتماعات اللجنة الاقتصادية بين ممثلي الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في العاصمة الأردنية عمّان في التوصّل إلى أي نتائج عملية.

وقالت مصادر مطّلعة لـ”العرب” إنّ الاجتماعات وصلت إلى طريق مسدود نتيجة رفض الحوثيين المقترحات التي تقدم بها الجانب الحكومي وتعهد بموجبها بصرف رواتب موظفي الدولة في كافة مناطق اليمن كجزء من استحقاقات اتفاق السويد.

ووفقا لمصادر رسمية فقد طالب ممثلو الحكومة في الاجتماعات، بربط فرع البنك المركزي في محافظة الحديدة بالمركز الرئيسي للبنك في العاصمة المؤقتة عدن وإيداع كافة الإيرادات في الحسابات الحكومية حتى تتمكن الحكومة من الاستمرار في تغطية رواتب موظفي الدولة وخصوصا في محافظة الحديدة.


وشدد الوفد الحكومي في الاجتماع على ضرورة إلغاء الإجراءات الأحادية التي اتخذتها الميليشيات الحوثية وما يترتب عليها في ما يتصل بالإيرادات بما في ذلك إلغاء قرارات التعيين االحوثية في المؤسسات الإيرادية، ووقف مختلف أنواع الجبايات التي استحدثها الحوثيون.

كما طالبت الحكومة بتحرير مسالك الإيرادات من أي نفوذ مباشر أو غير مباشر للميليشيات الحوثية في الحديدة.

ووفقا لمصادر “العرب” فقد أثارت إحاطة المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث أمام مجلس الأمن الدولي حفيظة الحكومة اليمنية التي اتهمته بالانحياز إلى الميليشيات الحوثية ومحاولة شرعنة سيطرتها على موانئ الحديدة، وهو الأمر الذي ألقى بظلاله على اجتماعات عمّان التي رعاها المكتب الخاص لغريفيث.

وشهدت محافظة الحديدة توترا عسكريا في أعقاب جلسة مجلس الأمن الدولي التي عقدت الأربعاء، حيث تبادلت قوات المقاومة المشتركة والميليشيات الحوثية الاتهامات بخرق الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ في الثامن عشر من ديسمبر 2018.

وقالت مصادر إعلامية تابعة للمقاومة إنّ الحوثيين ارتكبوا أكثر من 18 خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار خلال الساعات التي تلت الجلسة عبر استخدام قذائف الهاون والأسلحة الرشاشة في قصف مواقع قوات المقاومة المشتركة جنوب الحديدة وفي الأحياء المحررة شرق المدينة.

وطالب ناشطون وسياسيون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي الحكومة اليمنية باتخاذ موقف حازم من المبعوث الأممي عقب حديثه في الأمم المتحدة عن انسحاب الحوثيين من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، وهو ما عده مراقبون يمنيون انحيازا إلى الحوثيين.

وشن رئيس الفريق الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار اللواء صغير بن عزيز هجوما غير مسبوق على المبعوث الأممي مارتن غريفيث، ووصف في سلسلة تغريدات على تويتر حديث المبعوث عن امتنانه للحوثيين وزعيمهم لانسحابهم المزعوم من الموانئ بأنه امتنان “للميليشيات الحوثية وزعيمها لقتلهما الشعب اليمني” لافتا إلى أن غريفيث “لم يأبه بالقرارات الدولية التي صدرت ضدهما”.

وعلق اللواء بن عزيز على إحاطة المبعوث الأممي بالقول “سعى غريفيث لإنقاذ الحوثيين ويحاول فرضهم على الشعب اليمني وشرعنة وجودهم بكل وسيلة.. هو يدعم وجود ميليشيا خارج القانون ويحاول أن يظلل عليها بالمظلة الدولية”.

واعتبر مراقبون سياسيون أن المبعوث الأممي إلى اليمن تحوّل إلى جزء من المشكلة وليس جزءا من الحل في اليمن، نتيجة لمواقفه الملتبسة التي يتناقض الكثير منها مع قرارات مجلس الأمن الدولي، والسعي لتنفيذ أجندة غامضة على صلة بمراكز القوى الدولية وسياساتها في المنطقة.

وقال الباحث السياسي اليمني علي حميد الأهدل في تصريح لـ”العرب” إن الإحاطة التي تقدم بها غريفيث في جلسة مجلس الأمن الدولي تزيد من تعقيدات المشهد اليمني وتعيد إلى الواجهة خيارات الحسم العسكري في ظل الشعور المتزايد لدى المناهضين للحوثي بأن كل ما يفعله غريفيث بات يصب في اتجاه دفع الشرعية للتعايش مع الانقلاب الحوثي كأمر واقع ومحاولة تجميله أيضا.

ووصف الأهدل ما يحصل من تطورات أحادية في الحديدة بأنه جولة جديدة من المراوغة التي تقوم بها ميليشيا الحوثي والتي تهدف إلى التحايل على تنفيذ بنود اتفاق السويد، مشيرا إلى قيام الميليشيات الحوثية باستقدام مئات المقاتلين إلى المديريات الجنوبية بالمحافظة، واستمرارهم في حفر الخنادق واستحداث الأنفاق الملغومة التي تصاعدت بوتيرة عالية وبشكل يومي، مستغلين الهدنة الأممية لتعزيز قدرتهم داخل المدينة والمديريات التي ما زالت تحت سيطرتهم.

وأشار الأهدل إلى أن انعدام ثقة الحكومة الشرعية والتحالف العربي في المبعوث الدولي، يعزز فرص استئناف الخيارات العسكرية في مواجهة الحوثيين، في ظل التطورات المتسارعة التي شهدتها المنطقة والتي كان آخرها تبني الحوثيين للهجمات التي استهدفت منصات ضخ النفط السعودي من خلال سبع طائرات مفخخة دون طيار يعتقد أنها إيرانية الصنع.

وتعليقا على تلك التطوّرات عبّر الخبير العسكري ومستشار وزير الدفاع اليمني يحيى أبوحاتم عن اعتقاده أنّ ما بعد 13 مايو ليس كما قبله، قائلا لـ“العرب” إنّ “هناك رسما لخارطة عسكرية جديدة في اليمن، ابتداء من استهداف وتكثيف العمل الاستخباراتي والجوي وتفعيل الجبهات”، ومؤكّدا وجود “معلومات مؤكَّدة تفيد بأن هناك جبهات ستفتح وستكون رأس حربة لتحرير صنعاء من بينها جبهة نهم”.

كما عبّر عن اعتقاده أن “الحديدة سيكون لها نصيب كبير من الضغط السياسي الذي ستقوم به السعودية ودول التحالف نتيجة القناعة التي وصلت إليها دول المنطقة بأن الحوثيين أصبحوا مصدر قلق دولي وخصوصا بعد أن باركت الأمم المتحدة عن طريق مارتن غريفيث المسرحية الهزلية في الحديدة وأرادت أن تشرعن وجود جماعة الحوثي في المنطقة”. كما توقّع أبوحاتم “أن يكون هناك عمل عسكري خاطف لفرض أمر واقع في محافظة الحديدة”