شبكات التواصل الاجتماعي..

حزب الفيسبوك !!

الفيسبوك

حميد طولست
مدير جريدة"منتدى سايس" الورقية الجهوية الصادرة من فاس رئيس نشر "منتدى سايس" الإليكترونية ورئيس نشر جريدة " الأحداث العربية" الوطنية. عضو مؤسس لجمعية المدونين المغاربة.

لا أحد ينكر أنه في سياق الخط الزمني لتطور شبكات التواصل الاجتماعي  وما صاحبها من خلق فضاءات إعلامية لا يهيمن عليها لا المخزن و لا الأحزاب ، فتحت قنوات اتصال كثيرة وحقيقية للأغلبية الصامتة ، وأصبحت عالما لا حدود له، وصارت منبرا  للمقهورين ، وأتاح الفرصة للرأي والرأي الآخر، وأزال العوائق والصعوبات التي كانت تحول دون اتصال المغضوب عليهم من عامة الناس ، بالنخب المسؤولة على مصائرهم  من نواب وحكوميين .

صحيح أنه يصعب تحديد تأثير تلك الشبكات التواصلية التي ملأت الدنيا وشغلت الناس بما تشهده من تطور يومي ، إيجابا أو سلبا ، إلا عن طريقة استخدامها ،حيث يمكن الإستفادة منها في ما ينفع الناس إلى أبعد الدرجات، كما يمكن الإنغماس بها في ما يسيؤهم إلى أبعد دركه، وذلك لتشعب مجالها التواصلي ، واتساع إنفتاح مساحاتها ، وعدم خضوع أجهزتها الالكترونية المتطورة للتدقيق أو التحقيق ، وسرعة وسهولة وصول ما يبثه الفايسبوكيون واليوتيوبيون والأستجراميون على صفحاتهم للملايين المتعطشة للأخبار الواردة عليهم من هنا وهناك ، صوتا وصورة ، في تحدٍ كبير لعسف السطلة ، وهدرٍ لما تبقى لها من هيبة وصرامة مفتعلة ، فالمسألة في المنفعل لا في الفعل ، والعبرة بالمستخدِم لا بالمستخدَم ، كما يقال.

ما جعل الكثير من المسؤولين ، يحسبون ألف حساب لحزب الفايسبوكيين واليوتيوبيين والأستجراميين الذي وفرت له تكنولوجيا الاتصال هته ، كل ما يحتاج له من القوة فضح التجاوزات والخروقات ، وغلبة الإيقاع بالفاسدين والمرتشين ، بعدما فشلت هجماتهم المسعورة التي استهدفت تنحيتها هذا النوع من الصحافة المستقلة ، ومحوها من الوجود ، لما تشكله من عائق لأنها أمام قواعد اللعبة المتفق عليها في إطار مخططاتهم الاستراتيجية ، ما أدى إلى نتائج وتطورات غير مسبوقة كان لها الوقع الإيجابي على المواطنين في الكثير من المجالات، حيث كشفوا –بالطرق الخاصة والجديدة  -عن حقائق ما كانت لتنكشف لعامة الناس لولا وجود الفايسبوكيون، واليوتيوبيون، ونضالاتهم التي لا يعنيها إلا تقويم معوج وانقاذ حياة وإغاثة ملهوف وعلاج مريض وسقي ظمآن وتنفيس كربة وسداد دين وإطعام جائع وإيواء نازح  وإرشاد ضال من دون قذف أو تشهير ، من دون  طعن ولا تجن ولا فبركة ولا إثارة للفتن والضغائن والعصبيات القبلية والطائفية والعرقية والدينية ، عن طريق ضغط جماعي راق لا يفتر كفله لهم  الدستور  وشجعت عليه التقنيات الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي ، شعارهم في ذلك " قل خيرا أو اصمت " أو "ان لم تكن للحق نصيرا فلا تكن للباطل مصفقا ".  وهذا لا يعني أنه ليس هناك للظاهرة سلبيات ، والتي يصعب نفي وجود بعض التأثيراتها –بشكل عام- على الحياة الاجتماعية للبشر، حيث يستغلها من لا ضمير له في فعل الشر بدل الخير ، كما يكشف العالم هذا الفضاء نفسه الكثير من الفضائح المرتكبة من خلاله ، كاختلاق الأكاذيب وبثّ الإفتراءات على الأشخاص أو الجهات ، أيا كانت ، لإبتزازها أو للمس بسمعتها أو لمجرد ومضايقتها  في حياتها الخاصة .

وتبقى أهم النتائج التي أفرزتها تجربة الإعلامي الجديد هته ، هي عودة المغاربة إلى السياسة ، وعودة السياسة إلى المغاربة ، بعد اغتراب وابتعاد طويلين بسبب المصادرة والاحتكار المديدين لكل ما هو سياسي من جانب النخب الحزبية ومن لفّ لفّها من ذوي المصالح الطبقية والبيزنسية التي أغلقت دوائرة السياسة على نفسها ؛ فهل تنم هذه العودةالشعبية المتبادلة بين المواكن المغربي والسياسة عن وعي سياسي وليد ، بأهدافه وتطلعاته وبرامجه المرتكز على القيم والمرجعيات الديمقراطية ، التي تؤدي إلى تنامي الوعي السياسي لديه رغم بأميته ؟، أم أنها عبارة عن ممارسة مراهقة سادجة ، وشعارات ونداءات وصيحات فضفاضة حول الحرية والحقوق، والكرامة الوطنية والكرامة الشخصية، التعددية والديمقراطية والشفافية والمساواة والعدالة الاجتماعية ، سرعان ما تنسى بعد إنتهاء الانتفاضات والوقفات الاحتجاجية . من الطبيعي أن يكون في عودة المغاربة للسياسة ، وعودة السياسة للمغاربة ، ما هو سلبي و ما هو ايجابي ، لأن هذا الانفتاح على العالم عبر شبكات التواصل الاجتماعي ، غير من مفهوم الأمية ببلادنا ،  فلم يعد الأمي هو ذاك الذي لا يعرف القراءة و الكتابة ،كما كان سابقا ،  حيث كانت القراءة و الكتابة هما اللتان توفران المعرفة، أما اليوم يمكن الحصول على المعرفة دون ايجادة الكتابة و القراءة لأن هناك الصورة و الصوت و تعدد المرجعيات التكنلوجية المتوفرة و بسهولة حتى في المداشر النائية  التي لا وجود في للماء و الكهرباء ، ومع ذلك يعيش ساكنتها العولمة يوميا ، بما يشاهدونه من قنوات أجنبية ، يعرفون من خلالها ما يجري في العالم ، فيتوفرون على مرجعيات جديدة، تؤدي إلى تنامي وعهم السياسي. ما جعل من المغربي يصبح أكثر وعيا سياسيا رغم أميته ، و في واقع الأمر فإن الأميين الحقيقيين ، هم  الذين لا يريدون فهم و استيعاب هذا التحول الملحوظ بالعين المجردة ، والذي يعود إلى أنه لا يخلو منزل عائلة من باربول ومحمول وحاسوب، و هذا من الأسباب التي تفسر التغييرات الواقعة حاليا من ابتعاد المواطنين عن الأحزاب و عزوفهم عن التصويت لها أو العكس.

مدير جريدة"منتدى سايس" الورقية الجهوية الصادرة من فاس

رئيس نشر "منتدى سايس" الإليكترونية

رئيس نشر جريدة " الأحداث العربية" الوطنية.

عضو مؤسس لجمعية المدونين المغاربة.

عضو المكتب التنفيذي لرابطة الصحافة الإلكترونية.

عضو المكتب التنفيدي للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان لجهة فاس مكناس

عضو المكتب التنفيدي لـ "لمرصد الدولي للإعلام وحقوق الأنسان