بين المناورة الأمريكية والتعنت الإيراني..

تقرير: "إيران وواشنطن" هل تنتصر المفاوضات أم تشتعل الحرب؟

المناورة الأمريكية، لكسب الوقت نحو مزيد من "المبررات" و"الدعم الدولي"، لنزع فتيل الحرب ضد إيران

رؤية الإخبارية
بين المناورة الأمريكية، لكسب الوقت نحو مزيد من "المبررات" و"الدعم الدولي"، لنزع فتيل الحرب ضد إيران، أو على الأقل، تحقيق أكبر مكاسب سياسية ممكنة، عبر الضغط السياسي والاقتصادي، والعسكري مؤخرًا، لإرغام زعماء طهران، لتحقيق المطالب الأمريكية، فيما يواصل "أمراء قُم"، تعنتهم، بل ووصل الحال بهم إلى التهديد والتوعد، تمضي الأزمة الإيرانية، التي تُحاصر يومًا بعد يوم، بعدما عاثت، بجنودها وميليشياتها، في بلاد العرب والمسلمين، فسادًا وإفسادًا، فينتظر الكثيرون، بارقة أمل، للخلاص من "كابوس الملالي السرطاني البشع".


أمريكا.. ضغط سياسي أم تبرير للتصعيد؟


في تصريحاتٍ، ربما تُفهم على جانبين، أولهما، التنويه والتحذير، بعد أن وُجهت رسميًا، إلى طهران، تهمة استهداف السفن التجارية في مياه الإمارات الإقليمية، وبالتالي الضغط على طهران، للحصول على مكاسب سياسية أو اقتصادية، إذا ما تم اللجوء إلى خيار "المفاوضات"، بشكلٍ رسمي أو علني، بعيدًا عن ما يرد من هنا وهناك، عن أحاديث خلف الكواليس، للوصول إلى تفاهم جديد، بديلًا عن "الاتفاق النووي المغضوب عليه أمريكيًا".

أما الجانب الثاني، فربما يأتي في سياق مبررات، تسوقها الإدارة الأمريكية، لحملة عسكرية، تقودها، نحو إنهاء حكم الملالي البغيض في إيران، الجاثم على صدور الإيرانيين، منذ نحو أربعين عامًا، على غرار المبررات التي ساقتها إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش، والتي لم تقنع العالم بكفايتها، لشن العدوان على العراق، في عام 2003، والإطاحة بالرئيس الراحل صدام حسين، مع بعض الاختلافات في الحالتين.

هذا تحديدًا، ملخص ما جاء من تصريحات، على لسان مستشار الأمن القومي الأمريكي "جون بولتون"، صباح اليوم السبت، حيث أكد أن التهديدات الاستخباراتية بشأن إيران جدية وعميقة، متهما طهران بالوقوف خلف الهجمات الأخيرة في الخليج على ناقلات وأنابيب النفط.

واعتبر بولتون، الذي يعد من الصقور في إدارة الرئيس دونالد ترامب، أن الاعتداءات الأخيرة لإيران ووكلائها في الشرق الأوسط مدعاة للقلق، موضحا أن معلومات الاستخبارات بشأن تهديد النظام الإيراني "عميقة وخطيرة".

تصريحات بولتون، سبقها تصريح للجيش الأمريكي، أمس الجمعة، يعتقد فيها الأخير أن "الحرس الثوري الإيراني" مسؤول بشكل مباشر عن الهجمات على ناقلات نفط داخل المياه الإقليمية الإماراتية.

وأضاف الجيش أن معلومات المخابرات تشير إلى "حملة" من جانب إيران تربط بين تهديدات في أرجاء المنطقة.

وقال الأميرال مايكل جيلداي مدير الأركان المشتركة "نحن ننسب الهجوم على الملاحة في الفجيرة إلى الحرس الثوري الإيراني"، مضيفاً أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) خلصت إلى أن الألغام اللاصقة المستخدمة في الهجوم تعود للحرس الثوري، فيما أحجم عن إيضاح "سبل توصيل" الألغام لأهدافها.

تصريحات المسؤولين الأمريكيين، تزامنت أيضًا، مع إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، موافقته على إرسال 1500 جندي إضافي إلى الشرق الأوسط.

وأكد ترمب أن نشر القوات الإضافية في الشرق الأوسط "إجراء بأغلبيته وقائي"، مشددًا على أن "الانتشار العسكري الإضافي في الشرق الأوسط هدفه الحماية". وأضاف أن الانتشار سيتضمن عدداً صغيراً نسبياً من القوات.

في سياق متصل، أفاد مسؤولون أمريكيون وفقًا لـ"وكالة أسوشييتد برس" إنه تم إبلاغ أعضاء الكونغرس بهذا الإشعار غداة اجتماع عقده البيت الأبيض لمناقشة مقترحات وزارة الدفاع (البنتاغون) الخاصة بتعزيز الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط.


إفلاس إيراني.. وتهديدات جوفاء!




فيما يبدو، يرى قادة إيران أن الدائرة تضيق بهم، وكعادة أغلب الديكتاتوريات، على مر العصور، تلجأ إما إلى إظهار الاستعانة بتحذيرات وتصريحات من يعاديهم، أو من ناحية أخرى محاولة خداع شعوبهم، بالقوة الزائفة، وإرسال التهديدات العنترية، مستندة في الأخيرة تحديدًا، على الأرجح، على الميليشيات التي تغذيها في المنطقة، وتدين تلك الميليشيات بالولاء لها، كما تظن، والتي ربما تكون سلاحا ذا حدين، فقد تنقلب على الملالي، وتعلن العودة إلى الحق وإلى أحضان الوطن العربي، كـ"الحوثيين" في اليمن، و"حزب الله" في لبنان، وغيرهم في العراق وسوريا.


الجديد هنا، وبعيدًا عما سبق، تلوح في الأفق، لهجة إحباط إيرانية، حملتها تصريحات وزير الخارجية "محمد جواد ظريف"، الذي استبعد إمكانية إيجاد حل دبلوماسي سريع للأزمة بين إيران والولايات المتحدة، مشيرة إلى أن السبب في ذلك يعود لانقطاع قنوات الاتصال.

وأضاف ظريف، أنه “بسبب الظروف التي خلقتها الإدارة الأمريكية الحالية، لا يمكن حل أي أزمة بشكل سريع وسهل، كما تمت تسوية الأزمة التي برزت باحتجاز  إيران  الجنود الأمريكيين العشرة في مياهها عام 2010”.

و ردا على سؤال حول إمكانية اتصاله بنظيره الأمريكي مايك بومبيو للحد من الأزمة بين البلدين أوضح ظريف: “كلما تحدث بومبيو عن إيران يهينني. ولا أستطيع  حتى الرد على اتصاله”.

في غضون ذلك، فمن المقرر أن يصل وزير الخارجية الإيراني، السبت، إلى العاصمة العراقية بغداد، لمناقشة الوساطة العراقية التي أعلن عنها رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي قبل أيام بشأن تهدئة الأوضاع بين الولايات المتحدة وإيران.

وردًا على قرار ترامب بإرسال تعزيزات أمريكية إلى المنطقة، اعتبر ظريف أن القرار الأمريكي يمثل "تهديدًا للسلام والأمن الدوليين"، مطالبًا بمواجهته.

وبعيدًا عن الدبلوماسية، عاودت إيران "الجعجعة الإعلامية"، حيث نقلت وكالة "ميزان للأنباء"، اليوم السبت، عن مسؤول عسكري إيراني كبير، قوله: إنه بوسع إيران أن تغرق السفن الحربية التي ترسلها الولايات المتحدة إلى منطقة الخليج باستخدام صواريخ و"أسلحة سرية".

وقال الجنرال مرتضى قرباني -مستشار القيادة العسكرية الإيرانية، لـ "وكالة ميزان"- "أمريكا قررت إرسال سفينتين حربيتين للمنطقة، فإن هما ارتكبتا أقل حماقة، فسنلقي بهاتين السفينتين إلى قاع البحر بطواقمهما وطائراتهما باستخدام صاروخين أو سلاحين سريين جديدين".



المفاوضات أم الحرب؟



حتى الآن، ورغم التحركات العسكرية الأمريكية، وبوادر قلق عربي، كويتي تحديدًا، من احتمالية اندلاع مواجهة عسكرية مباشرة في المنطقة، إلا أن صوت السلام يبدو الأعلى، رغم عدم جلوس الجانبين، ولو بشكلٍ رسمي على طاولة المفاوضات، وهناك مؤشرات على اقتراب حدوث ذلك.

فقد صرح نائب وزیر الخارجیة الكويتية خالد الجار الله إن "المفاوضات بين واشنطن وطهران بدأت على ما يبدو".

وأوضح الجار الله أنه "على ما یبدو، فإن المفاوضات بین الطرفین قد بدأت، فهناك تحرك واتصالات"، مستشهداً بزیارة وزیر الخارجیة العماني یوسف بن علوي لطهران.

وأعرب المسؤول الكويتي عن ثقة بلاده في أن تسود الحكمة والعقل، وأن یكون الهدوء سید الموقف في المنطقة وألا تشهد صداماً. وتابع الجار الله: "نحن ضمن هذه الدائرة، ونعتقد أن هناك ما یدعو للأمل والتفاؤل في أن تكون هناك سیطرة بما لا یشكل خطورة أو تهدیداً لأمن المنطقة". 

ولفت الجار الله إلى أن "الكویت مستعدة دائماً وحاضرة لبذل أي جهود تهدف إلى التهدئة والاستقرار وتجنب الصدام".


أما عن الوساطة المباشرة، فجاء آخرها من رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، استنادًا لعلاقات متميزة بين بغداد وواشنطن وطهران على حدٍ سواء.

فقد أكد رئيس الحكومة العراقية عادل عبدالمهدي، الثلاثاء الماضي، أن العراق سيرسل وفدًا إلى طهران وآخر إلى واشنطن لإنهاء التوتر والصراع على خلفية التصعيد الأخير.

وقال عبدالمهدي -خلال مؤتمره الصحفي الأسبوعي- إن ”العراق يجري اتصالات عالية المستوى ورؤيته قريبة جدًا من الرؤية الأوروبية لتسوية الأزمة في المنطقة“.

وأضاف أن ”المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين أكدوا لنا عدم رغبتهم في خوض الحرب“، مشيرًا إلى أن ”العراق في مرحلة نقل الرسائل بين واشنطن وطهران ونحاول نزع فتيل الأزمة بين الجانبين“.

هذا فيما كانت مصادر سياسية عراقية، كشفت أن إيران طلبت من رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي لعب دور الوسيط بينها وبين السعودية والإمارات، بمعزل عن الولايات المتحدة الأمريكية، للجلوس على طاولة المفاوضات لحل الخلافات بينهما.