مخاوف من تنامي فقاعة الإقراض الاستهلاكي..

خلاف حكومي حول مخاطر الاقتصاد الروسي

الإقراض الاستهلاكي ينمو بوتيرة متسارعة

موسكو

بينما حققت الجلسات المتصلة بالعلاقات الاقتصادية الخارجية نجاحا كبيرا ضمن فعاليات منتدى بطرسبورغ الدولي، شهدت النقاشات حول الاقتصاد الروسي جدلا بين مسؤولين روس حول قضايا اقتصادية رئيسية، مثل عبء ديون المواطنين الروس على خلفية نمو القروض غير المضمونة بمستويات أعلى من الدخل الحقيقي للمواطنين، وكذلك حول «المشاريع القومية» التي أعلن عنها الرئيس الروسي، وقدرتها في تحقيق نمو فعلي، فضلا عن نشاط الحكومة في هذا المجال. كما كان هناك تركيز واضح على إصلاحات المنظومتين القضائية والأمنية، لا سيما فيما يخص ملاحقة رجال الأعمال والمستثمرين.
وفي واحدة من الجلسات ضمن فعاليات منتدى بطرسبورغ الاقتصادي، حذر مكسيم أوريشكين، وزير التنمية الاقتصادية الروسي من النمو غير المنظم للقروض الاستهلاكية، وقال بهذا الصدد: «أرى أن أكبر المخاطر التي قد تأخذنا نحو الركود في روسيا هو مشكلة فقاعة الإقراض الاستهلاكي (...) عندما يحدث انحراف في عمل المنظومة المصرفية في هذا الاتجاه أو ذاك فإن هذا يحمل مخاطر اجتماعية وبالطبع مخاطر اقتصادية».
وقدر معدل نمو الإقراض الاستهلاكي بنحو 30 في المائة على أساس سنوي، مشددا على أن هذا النمو «غير مستقر»، ولا يتناسب مع نمو دخل المواطنين بنسبة 5 - 6 في المائة سنويا. وحذر من أن استمرار الوضع على حاله خلال السنوات المقبلة سيأخذ روسيا إلى مرحلة ركود عام 2021. إلا أن إلفيرا نابيولينا، مديرة البنك المركزي الروسي، لم توافق على ما قاله أوريشكين، وأقرت بأن الإقراض الاستهلاكي ينمو بوتيرة متسارعة، لكن ليست أعلى من وتيرة نمو قروض الرهن العقاري، وأكدت أن «المركزي» مع ذلك يحاول «تبريد وتيرة الإقراض الاستهلاكي». ودفاعا عن سياسة المركزي في هذا المجال قالت إن حصة عبء ديون المواطنين من الاقتصاد الروسي لا تزيد على 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفي الدول الأخرى هذه النسبة أعلى بكثير، دون أن يشكل ذلك مخاطر على اقتصادها. ودعت إلى البحث عن «أصل المشكلة»، لافتة إلى أن «الناس لا يسحبون القروض لأن حياتهم جيدة»، ولذلك تقترح العمل على تحسين دخل المواطنين، وحل مشكلة سوق العمل، وأضافت: «عندها لن يكونوا بحاجة إلى القروض لتحسين مستوى حياتهم».
كما توقف المشاركون عند مسائل أخرى من الاقتصادي الروسي، خلال نقاشات في جلسة تقليدية ضمن فعاليات المنتدى، يطلق عليها «إفطار لدى سبيربنك»، كانت مكرسة لبحث الاستقرار والإصلاحات. وفي مشاركته في تلك الجلسة شكك أليكسي كودرين رئيس غرفة الحسابات الروسية، المسؤولة عن مراقبة الميزانية العامة ونفقات الدولة، بإمكانية تحقيق المشروعات القومية مستوى النمو الاقتصادي المطلوب ضمن الظروف الحالية، وأعاد للأذهان أنه شبه الحكومة منذ عام بـ«نمر يستعد لقفزة»، وأضاف: «اليوم يمكن القول مجازيا إن النمر قد قفز، وقدم لنا المشروعات القومية. نرى الآن كيف تحاول البلاد تحقيق مؤشرات المشروعات القومية. لكن لدي شعور وكأن النمر تجمد في قفزته. مع ذلك فسينزل إلى الأرض من قفزته، وسنرى النتيجة».
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حدد الأهداف من تلك المشروعات بنمو الاقتصاد الروسي وانضمامه إلى أكبر خمسة اقتصادات عالميا، والقضاء على الفقر، وغير ذلك من أهداف.
ووصف كودرين تلك المشروعات بأنها عظمى، وقال إنها تتوافق تماما مع الأولويات، وأكد دعمه لعدد كبير منها، لكنه عبر عن أسفه على عدم التحرك في مجال تنفيذ تلك المشروعات بأسلوب يمكن الحديث معه عن «نقطة تحول»، ولذلك يرى أن «تنفيذ المشروعات القومية لن يؤدي إلى تحقيق الأهداف القومية، مثل تقليص مستوى الفقر، وزيادة متوسط العمر، والانتقال إلى الإنتاج عالي الدقة تقنياً، وأن تصبح روسيا ضمن أكبر خمسة اقتصادات عالمياً».
وتوقف بعد ذلك عند إصلاحات «إدارة الدولة»، لافتاً إلى أن الحديث حول ضرورة تلك الإصلاحات تكرر مرارا، إلا أن «المنظومة لم تُزل العقبات من درب المستثمرين»، في إشارة منه إلى ممارسات المؤسسة القضائية والأمنية التي تثير قلق قطاع الأعمال والمستثمرين على حد سواء، ومثالا على ذلك توقف عند اعتقال رجل الأعمال مايكل كالفي، ووصف ما جرى بأنه «صدمة» للاقتصاد الروسي.
وكان فلاديمير ماي، عميد الأكاديمية الروسية للاقتصاد الوطني وإدارة الدولة أكثر وضوحا في تناوله هذه المسألة، حين عبر صراحة عن قناعته بأن تشدد القوانين في روسيا يتحول إلى عقبة في وجه النمو الاقتصادي.