تنفيذ مخطط الإيراني بالسيطرة على عواصم عربية..

الحوثيون وحزب الله.. بيادق إيرانية للعبث بالأمن العربي

مسلحان حوثيان أمام ملصق دعائي

24

تعكس العلاقة التي تربط حزب الله في لبنان بالمتمردين الحوثيين في اليمن، والممتدة إلى أكثر من 10 أعوام، السياسة الطائفية لإيران في منطقة الشرق الأوسط، لتسختدم الجماعتين كأداتين تابعتين لطهران، لتنفيذ مخطط المشروع الإيراني بالسيطرة والهيمنة على عواصم عربية، اعتماداً على وجود جماعات شيعية متعددة تعمل جميعاً تحت مظلة الماكينة الدعائية الإيرانية التي تُترجم حرفياً في الذراع الإعلامي لقطر. وقد ازدادت وتيرة التنسيق بين هذه الأذرع بعد قمم مكة بهدف استهداف السعودية.

وشكل إعلان السعودية التي قادت التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، عن عملية "عاصفة الحزم" في مارس(آذار) 2015، نقطة تحول في العلاقة بين حزب الله والحوثيين، وبدأت العلاقات التي كان يتم الحديث عنها سراً منذ فترة طويلة، تصبح مرئية بوضوح.

ولم تقتصر علاقة حزب الله اللبناني بالتمرد الحوثي في اليمن فقط على التدريب العسكري، وإنما المساعدة المباشرة ضمن سياسة إيران التدخلية في دول المنطقة، فالحزب يقوم منذ سنوات بتدريب ميليشيات الحوثي بهدف قتال القوات الشرعية في اليمن، وتنفيذ عمليات ضد السعودية، وفق تقرير مفصل نشرته دورية "فورين أفيرز" الأمريكية.

علاقة قديمة 
ومن بين ما ذكره التقرير توصيات مد الحوثيين بصواريخ مضادة للطائرات وأخرى للدبابات وأسلحة أخرى مختلفة، وهو ما حدث بالفعل مثلما تبين من السفن التي تم ضبطها في مياه خليج عمان وعدن والبحر الأحمر في أوقات مختلفة.

وأعلنت الحكومتان اليمنية والسعودية مراراً وتكراراً خلال الأعوام السابقة، العثور على تسجيلات فيديو ووثائق في مواقع عسكرية كانت تحت سيطرة الحوثيين تؤكد مشاركة حزب الله في القتال، وأن مشاركته تعود إلى ما قبل الاستيلاء على صنعاء وعاصفة الحزم.

ويتلقى الحوثيون الدعم المباشر من حزب الله منذ التأسيس في تسعينات القرن الماضي، وإن كان إيديولوجياً، لكنه تمحور بعد عام 2011، ليشمل كل الجوانب السياسية والأيديولوجية والإعلامية، ورأى محللون أن هذه العلاقة بين حزب الله والحوثيين تؤجج بدورها مخاوف الدول السنية من توسع التحالفات الشيعية، حسب تقرير لصحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.

وأعطت إيران الضوء الأخضر إلى حزب الله اللبناني لدعم الحوثيين في اليمن، في محاولة لزعزعة استقرار الخليج والسعودية على وجه الخصوص، بعد تحويل مناطق في اليمن إلى شوكة في خاصرة السعودية، ناهيك عن محاصرتها عبر السيطرة على مضيقي هرمز وباب المندب.

ويشمل هذا الدعم التدريب العسكري في اليمن على أيدي خبراء عسكريين من جماعة حزب الله اللبناني، بالإضافة إلى تدريب عناصر حوثية في معسكرات في لبنان وسوريا والعراق.

تصنيف "حزب الله" كتنظيم إرهابي

وكان من الطبيعي أمام تنامي مخاطر المخطط الإيراني الطامع في الهيمنة على المنطقة، واستخدام كيانات مذهبية متعددة في تنفيذ تلك المطامع أن يأتي القرار العربي والخليجي بتصنيف حزب الله اللبناني كتنظيم إرهابي، وذلك في الثاني من مارس(آذار) عام 2016. 

كما دأبت إيران على تزويد الحوثيين علناً بعدد من الصواريخ القصيرة والبعيدة المدى لضرب أهداف في السعودية، وقد تصدت لها الدفاعات الجوية بالمملكة، واعترفت وسائل إعلام إيرانية رسمية خلال العام 2016، بتزويد الميليشيات والانقلابيين في اليمن بهذه الصواريخ.

ولم يقتصر الدعم الإيراني للحوثيين على إمدادهم بالصواريخ فحسب، بل إن التحالف العربي والقوات الدولية ضبطت شحنات أسلحة ثقيلة وخفيفة ومتفجرات وقذائف وأنواعاً أخرى من الأسلحة خلال حوالي ثلاث سنوات من "عاصفة الحزم".

ولم يتوان المتشددون الإيرانيون عن إعلان استمرار الدعم للميليشيات الحوثية والانقلابيين، بل التوغل في داخل أراضي السعودية، وفق تقرير نشرته قناة سكاي نيوز عربية عام 2016، حيث أعلن رجل الدين الإيراني المتشدد مهدي طائب، رئيس مقر "عمّاريون" الاستراتيجي للحروب الناعمة بالحرس الثوري، أن دعم إيران لميليشيات الحوثيين يأتي "بهدف احتلال جدة والرياض"، على حد تعبيره، وفقاً للتقرير.

ضرب السعودية ودول الخليج
ودأب الحوثيون خلال الحرب الدائرة مع قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية على قصف الأهداف العسكرية والمدنية عبر الحدود، بالإضافة إلى توجيه ضربات إلى منشآت ومصالح سعودية. كان من أبرزها في الآونة الأخيرة ضرب منشآت نفطية قرب الرياض، وتخريب ناقلتي نفط سعوديتين ضمن 4 سفن في خليج عمان قبالة سواحل الفجيرة، وهو ما دفع السعودية لعقد قمتين طارئتين خليجية وعربية بمكة المكرمة نهاية شهر مايو من العام الحالي.

ولم تنجح مساعي المبعوث الأممي في اليمن، لإنهاء للحرب الدائرة بين التحالف العربي الذي تقوده السعودية وجماعة الحوثي في اليمن، ففي 12 مايو(أيار) 2019 أكدت الأمم المتحدة، أن اليوم الأول لانسحاب قوات جماعة الحوثي من ثلاثة موانئ على البحر الأحمر في اليمن سار "وفق الخطط الموضوعة". لكن الشهر الذي مر على بيان الأمم المتحدة شهد مجموعة من الهجمات المتبادلة بين الحوثيين وقوات التحالف الدولي التي تقودها المملكة السعودية، كانت كفيلة بتغيير تلك "الخطط"، وتقويض الجهود الرامية لإنهاء الحرب الدائرة منذ أربعة أعوام.

واتهمت السعودية إيران بإعطاء الأوامر للحوثيين بمهاجمة منشآتها النفطيّة غرب الرياض. وكتب نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان على تويتر: "ما قامت به الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران من هجوم إرهابي على محطتي الضخ التابعتين لشركة أرامكو السعودية، يؤكد على أنها ليست سوى أداة لتنفيذ أجندة إيران".

ما بعد قمم مكة 
وكان الكاتب والمحلل السياسي الإماراتي محمد الصوافي، أكد أن القمم الطارئة التي عقدت في مكة المكرمة، تؤكد على الرغبة السعودية في وضع حد للتدخلات الإقليمية في الشأن الخليجي والعربي وخاصة التدخل الإيراني، وبالفعل نجحت الرياض في لعب دور استثنائي في توحيد الصف لمواجهة التحديات التي تحدق بالمنطقة، والخروج بموقف عربي حازم ضد إيران.

وأشار الصوافي، في تصريحات لـ24، إلى أن "القمم الطارئة التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، شكلت صدمة لطهران في ظل ما تشهده المنطقة من تحديات جسيمة، خاصة مع مخرجاتها التي أكدت على العمل المشترك في التصدي لأي تهديد يطال أمن المنطقة.

ورأى المحامي يوسف البحر أن دعوة السعودية لأشقائها العرب أتت في مرحلة هامة كانت تحتاج لموقف عربي موحد تجاه التجاوزات الإيرانية، مؤكداً أن البيانات الختامية للقمم عززت موقف الدول المشاركة في الحرص على تطبيق القانون الدولي وإدانة الأعمال الإرهابية.

وأثارت التطورات ما بعد قمم مكة، حسب تقرير نشره موقع "البيضاء" اليمني، تساؤلات عما بعد حملة السعودية الواسعة للحشد، وما إذا كانت تمهد لموجة من العمليات العسكرية كرد على هذا التصعيد، أم أن الهدف يقتصر على الدفاع عن موقفها العسكري باستمرار العمليات في اليمن، وإيصال رسالة مفادها أن الخطر الذي يمثله الحوثيون على درجة عالية من الجدية.

ولا يمكن النظر إلى قمم مكة من زاوية يمنية بحتة، وفق التقرير اليمني، وبالتالي فإن تحرك الرياض، بالدعوة إلى القمم الطارئة، يأتي لحشد الدعم المساند لموقفها ومجمل توجهاتها في الأشهر الأخيرة، في ظل التصعيد الإيراني الأميركي، أكثر منه للرد على تطور عسكري نوعي متمثل بتمكن الحوثيين من الوصول إلى أهداف شديدة الحساسية، كما هو الحال، بمنشآت النفط، والتأكيد على اعتباره تطوراً مُداناً من الدول المشاركة في هذه القمم. 

الحرس الثوري الإيراني
وكان لافتاً، أن قمم مكة، وما سبقها من تطورات، ترافقت مع توجه سعت الرياض إلى تأكيده يتمثل باعتبار أن الحوثيين جزء لا يتجزأ من "الحرس الثوري" الإيراني، الذي واجه عقوبات أمريكية، على الرغم من أن الجماعة المسلحة التي تحارب السعودية منذ سنوات، تتمتع بخطوط اتصال مباشرة مع دول غربية، وترفض واشنطن ولندن وغيرهما تصنيفها في "قوائم الإرهاب"، وسط تجاهل للمطالب المتكررة التي ترفعها الحكومة اليمنية، ومثلها السعودية، دون أن تلقى أي أصداء متجاوبة في السياق، وفق تقرير نشرته 

في كل الأحوال، يمثل الخطاب، الذي بدا حريصاً على إبراز الحوثيين كقوة تهديد متزايدة قادرة على استدعاء اجتماعات دولية منددة بهذا الخطر، مؤشراً مهماً على أن اليمن سيظل خلال الفترة المقبلة محطة محورية بتصعيد الأزمة مع إيران. وبالتالي يبقى الوضع مفتوحاً على كافة الاحتمالات، بما في ذلك تمديد أمد الحرب أو تصعيدها خلال الفترة المقبلة، على نحو يعزز ما قاله الحوثيون أنفسهم بأن ما بعد "عملية التاسع من رمضان ليس كما قبل"، في إشارة إلى استهدافهم منشآت نفطية في الرياض، حسب تقرير موقع "البيضاء" اليمني.