إخوان الأردن..

الإخوان المسلمين يكثفون ضغوطهم على الدولة الأردنية

صفقة القرن قبلة حياة لإخوان الأردن

عمان

تظهر جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بالفترة الأخيرة ثقة متزايدة بالنفس، وهي تسعى اليوم لخلق جبهة سياسية عريضة حولها، متخذة من دعم القضية الفلسطينية في مواجهة السيناريوهات الأميركية غطاء لتحركاتها.

ولا تتوانى الجماعة عن التسويق إلى أن الجهود الأردنية الرسمية للتصدي للخطوات الأميركية لا ترتقي إلى الجدية المطلوبة، ساعية إلى حشر المؤسسة الملكية في الزاوية وإحراجها أمام الرأي العام عبر إعادة التصويب على ملفات من قبيل اتفاقية الغاز مع إسرائيل.

ورغم أن الجماعة تركز في مواقفها وتصريحاتها على إلقاء سهامها باتجاه حكومة عمر الرزاز إلا أنها تدرك أن القرار الفعلي بيد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في ما يخص القضايا الاستراتيجية، ومنها تلك المتعلقة بالعلاقة بإسرائيل.

وكشفت كتلة الإصلاح التابعة للإخوان المسلمين في مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى للبرلمان)، الأربعاء، ما قالت إنها تفاصيل اتفاقية الغاز الموقعة بين المملكة وإسرائيل في العام 2016.

جاء ذلك، في مؤتمر صحافي عقدته الكتلة بمقر حزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بالعاصمة عمان)، وحضره عدد من القوى والشخصيات من مشارب فكرية وسياسية مختلفة .

وتنص الاتفاقية التي لم يرشح عنها منذ توقيعها في سبتمبر 2016، سوى معلومات قليلة، على تزويد الأردن بنحو 45 مليار متر مكعب من الغاز، على مدار 15 عاماً.

وقال صالح العرموطي، عضو الكتلة، “إن الاتفاقية المؤلفة من 92 صفحة، تتعارض مع أبسط القواعد القانونية والدستورية؛ لأنها مرفوضة بإجماع مجلس النواب”. وذكر أن الحكومة الأردنية، أصدرت تفويضا لشركة الكهرباء الأردنية (الطرف الأردني في الاتفاقية) بالتوقيع، وكفلتها كفالة كاملة بقيمة 11 مليار دولار.

وأوضح أن الاتفاقية تنص على أن الغاز سيمر بمرحلتين للنقل؛ من الحقل إلى الحدود الأردنية، ومن الحدود الأردنية للمستهلك، عبر شركة تدعى “الفجر”. وتابع “تنص الاتفاقية على أن حكومة الأردن هي الضامن، عبر وثيقة التزام بدفعات المشتري، وعلى ضمان آخر عبر إمكانية الحجر على الاستحقاقات الأردنية من الولايات المتحدة (المنح السنوية)”.

ويأتي مؤتمر الأربعاء، بعد أن قررت الحكومة مهلة من مجلس النواب؛ لمعرفة رأي القضاء في شأن إلزامية عرض اتفاقية الغاز الموقعة مع إسرائيل على المجلس، في مارس الماضي.

ويرى مراقبون أن جماعة الإخوان ورغم إدراكها بأن التراجع عن الاتفاقية قد يكلف الأردن الكثير اقتصاديا وحتى سياسيا في علاقة بالدعم الأميركي، بيد أن الجماعة لا تتوانى عن توظيف هذه القضية -التي لطالما كانت مثار جدل- في هذا التوقيت لإحراج الدولة.

وفي سبتمبر 2016 وقعت إسرائيل مع الأردن اتفاقا قيمته 10 مليارات دولار لتصدير الغاز من حقل ليفياثان البحري اعتبارا من عام 2020 ولمدة 15 عاما.

وبموجب اتفاق آخر لاستيراد الغاز، أعلنت شركة “ديليك” الإسرائيلية في مارس 2017 أنها بدأت تصدير الغاز إلى الأردن من حقل بحري.

وبدأ التصدير إلى الأردن في يناير 2017، بحسب ما صرحت به شركة “ديليك”، وهي جزء من تحالف شركات تقوم بتطوير مخزونات إسرائيل البحرية من الغاز.

وقال النائب صالح العرموطي إن “هذه الاتفاقية مرفوضة شعبيا وقانونيا وسياسيا وأخلاقيا”.

وأضاف “إذا لم تسقط الحكومة هذه الاتفاقية فنحن سنحجب الثقة عنها، وهناك توجه عام لدى مجلس النواب بحجب الثقة عن الحكومة ومحاكمة الوزراء (المسؤولين عن توقيع هذا الاتفاق) وهذا حق مشروع”، مشيرا إلى أن “مجلس النواب يرفض بالإجماع هذه الاتفاقية. وشهدت جماعة الإخوان خلال السنوات الماضية تراجعا كبيرا على الصعيدين الشعبي والسياسي نتيجة الانشقاقات التي عصفت بها والتي تحمل مسؤوليتها للحكومات الأردنية المتعاقبة، لكن في الأشهر الماضية بدا أن الجماعة تستعيد توازنها مجددا، مع إظهار السلطة مرونة أكبر في التعاطي معها مجددا.

وتقول دوائر سياسية إن عودة الجماعة إلى الساحة بقوة، يرجع إلى استشعارها بحالة الضعف التي تبدو واضحة على الدولة الأردنية، نتيجة التحديات الداخلية المتمثلة في الأزمة الاقتصادية والإكراهات الخارجية في علاقة بالملف الفلسطيني وخطة السلام الأميركية التي كُشف عن الشق الاقتصادي منها في ورشة بالبحرين قبل أيام وحضرها مسؤول في وزارة المالية الأردنية.

وتضيف الدوائر أن النقطة الأخرى التي تستفيد منها جماعة الإخوان هو تراجع مكانة الأردن في الفضاء الإقليمي العاصف، وتغير أولويات الحلفاء الذين لطالما شكلوا على مدار عقود سندا للمملكة.

وتدرك الجماعة أن الأردن الرسمي في حاجة إلى تهدئة الوضع الداخلي قدر الإمكان، وهذا ما بدا في الخطوات التي أقدم عليها باتجاهها، وتريد استغلال هذا الوضع لحصد مكاسب سياسية متعللة بالدفاع عن ثوابت الأمة ومنها القضية الفلسطينية التي يحاول العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني جاهدا الدفاع عنها.