"الديكتاتور الجائع وثمن الدم"..

18 مليار دولار هدف أردوغان من ليبيا

هجوم حفتر وضع عقود البناء مع حكومة الوفاق الإخوانية في مهب الريح

وكالات

العملة الخضراء والأزمة الاقتصادية والغاز وتاريخ الأجداد.. عوامل كثيرة تجيب على السؤال الهام.. لماذا يخاطر الرئيس التركي رجب أردوغان، بجنرالاته ويرسلهم إلى المعارك في ليبيا؟ ولماذا يمد المليشيات المتطرفة بالسلاح؟ هل ثمة عائد يعود عليه، أو على دولته، يستحق المجازفة؟

موقع "عثمانلي" المهتم بالشأن التركي حاول الإجابة على هذه التساؤلات؛ موضحًا أن ثروات ليبيا من النفط كافية لإثارة لعاب الديكتاتور الجائع لأي حفنة غاز تساعده في حل أزمته الاقتصادية الصعبة، بالإضافة لسعيه المحموم لاستعادة إرث سلطنة أجداده المقبورين.. وأخيرًا، العملة الخضراء.

فعلها حفتر

وبحسب الموقع؛ فإن تركيا كانت قد وقّعت عقود بناء مع حكومة الوفاق الليبية، ذات التوجه الإخواني، باستثمارات تبلغ 18 مليار دولار؛ لكن الهجوم الذي شنه الجيش الليبي، بقيادة خليفة حفتر، جعل تلك المشاريع مهب الريح، وبعد توقفها الجزئي، صارت مهددة بالتوقف للأبد.

العقود التجارية

بجانب هذا، تسعى أنقرة للحصول على حصة كبيرة من العقود التجارية في ليبيا والتي تُقدر بمليارات الدولارات، حسبما كشف مسؤولان تركيان عن سبب دعم بلادهما حكومة الوفاق الوطني الليبية التي تهيمن عليها جماعة "الإخوان المسلمين" في طرابلس؛ إلا أنها أصبحت في مأزق بسبب النزاع الدائر في البلاد، وكذلك التدافع المتزايد دوليًّا على النفط والغاز في البحر المتوسط.

باع جنرالاته

جنرالات تركيا الذين يديرون المليشيات المسلحة في ليبيا، مهددون بالقتل لا شك، أو بالأسر.. فبأي ثمن باع أردوغان جنرالاته؟

في تصريحات لوكالة "بلومبرج" الأمريكية، قال المسؤولان اللذيْن تَحَدّثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما: أن الهدف الرئيسي لتركيا في دعم حكومة "فايز السراج" في طرابلس؛ هو ضمان قدرتها في النهاية على استئناف مشاريع البناء.

شرق المتوسط

وقال المسؤولان: إن استعادة الهدوء واستمرار حكومة "فايز السراج"؛ سيسهل من عملية ترسيم الحدود البحرية، ومساعدة تركيا على توسيع مناطقها الاقتصادية الحصرية، وتعزيز قوتها في المنافسة للسيطرة على موارد الطاقة وطرق الإمداد في شرق البحر المتوسط.

وتتنافس تركيا مع قبرص للسيطرة على اكتشافات الطاقة البحرية المحتملة، وتريد أن تصبح القناة الرئيسية إلى أوروبا لإمدادات الغاز الطبيعي من شرق البحر الأبيض المتوسط.

بداية الصداقة

بدأت صداقة تركيا مع ليبيا عندما منحها الرئيس الراحل معمر القذافي قطع غيار لتشغيل طائراتها الأمريكية أثناء حظر الأسلحة الأمريكي بسبب استيلاء الجيش التركي على شمال قبرص عام 1974.

وسرعان ما أصبح البناة الأتراك الدعامة الأساسية للأعمال الأجنبية في ليبيا؛ على الرغم من التدفق الذي حدث فيما بعد من قِبَل الصينيين والروس وغيرهم، وتلقى الرئيس رجب طيب أردوغان جائزة حقوق الإنسان التي سميت باسم القذافي في عام 2010.وبعد عام، تم الإطاحة بالقذافي في ثورة مدعومة من الناتو.

ووسط أعمال العنف، تخلت الشركات التركية عن الجرافات والرافعات ومشاريع البناء المربحة بما في ذلك المستشفيات ومراكز التسوق وفنادق الخمس نجوم.

ورحّلت تركيا 25 ألف عامل خلال الانتفاضة الشعبية التي دعمها حلف شمال الأطلسي، والتي أنهت حكم معمر القذافي لليبيا الذي دام أربعة عقود في عام 2011، وتعيش ليبيا في حالة من الاضطراب منذ ذلك الحين، مع وجود حكومات متنافسة في الشرق والغرب وعشرات المليشيات التي تقاتل من أجل السيطرة على الدولة التي تُعد موطنًا لأكبر احتياطيات النفط في إفريقيا.

موطئ قدم

بعد ثماني سنوات، ارتأت أنقرة أن تجد لها موطئ قدم في ليبيا من جديد، وتوجه دعمها لحكومة طرابلس، التي تتصدى لحملة القائد العسكري القوي خليفة حفتر شرقي البلاد للاستيلاء على طرابلس والسيطرة الكاملة على البلد العضو في منظمة "أوبك".

هددت عملية احتجاز ستة أتراك من قِبَل القوات الموالية لحفتر، بِزَجّ تركيا إلى عمق ما يمكن أن يتحول إلى حرب بالوكالة في الشرق الأوسط، ولم يتم إطلاق سراح الأسرى إلا بعد أن هددت تركيا بشنّ هجوم عسكري ضد حفتر، المدعوم من عدة دول؛ بما في ذلك منافسي تركيا الإقليميين الإمارات العربية المتحدة ومصر.

تفاخرت حكومة السراج بالدعم الذي تَلَقّته من أنقرة؛ حيث نشرت صورًا للسيارات المدرعة تركية الصنع، بعد عدة أسابيع من الكشف عن أن الأتراك سيعملون على تسليح قواته، وفي أوائل شهر مايو، أظهرت لقطات فيديو نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، السيارات التي تمرّ عبر شوارع طرابلس وسط هتافات السكان المحليين.

دعم الإخوان

وردًّا على أسئلة حول شحنات الأسلحة التي تم الإبلاغ عنها، قال أردوغان للصحافيين في 20 يونيو الماضي: "إننا نقدم بعض الدعم بما يتوافق مع متطلباتهم".

ومع ذلك، نفى مبعوث أردوغان الخاص إلى ليبيا، أمير الله إيسلر، تسليم ناقلات الجنود المدرعة والطائرات المسيرة إلى حكومة طرابلس؛ مما يشكل انتهاكًا لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة.

وأكد "إيسلر" أيضًا أن تركيا لم توفر الدعم لمقاتلي الحكومة الليبية والمليشيات التابعة لها التي استولت على مدينة استراتيجية جنوب طرابلس من حفتر وجنوده الأسبوع الماضي.

وتبادل الجانبان الاتهامات بشأن توريد الأسلحة؛ حيث قالت حكومة "السراج" الأسبوع الماضي: إنها صادرت صواريخ متطورة أمريكية الصنع تم بيعها في الأصل إلى الإمارات العربية المتحدة، ومن الواضح أن قوات حفتر تركوها وراءهم عندما انسحبوا من مدينة غريان؛ بينما نفى حفتر هذا الادعاء.

عصابة أردوغان

الجيش الوطني الليبي أكد توصله إلى مسؤولي إدارة العمليات العسكرية ضده، وحددهم بالأسماء والمناصب والمهام، حسبما نشرت صحيفة "أحوال" التركية، وذكر أنهم يشاركون في توجيه الطائرات التركية المسيرة بدون طيار، والتي لعبت دورًا محوريًّا في السيطرة على منطقة غريان الاستراتيجية ومعسكر أبو رشادة.

ضمت القائمة الفريق "ثان جوكسال كاهيا"، نائب وكيل وزارة الدفاع التركية، الذي تمت ترقيته بعد أحداث انقلاب منتصف يونيو 2016، من لواء إلى فريق ثان. بالإضافة إلى السكرتير العام للقوات المسلحة التركية، عرفان أوزسارت، الذي كان شاهدًا مهمًّا في تحقيقات إدانة حركة الخدمة، عقب أحداث مسرحية الانقلاب.

تورط أنقرة أثار غضب قائد الجيش الليبي، خليفة حفتر؛ مما دفعه لتشديد موقفه تجاه تركيا، فحظر الرحلات الجوية التجارية بين ليبيا وتركيا، كما منع السفن التركية من الرسوّ على الساحل الليبي؛ بل وهدد باعتقال المواطنين الأتراك في ليبيا، وتم بالفعل اعتقال ستة مواطنين أتراك لعدة ساعات في أواخر يونيو، ثم تم إطلاق سراحهم بعدها.