دمشق تستغيث وتكشف عمليات طمس هوية ممنهجة..

قصة نهب تركيا للآثار السورية

تهريب 100 ألف قطعة أثرية من سورية خلال السنوات الأخيرة

وكالات

بعد "نفط العراق وذهبه" وعقب تكشف حقيقة أطماع أردوغان في ليبيا وغنيمة الـ18 مليار دولار، عدنا مجدداً إلى سوريا عبر تهريب 100 ألف قطعة أثرية من سورية خلال السنوات الأخيرة، عبر لصوص وعصابات تهريب تركية، برعاية من الجيش التركي الذي يحتل مناطق واسعة من الشمال السوري، الذي يحمي عمليات التنقيب عن الآثار في المناطق التي تخضع لسيطرته.
المديرية العامة للآثار والمتاحف السورية، طالبت المنظمات الدولية والهيئات المهتمة بالثقافة بوضع حد لما وصفته بـ"العدوان الجائر من القوات التركية على المواقع الأثرية بريف حلب".
ووفق موقع "عثمانلي" المهتم بالشأن التركي فالمديرية أشارت في بيانها إلى أن آخر انتهاك تركي للمواقع الأثرية بمنطقة عفرين بريف حلب، تمثل في قيام القوات التركية والجماعات المسلحة الموالية لها بتجريف التلال الأثرية الواقعة في سهل عفرين، بواسطة الجرافات؛ للتنقيب عن الكنوز التي تحويها هذه التلال، والتي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء السورية "سانا".
"سانا" نقلت عن مدير عام الآثار والمتاحف، محمود حمود، قوله إن المديرية "تتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بالشأن الثقافي لإطلاعها على الجرائم التي تقترف بحق تراثنا الوطني، مطالبة إياها باتخاذ مواقف قوية لحماية ما تبقى من مواقعنا الأثرية في الشمال السوري، المحتل الواقع خارج سيطرة الدولة، بعدما تمت سرقة وتدمير الكثير منها.
اعتداءات تركيا
"حمود" قال إن الاعتداءات التركية تجري في معظم مواقع عفرين الأثرية المسجلة على قائمة التراث الوطني ومن بينها "تل برج عبدالو" و"تل عين دارة" و"تل جنديرس" و"موقع النبي هوري".
وكشف عن وجود نحو 25 ألف قطعة آثرية سورية مهربة لتركيا، لم يتم إعادتها إلى الآن، وعلق قائلاً: "يتم بيع هذه الآثار السورية المهربة في المزادات العلنية في كل دول العالم والدول الأوروبية بوجه خاص، كما أنها تباع وتشترى على قارعة الطرق، بالرغم من صدور قرارين من مجلس الأمن الدولي لمنع الاتجار بالآثار السورية والعراقية".
مدير الآثار أشار إلى عدم وجود أي تعاون دولي لإعادة القطع الأثرية المسروقة أو المهربة، باستثناء لبنان التي قامت بمصادرة العديد من القطع الأثرية المهربة وأعادت الكثير منها، إضافة إلى وجود العشرات من القطع الأثرية في متحف بيروت وسيتم إعادتها خلال أيام، مشيراً إلى وجود مذكرة تعاون مع الجانب العراقي أيضاً لإعادة أي قطعة يمكن أن تصل إليهم، متابعاً: إلى الآن لا يوجد أي قطع حسب ما أبلغونا.
تنقيب غير شرعي
وكشف "حمود" أيضاً، عن قيام السلطات التركية بتنقيبات غير شرعية أيضاً في مدينة عفرين وتل جنديرز وفي عين دارا، إضافة إلى الكثير من التلال البكر التي لم يتم التنقيب فيها من قِبل أي عالم آثار منذ الحرب، مشيراً إلى وجود وثائق تدل على ذلك.
وأشار إلى عمليات التنقيب غير الشرعية في مناطق التلال والمواقع الأثرية التي وقعت تحت سيطرة المجموعات الإرهابية من بينها مناطق ماري وأفاميا، دورا، أوروبوس وغيرها قائلاً: "تم استخدام آليات ثقيلة للعثور على كنوز أثرية لنهبها وتهريبها خارج البلاد".
مركز تهريب
كما كشف عن سرقة نحو 75 ألف قطعة أثرية من المتاحف السورية من قِبل الجماعات الإرهابية المسلحة من بينها مقتنيات متحف إدلب، إضافة إلى سرقة نحو 6000 قطعة أثرية من متحف الرقة، فضلاً عن نهب نحو 50 ألف قطعة من مستودعات إدلب، ونحو 20 ألفاً من مستودعات الرقة.
تركيا تحولت إلى سوق لتهريب الذهب والآثار السورية التي يستخرجها إرهابيو هيئة تحرير الشام جبهة النصرة سابقاً وداعش والفصائل الجهادية الموالية لأنقرة، ومنها جرى تهريب مخطوطات من شرق دمشق إلى تركيا.
عصابة آثار تركية
من جانبه، أشار مدير دائرة الآثار والمتاحف في ريف دمشق جهاد أبو كحلة، إلى أن الكثير من الآثار التي نتجت عن التنقيب غير الشرعي من المجموعات المسلحة في ريف دمشق بيعت بأرخص الأثمان بالأسواق المحلية، مشيراً إلى أن هذه المجموعات تعمدت سرقة الآثار لطمس الهوية الثقافية السورية من ناحية، وتمويل العمليات الإرهابية من ناحية أخرى.
"أبو كحلة" كشف عن العثور على نحو 15 ألف قطعة أثرية في ريف دمشق، بعد استعادة الغوطة وتحرير المحافظة، إذ تمكنت الجهات المختصة من العثور عليها مخبأة ضمن الأقبية والمستودعات ومهيأة لتهريبها خارج سوريا، مشيراً إلى أن أغلب هذه القطع فخارية تعود إلى كل الحقب والفترات، ابتداء من عصور ما قبل التاريخ إلى التاريخ الإسلامي وصولاً للعصر الحديث، إضافة إلى منحوتات بازلتية وأوان فخارية وقطع وحلي معدنية.
وأضاف: "وردنا في الفترة الأخيرة إخباريات عن وجود تنقيب غير شرعي في مدينة كناكر، وخلال الكشف عن المدينة تبين لنا وجود مدفن جماعي متعرض للنهب السابق عدة مرات تباعاً من المجموعات الإرهابية أثناء فترة سيطرتها على المدينة"، مشيراً إلى عدم القدرة على إعطاء إحصائيات عن كمية القطع الأثرية المسروقة، بسبب وجود الكثير من المواقع منها بكر لم يتم الكشف السابق عنها.
وقائع سابقة
المرصد السوري لحقوق الإنسان كشف في تقرير مارس الماضى، عن أحدث جرائم الاحتلال التركي في عفرين، إذ بدأت فرق تركية في التنقيب عن الآثار في منطقة تلة جنديرس الريفية باستخدام المعدات وأجهزة الحفر.
الفرق التركية الموجودة على التلة بدأت عمليات البحث عن الدفائن والآثار بالتعاون مع فرق متخصصة في التنقيب، وذكر المرصد أن الطرق القريبة من التلة أغلقت بالكامل من قبل القوات التركية لإنجاز المهمة.

المرصد السوري رصد صوراً لآليات التنقيب التركية في منطقة تلة جنديرس، وحصل على معلومات من مصادر تؤكد بدء عمليات تنقيب جديدة في منطقتي تل علي عيشة وتل زرافكة التابعتين لريف معبطلي.
وكشف المرصد في أكتوبر الماضي عن ضلوع الاحتلال التركي في عمليات نهب الآثار في إطار عملية شاملة لمحو تاريخ المنطقة، بغية تغيير تركيبتها السكانية، ورصد بالصوت والصورة عمليات السرقة والنهب التركية في المدينة.
أكد المرصد أن الفيلق الأول التابع لما يعرف بـ"الجيش الوطني" الذي يقوده العقيد المنشق عن الجيش السوري معتز رسلان عمد لسرقة الآثار في منطقة قلعة النبي هوري، بالتعاون مع حلفائه الأتراك.
وجرى تصوير عمليات الحفر والسرقة والنهب في المنطقة الواقعة في الريف الشمالي لعفرين على مقربة من الحدود التركية، إضافة إلى توثيق رحلة تهريب الآثار عبر الأراضي التركية، على غرار ما جرى في إدلب ومحيطها في السنوات القليلة الماضية.