هل الصحافيون أحاديو الجانب..

كيف يكون البحث عن الثقة والمصداقية في إعلام الجيل الخامس؟

التفاعل مع الجمهور أمر واقع وحتمي

طاهر علوان

لا شك أن العلاقة بين المتلقي ووسائل الإعلام ظلت على الدوام واحدة من القضايا الأساسية التي تشغل اهتمام المؤسسات الإعلامية والقائمين عليها.

تلك الفاصلة التي تتسع أو تضيق لتفصح عن حجم الثقة بما يتلقاه مستهلكو المواد الإعلامية تحمل معها إشكاليات تتعلق بالأدوات والوسائل التي تعتمدها وسائل الإعلام في خطابها وفهمها لجمهورها.

المؤسسة الإعلامية بكل تأكيد لا تريد لنفسها أن تكون مؤسسة بيروقراطية يعيش أفراد طاقمها في برج عاجي نائين بأنفسهم عن المجتمع.

فقدان المؤسسة الإعلامية تلك القناة معناه عزلتها وانكفاؤها في جزيرة تجتر فيها ما تنتجه في ظل تغييب جمهورها ومتابعيها.

لأجل هذا الغرض تدخل المؤسسة الإعلامية في دائرة العلاقات العامة فتمنحها أهمية استثنائية وذلك لتقريب المسافات بين تلك المؤسسة وبين جمهورها.

يبقى المسعى في هذا الاتجاه شيئا والأدوات التي تمكن من الوصول إلى الهدف شيئا آخر.

والأدوات هنا قد وصلت مرحلة غير مسبوقة في ظل التحولات التكنولوجية/ الرقمية التي سوف تبدد كل هذه الغيوم والهموم في ما يتعلق بالمؤسسة وجمهورها، ومن ذلك ما نحن مقبلون عليه من مستحدثات يحملها لنا الجيل الخامس.

فالصلة بالجمهور لن تعود مقتصرة على ما تحققه العلاقات العامة من تقريب للمسافة بل إن “عاصفة” الجيل الخامس سوف تأتي على ما تبقى من حواجز روتينية وبيروقراطية وغيرها.

التفاعل مع الجمهور يصبح أمرا واقعا وحتميا وجسور الثقة والمصداقية سوف تكون في أكثر امتحاناتها صعوبة.

التضليل الإعلامي مثلا سوف تضمحل سوقه ولن يبقى له أتباع ومروجون لسبب أساس ومهم وهو تطور تكنولوجيا الجيل الخامس التي تمكن من الوصول إلى الحقيقة وعكسها في زمن قياسي، بل إن برمجيات مستقبلية قادرة على تقديم إشارات مباشرة عن أيٍّ من الأخبار يكون كاذبا ومزيفا وأيّها حقيقيا.

في دراسة أعدها الباحث دون دوسنبرك ونشرها مؤخرا في موقع المنتدى الاقتصادي العالمي في إطار ما يعرف بتحديات الجيل الخامس ومستقبل وسائل الإعلام، يذهب الباحث إلى أن العلاقة المستقبلية بين المتلقين ووسائل الإعلام لن تكون أكثر قربا مما هي عليه مع مستحدثات الجيل الخامس.

سيحمل هذا التطور صلة وثيقة بين الطرفين وسوف تأتي الحلول سريعا في إطار تفاعلي بين الجانبين.

لن يكون الإعلاميون والصحافيون أحاديو الجانب، مكتفين بأدوارهم وأدوار مؤسساتهم بل سيكملون ذلك بالتفاعل مع جمهورهم الذي سوف يجدونه من دون إرادة منهم في قلب القصص الإخبارية، يناقشون ويعترضون بل ويصنعون هم أنفسهم قصصا مقابلة أو موازية.

ليس خيالا القول إن موجة الجيل الخامس هي موجة الحلول وليس المعضلات، بحسب الباحث دوسنبرك، فهو يرى الأنشطة الحياتية وقد تقاربت إلى حد بعيد ولاسيما في ما يخص علاقة الفرد بالمؤسسات التي تقدم له الخدمات، كالرعاية الصحية أو الاجتماعية وصولا إلى المنصات الإعلامية التي سوف يكون لها نصيب وافر من ذلك التكامل الخلاق.

واقعيا لم تكن الرحلة مع الجيل الرابع سهلة وقد استغرقت أكثر من عقد من السنين خلفت وراءها -بحسب دوسنبرك- العديد من التحديات والإشكاليات، وهي التي سوف يقع على عاتق الجيل الخامس إيجاد حلول لها.

لعل من المهم في هذا المجال التأكيد على استعداد المؤسسة الإعلامية للتفاعل أو التوأمة مع جمهورها الذي هو أداتها للاستمرار، أن تعدّ العدة لجيل الحقيقة الإعلامية، علامات الثقة والجدارة والمصداقية حيث هي في رأس القضايا التي ترسم مسار المؤسسة وصلتها بجمهورها العريض الذي لن يشقى كثيرا في الوصول إلى الحقيقة بل إن الجيل الخامس سوف يقدمها بين يديه مباشرة.