وصفته بالقائد الاستثنائي..

مجلة فرنسية: محمد بن زايد الزعيم الجديد للشرق الأوسط

ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد

أبوظبي

وصفت مجلة "لوبوان" الفرنسية في عددها الأخير ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد بأنه الزعيم الجديد للشرق الأوسط، معتبرة أنه قائد استثنائي، يتمتع برؤية استراتيجية، واستطاع أن يحدث تغييراً نوعياً لا في الإمارات فحسب، وإنما أيضاً على مستوى الإقليم. وقد تجلى ذلك في قدرته على بناء مجتمع ينمو ويتحرك صوب المستقبل، يؤمن بالتعددية والتسامح ويرتكز على التخطيط الدقيق.

يتمتع برؤية استراتيجية، وهو ما لا تجدونه لدى القادة الآخرين في الشرق الأوسط
هو متواضع جداً. نظرته عميقة ومفعمة بالتعاطف حيال ضيفه. وفي هذا الجانب، يذكّر بوالده المغفور له الشيخ زايد

وبصفات كهذه، قالت المجلة إن محمد بن زايد جعل الإمارات قصة نجاح حقيقية في الشرق الأوسط، وصارت أبوظبي قطب الاستقرار والتنمية الوحيد الحقيقي، ومقصداً آمنياً ومزدهراً يحلم به جزء كبير من الشباب العربي.

واستهلت المجلة تقريرها المفصل بالحديث عن شخصية بن زايد المتواضع والمقرب من شعبه. وكتبت: "تركن سيارة نيسان رباعية الدفع في ظل مرآب بأبوظبي، ويفتح باب السائق لينزل رجل بكوفية وعباية بيضاء. بنظارتين سوداوين ولحية مشذبة، يدخل الرجل الممشوق مطعماً أسترالياً في حي المعمورة. ولدى دخوله، يقف شخص ويعانقه بحرارة ثم يدعوه إلى الجلوس معه، ويقدم له رب عائلة ابنه ويطلب منه مصافحته، فيوافق بطيبة خاطر، ويسأله :"ما اسمك، أي مدرسة تقصد" قبل أن يهنئه.

ويروي محمد (11 سنة)، تلميذ من المدرسة العسكرية في أبوظبي :"لم أكن أتوقع أن أرى شخصاً بهذه المكانة هنا".
فالرجل الذي تحدث معه ليس إلا محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، شقيق الشيخ خليفة من زايد، رئيس دولة الإمارات. وعنه تقول امرأة ترتدي عباية سوداء: "الجميع يحبه هنا. هو كأب لنا".

وعلى مسافة طاولات عدة، يحاول إماراتي خلسة التقاط المشهد بهاتفه الخلوي، قبل أن يفاجئه رجل يرافق الشيخ محمد، قائلاً: "لا تنس إنزال الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي".

وراء مظهره البسيط، تقول المجلة إن محمد بن زايد هو أحد الزعماء الأكثر قوة في الشرق الأوسط. يترك بصمته من الجزائر إلى إيران ويفرض رؤيته حتى في البيت الأبيض.

رؤية استراتيجية
وتقول عنه السفيرة الأمريكية في الإمارات بين 2014 و2018 بابرا ليف: "اللافت أنه عندما يكون أمامك يكون منهجياً جداً. يمكن إلإحساس بآليات تفكيره في التعبير عندما يحلل أي سؤال تطرحه عليه ويختار كلماته بدقة للإجابة. يتمتع برؤية استراتيجية، وهو ما لا تجدونه لدى القادة الآخرين في الشرق الأوسط".

في أبوظبي، يبقى "الأمير" كما تسميه المجلة، الأكثر نفوذاً في الشرق الأوسط متاحاً في شكل مفاجئ. أسبوعياً، يستضيف في مجلسه مواطنين ليتبادل معهم الأحاديث والأفكار. ويقول ديبلوماسي فرنسي: "يصافح ضيوفه الذين يبلغ عددهم 300، فرداً فرداً، ولديه ما يقوله لكل منهم".

على خطى المؤسس
ويعود الكاتب إلى صفة التواضع لولي العهد، فيتحدث عن فيديو يظهر الشيخ محمد بن زايد يحيي رجلاً عجوزاً يسأله إذا كان يستطيع تقبيله على جبينه كعلامة على الاحترام، قبل أن ينحني الزعيم الإماراتي أمام ذهول المجلس. هو متواضع جداً. نظرته عميقة ومفعمة بالتعاطف حيال ضيفه. ويضيف الديبلوماسي: "في هذا الجانب، يذكر بوالده المغفور له الشيخ زايد".

يسير محمد بن زايد على خطة والد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل النهيان الذي توفي عام 2004.
وتقول المجلة إنه مع 6% من مخزون النفط العالمي، يملك الشيخ محمد قدرات غير محدودة تقريباً. ففي أقل من نصف قرن، شهدت الإمارات صعوداً صاروخياً. وتتمتع أبوظبي حالياً بكل مزايا عاصمة عالمية. ويقول وزير الدولة زكي نسيبة، الذي عمل على التوالي مستشاراً للشيخ زايد ولابنه الشيخ محمد بن زايد: "كانت أبوظبي مجرد إمارة صغيرة بلا جيش ولا شرطة..بفضل شخصيته ورؤيته، نجح الشيخ زايد في إنشاء دولة حديثة مزدهرة، لأنه شجع على الاعتدال بين شعبه وعمل من أجل السلام والأمن في العالم. ومع هذه القيم كبر ابنه محمد".

3 ركائز
ويسهب التقرير في تفصيل الركائز الثلاث التي يستند عليها نجاح الإمارات، وهي النفط والتعليم والتسامح. فقد فتح الأب المؤسس المدارس وأتاح التعليم للنساء. وأحضر ابنه محمد إلى أبوظبي جامعتي السوربون ونيويورك. وفي أحد الأيام، قال للدبلوماسي الفرنسي أن بلده مثل فيلا جميلة في محيط من التوترات وعدم الاستقرار والتعصب. كان همه الحفاظ على الطفرة في الإمارات في هذه الأجواء من انعدام الأمن. لذلك، كانت الميزة الأساسية تعليم الشباب مع رؤية عصرية للعالم تمكن من مواجهة تحديات المجتمع. ويستلهم النموذج الإماراتي إلى حد ما سنغافورة.

ومع نسبة متعلمين تبلغ 93,8%، ومعدل تعليم في المرحلة الابتدائية 95%، و92,8% في المرحلة الثانوية، تحتل الإمارات مناصب متقدمة في العالم العربي. وينطبق الأمر نفسه بالنسبة على وضع المرأة، فالنساء يمثلن غالبية في الجامعات (70 %) وهن حاضرات بقوة في الوظائف العامة. وثمة تسع إماراتيات وزيرات، وسيتضمن المجلس الوطني الاتحادي العتيد 50 % من النساء.

ويعتبر التسامح الشعار الأبرز في الإمارات، البلد الذي يضم 200 جنسية مع غالبية من العمال الأجانب. وسمى ولي عهد أبوظبي 2019 "عام التسامح"، وهو الشعار الذي علّق بأحرف عملاقة على المباني الزجاجية في أبوظبي. وأنشئت وزارة للتسامح منذ 2016.

وذهب ولي عهد أبوظبي إلى حد تغيير اسم مسجد محمد بن زايد، أحد أكبر مساجد المدينة، إلى "مسجد مريم، أم عيسى".

وقبالة المسجد الضخم، يرتفع بناء كبير عليه صليب. إنها كنيسة الأقباط الأرثوذكس. ويقول غسطيم، وهو مسيحي من نيجيريا: "هذا يشهد على حكمة ولي العهد وشخصيته التقدمية..فمع أننا في بلد مسلم، هو يسمح لغالبية السكان بممارسة شعائرهم بحرية".

وفي فبراير (شباط)، قام بمبادرة استثنائية بدعوته البابا فرنسيس، وكانت المرة الأولى يزور حبراً أعظم الجزيرة العربية، وأحيا قداساً في الهواء الطلق أمام نحو 170 ألف شخص.

"الربيع العربي"
بالنسبة إلى الشيخ محمد، لم يكن ما يسمى "الربيع العربي" تجسيداً لتطلعات شعبية وإنما محاولة من الإخوان للاستيلاء على السلطة، بحسب الباحث السياسي الإماراتي جمال السويدي، مدير مركز الإمارات للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، مضيفاً أن الإمارات عززت الدولة-الأمة لأن زعزعة الاستقرار فيها تؤدي إلى الفوضى.
وتؤكد المجلة الفرنسية أنّ "أبوظبي أصبحت قبلة الشباب العربي بسبب استقرارها ونموها"، وهي تعرض على البلدان العربية التي تبددت فيها أحلام الديمقراطية، تطبيق النموذج الإماراتي حيث الليبرالية الاقتصادية.

الجيش الإماراتي
تخرج بعمر 18 سنة من الأكاديمية العسكرية البريطانية في ساندهيرست، وتدرج هذا الطيار المقاتل السابق في صفوف الجيش الإماراتي حتى صار عام 2005 قائداً أعلى مساعداً.

يؤمن باستخدام القوة وطور جيشه بوسائل ضخمة من أجل أن يجعل منه اسبارتا الشرق الأوسط، بحسب السفير الغربي.

ويحظى الجيش الإماراتي باحترام، وقد أظهر فعاليته خصوصاً في اليمن حيث يقاتل منذ 2015 مع السعودية. فلجهة الوسائل البشرية واللوجيستية، إنها حرب يقودها الإماراتيون. ويذكر الخبير العسكري جان-لو سامان بأنه خلال أربعة أعوام، نفذ الإماراتيون عمليات شارك فيها نحو أربعة آلاف رجل. وبالنسبة إلى جيش عربي، تتمتع الإمارات بقدرة استطلاعية استثنائية. وبفضل الإماراتيين، أمكن القضاء على التهديد الحوثي في جنوب اليمن.

قصة نجاح حقيقية
ويؤكد الدبلوماسي الغربي أن الإمارات هي قصة نجاح حقيقية في الشرق الأوسط. فقد صارت أبوظبي قطب الاستقرار والتنمية الوحيد الحقيقي، ومقصداً مزدهراً يحلم به جزء كبير من الشباب العربي.