أوضاع قاسية..

تقرير: مخيم الهول.. 70 ألف نسمة يحيون إيديولوجيا داعش

نساء وأطفال في مخيم الهول بسوريا

وكالات

حذر المراسل الصحافي نيفل تيلر، في تقرير بصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، من تدهور الأوضاع في مخيم الهول بشمال سوريا الذي وصل عدد قاطنيه إلى قرابة 70 ألف نسمة من نساء وأطفال مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي، مشدداً على أن المخيم يوفر فرصة ذهبية لإعادة تنظيم صفوف داعش.

تراجع الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة قد سمح لإيديولوجية داعش بالانتشار داخل مخيم الهول

ويُشير المراسل إلى فرار عشرات الآلاف من أنصار داعش، كلهم تقريباً من النساء والأطفال قبل المعركة الأخيرة التي شنتها قوات التحالف الأمريكي اعتماداً على قوات سوريا الديمقراطية قسد ضد مقاتلي داعش في قرية باغوز السورية في مارس(آذار) الماضي.

ومنذ ذلك الحين، لاتزال عائلات مقاتلي داعش من النساء والأطفال، وخليط من السوريين والعراقيين والأجانب من جميع أنحاء العالم الذين جذبتهم مفاهيم داعش المتطرفة للانضمام إليه، في مخيم الهول الذي تشرف عليه السلطات الكردية.

أوضاع قاسية
ويصف التقرير الظروف المعيشية المزرية في مخيم الهول الذي بلغ عدد سكانه في نهاية سبتمبر(أيلول) الماضي قرابة 70 ألف نسمة، لا تقاوم فيه الخيام البرد القارس في الشتاء وحرارة الصيف التي تصل إلى 50 درجة مئوية، إضافةً إلى تلوث المياه، ومحدودية الرعاية الطبية، ما تسبب في ارتفاع وفيات الأطفال، ففي الأشهر التسعة الماضية سجلت 406 وفيات في المخيم، 313 منها لأطفال دون الخامسة.

ورغم تقديم منظمات الأمم المتحدة بعض الإغاثة مثل شحن مليوني لتر من المياه يومياً إلى المخيم، وتركيب خزانات، ومراحيض، ووحدات لتنقية المياه، إلا أن الفجوة بين التمويل المطلوب، والدعم المقدم من منظمات الإغاثة تبلغ حالياً أكثر من 24 مليون دولار، ومن المتوقع أن تتعمق الفجوة، لأنه من المستبعد نقل سكان المخيم، أوغلقه.

ويوضح التقرير أن السلطات الكردية المشرفة على مخيم الهول ناشدت السماح لغير السوريين بالعودة إلى بلدانهم الأصلية، ولكن لم تستجب لذلك سوى دول قليلة، منها كازاخستان، وأوزبكستان، وطاجيكستان التي استعادت مواطنيها على نطاق واسع، أما الحكومات الغربية، فرفضت استعادتهم باستثناء عدد قليل جداً من الأطفال.

الهول .. معضلة للأكراد

أما السوريين في المخيم، فربما لا يملكون منازل يعودون إليها، وعلى جانب آخر يرفض الكثير من العراقيين المغادرة خشية الاعتقالات، أو المحاكمات والإعدام بسبب ارتباطهم بتنظيم داعش، ومن ثم فإن مخيم الهول يشكل صداعاً للأكراد.

ويرى التقرير أن السلطات الكردية تواجه معضلة أكبر بكثير من مجرد توفير ظروف معيشية لائقة لقرابة 70 ألف امرأة وطفل في مخيم الهول.  

ويقول التقرير: "لن تتعاون الولايات المتحدة أو الدول الأخرى مع الأكراد في إدارة مخيم الهول بفاعلية ولا حتى محاكمة العناصر المتشددة من نساء داعش اللاتي يفرضن أحكام التنظيم المتطرفة على الآخرين، ويعمدن إلى فرض عقوبات تصل إلى الموت، وحرق خيام النساء اللاتي يرفضن الطاعة والانصياع للأوامر المتشددة".

فرصة ذهبية لعودة داعش
وينقل التقرير عن مصطفى بالي المتحدث باسم قوات قسد تحذيره من تدهور الأوضاع بشدة في المخيم، إذ يكثف مقاتلو داعش جهودهم لإعادة تجميع صفوفهم. وتصف ياسمين الجمل المستشارة السابقة لشؤون الشرق الأوسط في البنتاغون الوضع في مخيم الهول بـ "تهديد أمني شامل"، ويشكل فرصة ذهبية لقادة داعش، باعتباره مركزاً يتيح إعادة تجميع صفوف التنظيم الإرهابي.

ويؤكد تقرير الصحيفة الإسرائيلية أن رص صفوف داعش قائم بالفعل، خاصةً لأن الوافدين الجدد إلى المخيم كانوا منظمين بشكل جيد للغاية، ونظموا شرطة أخلاقية، ويبدو أنهم ينتمون إلى منظمة. وعلاوة على ذلك، تواصل نساء داعش، في سرية، تطبيق القوانين الوحشية للخلافة المزعومة، ويراقبن النساء الأخريات، ويعاقبن المشتبه فيهن.

ويلفت التقرير إلى أن المخيم يُعد أفضل مكان لتطوير نسخة جدسدة من داعش، لاسيما أن تعقب الجناة مهمة في غاية الصعوبة، إذ يستحيل التعرف على النساء اللواتي يرتدين النقاب، وتعمد نساء داعش المتشددات إلى تغيير الخيام بشكل متكرر، لتجنب القبض عليهن.

ويخلص التقرير إلى أن تراجع الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، سمح لإيديولوجيا داعش بالانتشار في مخيم الهول الذي يشهد تطرفاً متزايداً بالتوازي مع علامات على ظهور داعش في أماكن أخرى في المنطقة، فتزايدت وتيرة هجمات داعش في شمال غرب العراق، عبر الحدود السورية.

ويختتم المراسل، بالقول: "تتجاهل الحكومات المعنية القضايا الأمنية الملحة داخل المخيم الهول، وتكتفى بإلقاء المشكلة في حضن الأكراد، ولكن المخيم يشكل معضلة على المستويين الإنساني، والأمني، وتتطلب اهتماماً فورياً من العالم".