خشية فرارهم على وقع الهجوم التركي..

دول أوروبية تريد استنساخ سجن غوانتانامو في العراق

أوروبا ترفض استعادة جهادييها الأسرى لدى الأكراد ومحاكمتهم على أراضيها

بغداد

تبحث فرنسا ودول أوروبية أخرى نقل مئات الجهاديين الأجانب المحتجزين لدى أكراد سوريا إلى سجون في العراق وسط مخاوف من أن يتسبب الهجوم التركي على أكراد سوريا في فرار هؤلاء من سجون ومراكز احتجاز في المخيمات تحت إشراف الإدارة الكردية، في خطوة شبيهة بمعتقل غوانتانامو في أقصى جنوب شرق كوبا.

وسبق أن عرضت بغداد محاكمة الجهاديين الأجانب مقابل مبالغ مالية ضخمة ويبدو أن الدول الأوروبية التي يتحدر منها الجهاديون المحتجزون لدى الأكراد، ستذهب حتما في هذا المسار مع رفضها استعادة مواطنيها من الأسرى.

وبحث وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الخميس في بغداد إمكانية نقل ومحاكمة الجهاديين الأجانب بمن فيهم 60 فرنسيا محتجزين لدى الأكراد في شمال شرق سوريا حيث تشن تركيا هجوما أثار مخاوف من احتمال "تفرقهم".

ومنذ أن أطلقت أنقرة هجومها في 9 أكتوبر/تشرين الأول ضد المقاتلين الأكراد في سوريا، يتخوف الأوروبيون الذين شهدوا سلسلة اعتداءات إرهابية دامية في السنوات الماضية في باريس وبرلين، من فرار الجهاديين المحتجزين لدى الأكراد والبالغ عددهم 12 ألفا بينهم 2500 إلى ثلاثة آلاف أجنبي.

وأكد لودريان الخميس أنه تطرق مع المسؤولين العراقيين إلى "سبيل وضع آلية قضائية قادرة على محاكمة جميع هؤلاء المقاتلين في أحسن الظروف، وبينهم حتما المقاتلون الفرنسيون".

وحتى الآن، حُكم في العراق على 14 فرنسيا أدينوا بالانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية. ومن بين هؤلاء، نُقل 12 من السجون السورية الكردية إلى بغداد. وحُكم على أحد عشر منهم بالإعدام وعلى ثلاثة - بينهم امرأتان - بالسجن مدى الحياة.

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إن "الآلية القضائية" إذا ما تشكلت، يفترض أن تتيح محاكمة الجهاديين الأجانب أمام محاكم عراقية تتبع عددا معينا من المبادئ القضائية.

وفي وقت يتحدر فيه الجهاديون من 72 بلدا، قال لودريان إن على التحالف الدولي الذي تشكل لقتال داعش في العام 2014 "الاجتماع لمواجهة الأخطار التي عادت من جديد عقب التدخل التركي في شمال شرق سوريا وخطر عودة تمرد داعش".

وسبق أن أصدر العراق الذي يأتي بين الدول الخمس في العالم التي تصدر أكبر عدد من أحكام الإعدام، أحكاما على أكثر من 500 أجنبي من تنظيم الدولة الإسلامية من رجال ونساء، بينها المئات بالإعدام، لكن لم ينفذ أي حكم حتى الآن.

وحكم على جهاديين بلجيكيين اثنين بالإعدام فيما خفف حكم على ألمانية إلى السجن المؤبد في الاستئناف.

وتعارض الدول الأوروبية عقوبة الإعدام فيما تندد منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان بـ"مخاطر تعذيب فعلية وبعدم وجود أي ضمانات لمحاكمة عادلة" في هذا البلد.

وكان العراق عرض في أبريل/نيسان أن يحاكم كل الجهاديين الأجانب المحتجزين في سوريا مقابل ملياري دولار.

وتسارعت المحادثات مع إطلاق العملية التركية ضد وحدات حماية الشعب الكردية التي تحتجز الجهاديين ثم مع انتشار قوات النظام السوري في مناطق كردية.

وتم إرسال خبراء من سبع دول أوروبية الثلاثاء إلى بغداد وهم من فرنسا وألمانيا وبريطانيا وبلجيكا وهولندا والدنمارك والسويد. وعرضوا تدريب ومساعدة المحاكم وتقديم مساعدة مالية للقضاء العراقي كما أفاد مصدر أوروبي.

وقال هشام الهاشمي المتخصص في الحركات الجهادية في بغداد "هناك محادثات بين الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين والعراقيين حول تمويل بناء سجون".

لكن الوقت يضيق مع تطورات الهجوم التركي رغم أن لودريان أكد أن الوضع لا يزال في الوقت الراهن تحت السيطرة في المخيمات بشمال شرق سوريا.

وتمكن جهاديان بلجيكيان من الفرار من سجن فيما حذر مجلس الأمن الدولي الأربعاء من "مخاطر تفرّق" الجهاديين.

ويمكن أن يعمد النظام السوري الذي يستعيد تدريجيا السيطرة على المناطق التي كانت خاضعة للإدارة الذاتية الكردية منذ 2011، إلى وضع يده على ملف الجهاديين الأجانب وعائلاتهم ويستخدمها ورقة في يده وهو سيناريو تتخوف منه العواصم الأوروبية.

ويعيش في مخيمات النازحين في شمال شرق سوريا نحو 12 ألف أجنبي هم 8 آلاف طفل و 4 آلاف امرأة.

وطالب وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم بـ"إيجاد حل" لتلك العائلات، فيما يوجد آلاف العائلات العراقية من تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.

وفرنسا التي لديها حوالي 200 من رعاياها و300 طفل في مخيمات وسجون الأكراد ترفض على غرار عدد من الدول الأخرى استعادتهم بسبب مخاوف من وقوع اعتداءات ومعارضة الرأي العام وترغب في أن يحاكموا في المناطق القريبة من مكان ارتكابهم جرائمهم.

والزوجات الفرنسيات للمقاتلين اللواتي تعتبر السلطات أنهن أصبحن متطرفات مثل أزواجهن، يمكن أن يحاكمن أيضا في العراق مثلهن مثل الجهاديين الفرنسيين الـ60 المحتجزين حاليا في سوريا.

وتطالب العائلات من جهتها بإعادتهن خشية وقوع معارك تؤدي إلى "مقتل أو إصابة أطفال أبرياء".

والأحد الماضي فر حوالى 800 من أفراد عائلات الجهاديين من سجن تعتقل فيه "عائلات تنظيم الدولة الإسلامية" في عين عيسى بحسب السلطات الكردية.