عقب حركة احتجاجات دامية..

حملة اعتقالات ينفذها "مجهولون" ضد الناشطين والصحفيين في العراق

الإنترنت لا تزال مقطوعة لمنع المحتجين من التعبئة لمظاهرات جديدة

بغداد

اختطف مجهولون المدون والناشط العراقي شجاع الخفاجي من منزله فجر الخميس، بحسب ما قال مقربون منه على خلفية حملة ترهيب بدأت عقب حركة احتجاجات دامية، يشنها مسلحون يرتدون زياً رسمياً من دون تحديد هوياتهم أو إبراز أمر قضائي.

ولم تصدر السلطات العراقية حتى الآن أي تعليق على عملية الاعتقال هذه، ولم تؤكد أو تنف أي صلة بين هؤلاء المسلحين والقوات الحكومية، غير أن شخصيات عدة حملت الدولة مسؤولية اختطاف الخفاجي.

وقال مقربون من الخفاجي، الذي يدير صفحة "الخوة النظيفة" على فيسبوك ويتابعها نحو ثلاثة ملايين شخص، إن "قوة ترتدي زي سوات (قوات خاصة) اقتحمت منزله بأسلوب تعسفي عند الساعة الخامسة والنصف فجراً واقتادته إلى سجن مطار المثنى" في وسط بغداد.

وتأتي هذه الحادثة بعد سلسلة من عمليات التخريب والاعتقال التي طالت قنوات وناشطين وصحافيين، إثر تغطية الاحتجاجات الأخيرة التي تطالب بمحاربة الفساد وتغيير النظام السياسي في البلاد.

وعملت صفحة "الخوة النظيفة" على نشر أخبار الاحتجاجات، وركزت على قصص الضحايا الذين تجاوز عددهم المئة قتيل وستة آلاف جريح، بحسب أرقام رسمية.

ويواجه ناشطون وصحافيون ومدونون عراقيون حملة من الاتهامات والتهديدات من خلال حسابات وهمية على الإنترنت، وباتصالات ورسائل تتهمهم "بالوقوف إلى جانب المتظاهرين".

فضلا عن ذلك حجبت السلطات الإنترنت لقطع جسور التواصل مؤقتاً بين المحتجين والحد من تدفق الصور والفيديوهات الدامية للمتظاهرين.

ولا يزال العراقيون حتى اليوم محرومين من إمكانية الدخول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، رغم عودة الهدوء إلى شوارع البلاد التي شهدت أسبوعاً من الاحتجاجات الدامية وأسفرت عن مقتل 110 أشخاص، بحسب المفوضية العراقية لحقوق الإنسان.

وبعد انطلاق موجة الاحتجاجات في الأول من تشرين الأول/أكتوبر، حجبت السلطات العراقية إمكانية الوصول إلى فيسبوك وإنستغرام وتطبيق واتساب، قبل أن تقطع الإنترنت تماماً في اليوم التالي.

وللالتفاف على الحجب، تحرك العراقيون سراً لتنزيل تطبيقات الـ"في بي أن" (شبكة خاصة افتراضية تتيح الاتصال بخوادم خارج البلاد). وأقدم آخرون على استخدام وسائل اتصال بالأقمار الاصطناعية، وهي ذات تكلفة مرتفعة جداً، من أجل التواصل مع العالم الخارجي.

وكانت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة بالعراق، قد أعلنت عن رصدها للعشرات من الانتهاكات ضد الصحفيين وإصابة العديد منهم، والاعتداء على مكاتب ومقرات وسائل إعلام، خلال الاحتجاجات الشعبية التي انتفض خلاله العراقيون ضد الحكومة.

وعلى إثر تلك الانتهاكات طالبت الأمم المتحدة وصحافيون وناشطون، بمنع “إسكات” الإعلام الذي يقوم بتغطية الاحتجاجات.

في المقابل أكدت السلطات أنها تحقق في تلك الأحداث، لكن كثيرين يتهمون الدولة بالتورط في تلك الحملة.

وأطلق صحفيون هاشتاغ #صحفيو_العراق_في_خطر ضمن حملة تطالب بملاحقة الفاسدين بدل الصحافيين والإعلاميين.

وكتب ناشط وكاتب عراقي على تويتر "وجود نوايا لتجدد إطلاق التظاهرات في 25 أكتوبر، تزداد حملة القمع ضد من يُروج أو يتعاطف أو يؤيد هذه الحملة. منطق الميليشيات "ما لا ينتهي بالقمع سينتهي بمزيد من القمع" خاصة وأن الدولة عاجزة عن محاسبتهم أو وضع حد لاستهتارهم بالدولة والمجتمع".

ويأتي ذلك وسط تقارير صحفية أفادت بتورط فصائل شيعية مقربة من إيران بأعمال العنف، حيث نشرت قناصة فوق الأبنية وأطلقت الرصاص على المتظاهرين.

واصطف رجل الدين الشيعي النافذ مقتدى الصدر، الذي يطالب باستقالة الحكومة، إلى جانب المتظاهرين والناشطين منتقدا قمع حرية التعبير..

وغرد الصدر عبر صفحته على تويتر "أي اعتداء" على الإعلام "من الدولة، هو قمع لحرية الصوت المعتدل".

وأضاف "لا يجب أن تكمم أصوات الإعلام الحر (...) فحاسبوا المعتدين".

يشار إلى أن ميثم الحلو، وهو طبيب وروائي ومؤسس لمجموعة نقاشية حول الأدب تعقد كل يوم جمعة في شارع المتنبي في بغداد، اختفي بشكل مفاجئ خلال الأيام الأولى من الاحتجاجات رغم أنه لم يشارك في المظاهرات ميدانيا، حسب أصدقائه.

من جهته، كتب الناشط علي وجيه في تغريدة أن "اعتقال الناشط والصحافي شجاع الخفاجي، بعد تغييب الصديق ميثم الحلو، هو سير بطريقة سريعة باتجاه جمهورية الخوف الجديدة".

وأضاف "لا أعلم ماذا تريد الدولة أن تصل إليه بهذه الرسائل، خصوصاً وهي تأتي في وقت يؤكد فيه الجميع على عدم استهداف المدونين والصحافيين والناشطين! تم اعتقاله بلا مذكرة إلقاء قبض، ودون أن تفصح الجهة المعتقِلة عن تبعيتها".

وأشار فريق "الخوة النظيفة" عبر صفحته على فيسبوك إلى أن الخفاجي اختطف "بعد مراقبة تحركاته (...) ومصادرة جميع هواتف وحواسيب العائلة والاستيلاء على تسجيلات كاميرات المراقبة المنزلية واقتياده تحت تهديد السلاح واستبدال السيارة التي قام المسلحون باعتقاله فيها بسيارة أخرى، ونقله إلى جهة مجهولة أمام أنظار القوى الأمنية".

وكشف بيان نشر على الصفحة الخميس أن الخفاجي تلقى "تهديدات مختلفة بالاعتقال والتصفية الجسدية" منذ أواخر شهر سبتمبر الماضي.

يشار إلى أن ميثم الحلو، وهو طبيب وروائي ومؤسس لمجموعة نقاشية حول الأدب تعقد كل يوم جمعة في شارع المتنبي في بغداد، اختفي بشكل مفاجئ خلال الأيام الأولى من الاحتجاجات رغم أنه لم يشارك في المظاهرات ميدانيا، حسب أصدقائه.

وأعلنت اللجنة التي شكلتها الحكومة اليوم الخميس إنها أكملت تحقيقاتها بشأن أعمال العنف الواسعة التي رافقت الاحتجاجات الشعبية.

وذكر رئيس اللجنة نوري الدليمي، وهو أيضا وزير التخطيط في الحكومة، في بيان، أن "اللجان الفرعية المنبثقة عن اللجنة في محافظات ذي قار، المثنى، الديوانية، ميسان، واسط، أكملت تحقيقاتها وقدمت تقاريرها".

وأشار الدليمي إلى "مشاركة مجلس النواب (البرلمان) ومجلس القضاء الأعلى والمفوضية العليا لحقوق الإنسان، في أعمال تلك اللجان، فضلا عن دعوة وسائل الإعلام لتغطية مجريات الاجتماعات والتحقيقات التي جرت في المحافظات".

ولم تكشف اللجنة عن مضمون التحقيقات. وقالت إنها "ستطلع على نتائج عمل اللجان، وتتخذ الإجراءات والتوصيات اللازمة بشأنها".