لحظات حاسمة..

تقرير: كواليس 9 ساعات قبل الاتفاق الأمريكي التركي

9 ساعات من المفاوضات

24

واجه البيت الأبيض انتقادات ونداءات غاضبة من المشرعين الجمهوريين والديموقراطيين، بعد اتجاه نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو إلى تركيا لبحث وقف إطلاق النار على الشمال السوري.

وظهرت حالة عدم رضا كبيرة لدى أعضاء الكونغرس، خاصة بعد قرار ترامب المفاجئ بسحبه للقوات الأمريكية من شمال شرق سوريا، متهمين الرئيس بالتخلي عن الحلفاء "الأكراد".

وجاءت توقعات العديد من مسؤولي الإدارة في القطاع الخاص، منخفضة بالنسبة لنتائج الاجتماع مع الرئيس التركي، حيث أشار اثنان منهم إلى أنهما غير متأكدين من سبب إرسال وفد أمريكي إلى العاصمة التركية في المقام الأول.


9 ساعات من المفاوضات
كانت هناك بعض الشكوك عندما ظهر نائب الرئيس بعد 9 ساعات من الاجتماعات والمفاوضات، لإعلان وقف إطلاق النار أمس الخميس، قائلاً خلال مؤتمر صحافي "اليوم، وافقنا على وقف إطلاق النار في سوريا".

وأعلن أنه سيكون هناك توقف لمدة 5 أيام في العمليات العسكرية، في حين سهّلت الولايات المتحدة سحب وحدات حماية الشعب الكردية التي تقودها الأكراد من المناطق المتضررة في "المنطقة الآمنة" التي تسيطر عليها القوات التركية، وأضاف بنس "أُرسلت لوقف العنف، وقد حققت الهدف".

ولكن مع ظهور تفاصيل الاتفاقية، أثيرت أسئلة جديدة حول مدى انتصار الولايات المتحدة في المفاوضات، وبعد فترة وجيزة من إعلان الاتفاق، قال وزير الخارجية التركي إن "الوفدين لم يوافقا على وقف لإطلاق النار، ولكن توقف مؤقت"، فيما رفض مسؤول كبير بالإدارة هذا التناقض.

وقال مسؤول أمريكي رفيع مطلع على العمليات في سوريا لشبكة (سي إن إن): "أعتقد أن أحد الأسباب التي جعلت تركيا توافق على الاتفاق، هو أن الأكراد قدموا المزيد من المقاومة بحيث لم يعودوا قادرين على التقدم جنوباً نتيجة لذلك، والسبب الثاني يكمن في فرضنا للعقوبات، حيث كانت تركيا ستنتصر انتصاراً كبيراً إذا لم نفرضها".

وأصدر المساعدون صورة لورقة بعنوان "بيان تركي أمريكي مشترك حول شمال شرق سوريا"، ولم تستخدم الوثيقة مصطلح "وقف إطلاق النار"، على الرغم من ما قاله المسؤول.


صياغة الاتفاقية
وكان مستشار الأمن القومي الأمريكي روبرت أوبراين، قد سافر إلى أنقرة أول أمس الأربعاء مع المبعوث الأمريكي إلى سوريا، تمهيداً لصياغة الاتفاق قبيل وصول بنس وبومبيو إلى تركيا، وأمضى الاثنان ساعات في صياغة الاتفاقية مع نظرائهم الأتراك، وانضموا لاحقاً إلى محادثة هاتفية رباعية الاتجاه مع بنس وبومبيو صباح أمس الخميس لمراجعتها.

وتضمنت الصياغة الأولية للاتفاقية فرض مزيد من العقوبات، حين تعهد الرئيس الأمريكي بتدمير الاقتصاد التركي إذا اتخذوا أي خطوات خاطئة، محذراً نظيره التركي رجب طيب أردوغان قائلاً "لا تكن رجلاً قاسيًا، لا تكن أحمقاً!".

وقال مسؤول كبير بالإدارة إن "الرسالة التي وصفها الرئيس لم تظهر أبداً خلال المفاوضات التي استمرت 9 ساعات".

وأشار نائب الرئيس الأمريكي، إلى أنه في مقابل وقف إطلاق النار المؤقت، وافق ترامب على عدم فرض أي عقوبات إضافية على تركيا، كما وافق في حال حدث وقف دائم لإطلاق النار، على سحب العقوبات التي فرضت على تركيا الأسبوع الماضي.

ووفقاً لمسؤول كبير في الإدارة، أمضى بنس وأردوغان وقتاً كبيراً في التفاوض بشأن عدد الأيام التي سيستغرقها وقف إطلاق النار، حيث اتفقا في النهاية على تحديد 120 ساعة، وهو ما اعتبره الجانب الأمريكي وقتاً واقعياً للسماح للمقاتلين الأكراد بمغادرة المنطقة وتجنب الهجوم.

وخلال المفاوضات، كان المسؤولون الأمريكيون على اتصال بأعضاء وحدات حماية الشعب، وسألوا عن الخدمات اللوجستية مثل المكان الذي يمكن أن تنسحب منه، ومطالبتها بوقف إطلاق نيران المدفعية بعيدة المدى على تركيا.


لحظات حاسمة
وذكرت تقارير إخبارية، أنه كان من المفترض أن يستمر الاجتماع الأول بين بنس وأردوغان لمدة 10 دقائق فقط، حيث قال أحد المساعدين "إنه يتفهم خطورة اللحظة"، وبدلاً من إحضار أي من المترجمين المتعددين الذين سافروا إلى تركيا على بعد 7 آلاف ميل، استعان نائب الرئيس الأمريكي بالمبعوث الخاص إلى سوريا جيمس جيفري.

وقال مسؤول إن "بنس اختار جيفري بدلاً من المترجمين، لأن أردوغان أحضر مستشار الأمن القومي الذي يجيد اللغة الإنجليزية"، مشيراً إلى أن جيفري يتحدث التركية بطلاقة حيث عمل سابقاً كسفير للولايات المتحدة لدى تركيا.

وبعدها امتد الاجتماع من 10 دقائق إلى 80، حيث حاول بنس دفع المسؤولين الأتراك إلى الموافقة على وقف إطلاق النار.

ووفقاً لمسؤول كبير في الإدارة، رأى نائب الرئيس أن هذه النقطة تشكل لحظة حاسمة في المحادثات، عندما سأله أردوغان عن المدة التي سيستغرقها نقل وحدات الشعب من "المنطقة الآمنة" في الشمال السوري، حيث أشار بنس إلى انفتاحه على اتفاق وقف إطلاق النار.


تهديد خطير
ومن جهته، انتقد السناتور الجمهوري ليندسي غراهام قرار ترامب بإبعاد القوات الأمريكية من شمال سوريا، مشيراً إلى أنه تهديد خطير للأمن القومي، ودعا غراهام المشرعين إلى استمرار رعاية قانون العقوبات التركي، على أمل الحفاظ على الضغط على الأتراك حتى يتم توقيع اتفاق نهائي.

وكما لم يكن الجمهوريون الآخرون الذين سارعوا إلى انتقاد ترامب، واثقين جداً من الاتفاق الأخير مع تركيا، وقال السناتور الجمهوري ميت رومني: "آمل أن يتم احترام الاتفاقية، ولكن يبقى السؤال الأساسي هو لماذا لم يتم التفاوض على هذه الشروط والضمانات قبل موافقة الرئيس على سحب قواتنا؟".

ومن المتوقع أن يعقد نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، محادثات مع المشرعين الجمهوريين والديمقراطيين ورؤساء لجان الكونغرس لشرح آخر التفاصيل التي تضمنتها المحادثات التركية.