كتاب يسلط الضوء على ثنائية في منهج الإخوان "نحكمكم أو نقتلكم"..

رأي الدين في إخوان الشيطان: رؤية هادئة لمؤامرة 1965

تنظيمات أساءت إلى الإسلام والمسلمين

سعد القرش

يقدم كتاب “رأي الدين في إخوان الشيطان”، الصادر عن المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، كهدية من مجلة “منبر الإسلام”، رؤية هادئة لمرحلة الستينات من خلال رصد مسيرة الوطن وسلوك الإسلاميين وردود الفعل على مؤامرة 1965 التي أنكرها الإخوان في مرحلة الاستضعاف والتقية، ليعترف بها صقورهم لاحقا مع اقتراب قطف ثمار ثورة 25 يناير 2011. ويعد الكتاب، الذي شارك في تأليفه عدد من المؤلفين، وثيقة نادرة ومهمة تكشف بوضوح تجند أعضاء التنظيم لتنفيذ اغتيالات لقادة سياسيين وعسكريين في مقدمتهم جمال عبدالناصر، واستعدادهم لنسف منشآت حيوية، وترويع المواطنين لإثارة الذعر والفوضى، في سبيل بلوغهم السلطة. ما  يبرهن على أن سلوك العنف ومنهج الاغتيالات والمؤامرات من الثوابت الأصيلة عند الإخوان لتحقيق أهدافهم، وهي مسلكية ما فتئت الجماعة تعتمدها حتى وقتنا الراهن.

 “هذه الجماعة قد استغلت الدين لخدمة شهواتها وأنانيتها، فجعلت منه وسيلة للتسلل إلى كراسي الحكم بأي ثمن، وإن كان هذا الثمن آلاف الضحايا من مواطنيهم الأبرياء الآمنين وهلاك العائلين للأسر تاركين وراءهم أطفالا يتامى ونساء أيامى. وهذا ما حاولته منذ سنين وتحاوله في كل حين. فما إن أتت الثورة حتى أرادوا الوصاية عليها بأسلوب كريه، فلما باءت محاولتهم بالفشل انهارت أعصابهم… ضياع الحكم من أيديهم، لا الحفاظ على العقيدة، هو ما أثار حفيظتهم وجعلهم يتابعون مخططاتهم الإرهابية”.

أراحتني هذه الفقرة من كتابة مقدمة، فهي تنبض بروح متجددة، وتصلح لكل زمان ومكان يمارس فيه تنظيم الإخوان عنفه وثنائيته اللعينة: نحكم أو نقتل. ومن يقرأ اليوم هذه السطور، في ضوء الأعمال التخريبية العدوانية لتنظيم الإخوان وأتباعهم منذ 3 يوليو 2013، لا يظنها مكتوبة قبل أكثر من 50 عاما، فضياع الحكم من أيديهم، والثورة التي أرادوا الوصاية عليها هي 23 يوليو 1952 لا 25 يناير 2011.

ورأيت أن أبدأ بهذه السطور، تحية لكاتبها الدكتور محمد محمد السلاموني الذي شارك بفصل عنوانه “عصابة الإخوان” في كتاب “رأي الدين في إخوان الشيطان”.

الكتاب يرجع إلى عام 1965، وأصدره المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، هدية من مجلة “منبر الإسلام”، ويقع في 144 صفحة كبيرة القطع، ويضم أكثر من عشرين فصلا كتبها شيوخ وكتاب منهم عبداللطيف السبكي، عبدالعزيز سيد الأهل، مفيدة عبدالرحمن، محمد كامل الفقي، روحية القليني، أحمد شلبي، أنور الجندي، ومحمد محمد السباعي.

تفاصيل المرحلة

هذا كتاب نادر، لا أظنه طبع بعد ذلك. ولأنه صدر هدية من مجلة {منبر الإسلام}، فلا يحمل رقم إيداع بدار الكتب. وقراءته الآن مفيدة لرؤية هادئة لتلك اللحظة في مسيرة الوطن، وسلوك الإخوان، وردود الفعل على مؤامرة 1965

هذا كتاب نادر، لا أظنه طبع بعد ذلك. ولأنه صدر هدية من مجلة “منبر الإسلام”، فلا يحمل رقم إيداع بدار الكتب والوثائق. وقراءته الآن مفيدة لرؤية هادئة لتلك اللحظة في مسيرة الوطن، وسلوك الإخوان، وردود الفعل على مؤامرة 1965 التي أنكرها الإخوان في مرحلة الاستضعاف والتقية، ثم اعترف بها صقورهم مع اقتراب قطف ثمار ثورة 25 يناير 2011، وقبل ذلك كتب البعض من المشاركين في تنظيم 1965 شهادته.

ففي عام 1993 نشر كتاب “التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين” لعلي عشماوي مسؤول تسليح وتدريب أعضاء التنظيم السري، ولم يذكر اسم سيد قطب إلا مسبوقا بلقب “الأستاذ”. وفي الكتاب يقول، “اعترض الأستاذ سيد قطب على اغتيال شخصيات أخرى غير جمال عبدالناصر، مثل المشير (عبدالحكيم عامر) مثلا”.

ويسجل تفاصيل تدريب أعضاء التنظيم السري على السلاح في القاهرة والمحافظات، وأنه كلف “مبارك عبدالعظيم” باختيار بعض أعضاء الجماعة من خريجي قسم الكيمياء بكلية الهندسة، لعمل “أبحاث في صناعة المفرقعات… تحت إشرافي مباشرة”، واشتروا أسلحة وقنابل يدوية من طنطا عن طريق “الأخ أحمد سلام، وكانت له علاقة بالجيش”، واستعانوا بكتب خاصة بصناعة المفرقعات، ولجأ “إلى مكتبة السفارة الأميركية للبحث عن هذه الكتب، ووجدت بعضها ونقلت منها بعض الموضوعات”، وخصوصا صناعة مادة “تي.إن.تي”.

وتمكن أحد أعضاء التنظيم، ضمن مجموعة تعمل في لجنة الطاقة الذرية في أنشاص، من صناعة مواد شديدة الانفجار، باستخدام نيترات الأمونيوم مع السولار، “وكانت تحت أيديهم الإمكانات الخاصة بالأفران”، وتمت تجربة “العينات” في محاجر منطقة أبورواش القريبة من الأهرام في الجيزة، بوضع “العبوة” تحت حجر ضخم، حجمه ثمانية أمتار، فتحوّل إلى “بودرة… كانت النتيجة مذهلة وغريبة جدا”.

وروى عشماوي أن “سفيرة سيد قطب” زينب الغزالي أبلغته أن حميدة قطب تريد لقاءه. ثم أخبرته حميدة برسالة أخيها سيد قطب، “أنا لا أريد زوبعة في فنجان، إذا كنتم قادرين على تنفيذ عمل ضخم يهزّ أركان البلد فافعلوا، وإن لم تكونوا على مقدرة بذلك فالغوا جميع الأوامر والخطط المتفق عليها”.

وكانت الخطة تشمل اغتيال قادة سياسيين وعسكريين أولهم عبدالناصر، ونسف منشآت حيوية تشمل القناطر الخيرية ومصانع وسدودا ومحطات الكهرباء، وترويع المواطنين لإثارة الذعر والفوضى.

تجددت الأهداف التخريبية الانتقامية نفسها، بداية من يوليو 2013، عقب إنهاء حكم الإخوان بعد عام من الاحتجاجات الشعبية الحاشدة عليهم. ومن فضائيات الإخوان التي تبث من تركيا رأينا أزهريا مصريا معمّما يفتي بضرورة تفجير محطات الكهرباء، وقد حدث. ودعا غيره إلى الانتقام من المسيحيين؛ بحجة ولائهم لعبدالفتاح السيسي، وجرى الاعتداء على أكثر من 50 كنيسة.

وتوجه مذيع مصري بالتحذير إلى زوجات ضباط الجيش والشرطة قائلا، إن أزواجهم منذ الآن مستهدفون بالقتل، وقد جرى ذلك، وسالت الدماء ولا تزال.

يبدأ كتاب “رأي الدين في إخوان الشيطان” ببيان شيخ الأزهر (بصفته، ولم يذكر أنه الشيخ حسن مأمون) عن رأي الإسلام “في مؤامرات الإجرام”. وهناك فصول لا تستهدف الإخوان بشكل مباشر، وإنما تتحدث عن جوهر الدين وسماحته، ونأيه عن إكراه الناس على الإسلام، وحرصه على مكارم الأخلاق، وتأكيده على صون حياة الناس وأموالهم وأعراضهم، والنهي عن ترويعهم، استنادا إلى آيات قرآنية وأحاديث نبوية.

تنظيمات العنف

تحت عنوان “أبهذا يأمرنا الإسلام؟” استعرض الشيخ محمد محمد المدني جانبا من مسار العنف في الإسلام، بداية من اغتيال عمر بن الخطاب “هذا الرجل المثالي”، ومن بعده قتل عثمان بن عفان مظلوما، “عن تدبير داخلي أثيم استغلت فيه الدعايات السياسية السيئة”، وبعده استهدف ثلاثة في ليلة واحدة، هم الإمام علي كرم الله وجهه ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص، انطلاقا من “نزعات الجنون والطيش”.

وفي فصل عنوانه “الإسلام يدعو إلى السلام ويمقت الإرهاب” تناول الشيخ عبداللطيف المشد الآثار السيئة المترتبة على العنف في الإسلام، قائلا إن أسوأ ما يسوغ به المذنب سلوكه أن يتمسح في الدين، ويدعي مشروعية عمله، وهكذا أساء الخوارج إلى الإسلام والمسلمين، وأقنعوا البسطاء بشرعية الفوضى والإرهاب بالمخالفة للحديث النبوي “لا تروعوا المسلم، إن روعة المسلم ظلم عظيم”.

وكان للخوارج حزب “استحلوا به دماء الأطهار من الصحابة مدعين أن مرتكب الكبيرة كافر يحل دمه. وكانت للمسلمين معهم الْتحامات ومعارك حربية خطيرة”.

وسجل الدكتور محمد صلاح الدين مجاور، تحت عنوان “الإسلام والتنظيمات السرية”، أن التاريخ الإنساني شهد سلسلة من الانحرافات لمجرمين لا يتورعون عن ارتكاب جرائمهم لبلوغ مرادهم، ولم يخل التاريخ الإسلامي من جرائم اغتيال باسم الدين.

وتساءل عما إذا كان قتلة عثمان قد أفادوا الإسلام، ودفعوا بالمسلمين إلى أحضان الكتاب؟ وقال إن التنظيم الذي دبّر مقتل عثمان فتح السبيل لفتنة ضارية، وإن التنظيم الذي دبر مقتل الإمام علي حوّل حكم الإسلام “إلى ملك ينعم بالحياة ومباهجها دون مراعاة للدين وأصوله”.

وخلص إلى أن تنظيمات العنف أساءت إلى الإسلام والمسلمين، ولولا وجودها “لكان للإسلام شأن آخر… والعنف يفقد صاحبه الكثير لأنه ليس سبيل الله.. والتنظيم الجديد لم يأخذ عظة من سوابقه فهل أفاد قتل الخازندار ونسف المحكمة وقتل رئيس الوزراء  قبل الثورة (1952) في إقامة حكم الإسلام؟”.وحظي التنظيم السري للإخوان، ميليشيا التفجير والقتل، بغطاء ديني من مرشد الإخوان حسن البنا الذي منح “الشرعية” للقتلة. ومن جرائم هذا التنظيم تفجير دور للسينما في القاهرة والإسكندرية، واغتيال المستشار أحمد الخازندار (22 مارس 1948)، أمام بيته في القاهرة.

وكان القاضي يحمل ملف قضية تفجير سينما مترو، وسبق للخازندار أن حكم بالسجن على عناصر من التنظيم، فقال حسن البنا في اجتماع، “ربنا يريحنا من الخازندار وأمثاله”، فاعتبر مسؤول الميليشيا عبدالرحمن السندي الأمنية تصريحا بالقتل. وتلى ذلك اغتيال رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي (28 ديسمبر 1948)، بعد 20 يوما من قراره إغلاق المقر العام للجماعة في حيّ الحلمية بالقاهرة، ردا على تورط الجماعة في أعمال إرهابية.

ولكن مجلة “الدعوة” الإخوانية سجلت في أبريل 1979، وهو أول عدد أشتريه وأقتنيه منها، تحت عنوان “الإرهاب لم يصرف الشعوب عن الالتفاف حول الحركات الإسلامية”، أن النقراشي حل الجماعة عام 1948 “وظل هو وخليفته إبراهيم عبدالهادي يحاربان الإخوان المسلمين بالإرهاب والسجون والمعتقلات والتعذيب، لتحطيم التيار الإسلامي وإرهاب الشعب حتى ينصرف عن الإسلام”، وما من إشارة إلى سلوك إخواني دامٍ جعل النقراشي يقرر حل الجماعة.

تسمية مغلوطة

تحت عنوان “الإخوان المفسدون” بدأ رئيس لجنة الفتوى بالأزهر آنذاك الشيخ عبداللطيف السبكي بالقو، “لا أسميهم الإخوان المسلمين بعد أن ثبت أنها تسمية مكذوبة تناقض ما عرف عنهم منذ تكاثر عددهم، وتكشفت نواياهم في ما بدر من مآثمهم قديما وحديثا… وكان فألا طيبا في أول الأمر لجماعة الإخوان أن تنهض -باسم الإسلام- لتجديد الدعو”، وإن الحكومة أفسحت لهم السبيل لدعوتهم، وأحسنت الأمة ظنها بهم، ثم اتضح للناس أن الجماعة “شرذمة من الغواة، استطاعت أن تغتصب لنفسها التسمية -بالإخوان المسلمين- وعاشت تحت هذا الستار زمنا أفرخت فيه فتنتها.. وظهر للرأي العام يقين، ومنذ سنوات، أنها جماعة هدامة، تناهض مبادئ الإسلام، وتنقض ما رسخ من تعاليمه، وأنها بحق جماعة الإخوان المفسدين… وإذا حسبت أعمال الإخوان المفسدين وجدتها لا تبعد عن أعمال المنافقين، وقد تكون أفحش منها… والله نرجو أن يطهر وطننا من حزب الشيطان”.

في كلام السبكي إشارة إلى اغتصاب “الإخوان المسلمين” تسمية توحي باستئثار الجماعة دون المسلمين بالإسلام. وكان الشيخ محمد الغزالي قد خرج من الجماعة عام 1951، اعتراضا على أن يعتبر الإخوان أنفسهم ممثلين للمسلمين، فهم جماعة من المسلمين وليسوا “جماعة المسلمين”.

 وليس مصادفة أن يخرج من عباءة الإخوان، في سبعينات القرن العشرين، تنظيم أكثر غلوّا وميلا إلى القتل، هو “جماعة المسلمين” المعروف إعلاميا باسم “التكفير والهجرة”.

نفي محمود الهجرسي، في فصل عنوانه “الطغمة الباغية عدوان تحت ستار الدين!” أن يكون بين الأديان السماوية دين يحث على الجريمة، ويدفع إلى ارتكابها. ولكن جماعة الإخوان “عاشت تاريخها الحزبي في مصر لا تلغ إلا في الدم، ولا تفكر إلا في الجريمة، ولا تسعى إلى رأي إلا على أسنة الخناجر، ومنطق البارود والنار… يستخدمون الجريمة سلاحا إلى أغراضهم، ويستبيحون دم الناس في سبيل الوصول إلى مآربهم، ويعملون للوصول إلى الحكم عن طريق المؤامرات والاغتيال والتخريب والقتل”.

إشعال الفتنة

هدأ غبار تلك المرحلة، وقد تصارع فيها عنفوان العناد الإخواني المسلح والمدّ الناصري بإنجازاته الوطنية والقومية وبانكساراته أيضا. وفي هذا الهدوء يصعب قبول قول الشيخ عبدالحميد بلبع، في الفصل الأخير “توعية وتوجيه”، إن “طاعة الحاكم العادل شرط من شروط العقيدة”؛ فالعقائد لا تناقش، ولا علاقة لها بشأن سياسي يخضع للعقد الاجتماعي البشري وهو الدستور والقوانين.

هدأ الغبار، ولا أظن عاقلا يسلّم الآن باستسهال أستاذ الشريعة الإسلامية الشيخ محمد زكريا البرديسي للتكفير، في فصل عنوانه “فتنة الاستعمار”. ففي الصراع على الحكم لا يصح أن يتسلح أحد الأطراف بالدين.

ولكن البرديسي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، استخدم خطابا تعبويا صاخبا، وندد بالذين “عقدوا العزم على أن يشعلوا نار الفتنة في ذلك الشعب المسلم المؤمن ولكن على الباغي تدور الدوائر، فباء هؤلاء بالخزي والعار وجروا أذيال الخيبة والشنار… فإثارة الفتنة أشد جرما من القتل وأعظم وزرا من سفك الدماء… فالذي يشيع الفساد آثم، والذي يستحله مع أنه حرام كافر.. فالمفسدون يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون”.

فهل يجوز إشعال الفتنة في الشعب غير المسلم؟ ويسهل أن يجادل البعض رافضا هذا التكفير، مستندا إلى آية “وإن طائفتان من المسلمين اقتتلوا فأصلحوا بينهما”. ولكن مدّ هذا الخطاب على استقامته يطمئن الحاكم مهما ينحرف عن الخط الوطني وفقا لدستور أقسم عليه، فيقول البرديسي، إن “شق عصا الطاعة على ولي الأمر حرام… فكل من يخرج على ولي الأمر الشرعي عاص إن اعترف بالحرمة كافر إن استحل الخروج”. وبهذه الفتوى يغلق باب الأمل في الثورة على دكتاتور أو خائن.

هدأ الغبار بما يسمح بمساءلة ما استشهد به الشيخ عبدالرحيم فرغل البليني في فصل عنوانه “الإخوان المسلمون يفسدون في الأرض، فما حكم القرآن في أهل الفساد؟”. قال إن هارون الرشيد كان يستمع إلى الشعراء، فقال أحدهم:

ليت هندا أنجزتنا ما تعد

وشفت أنفسنا مما نجد

واستبدت مرة واحدة

إنما العاجز من لا يستبد

فضرب الأرض بعصاه. وقال، “إنما العاجز من لا يستبد”، وأمر الجنود بإبادة البرامكة، وإزالة آثارهم، “وإن أمر الإخوان المسلمين كأمر البرامكة يحتاج إلى وثبة تطهّر منهم الأرض، وتمحو آثارهم”. وهي دعوة إلى الإبادة، ومحو الخارجين على القانون بدلا من تقديمهم إلى محاكمة عادلة.

وبعد واقعة الرشيد روى البليني أن عبدالله السفاح دعا سبعين أميرا من بني أمية إلى الطعام، فدخل عليه شاعر وأنشده:

لا يغرنك ما ترى من رجالي

إن تحت الضلوع داء دويا

فارفع السيف واقطع الظهر حتى

لا ترى فوق ظهرها أمويا

علّق البليني، “وقد كان ذلك، وزالت الفتن، واستتب الملك، وسارت الأمة في طريق البناء”. ولم يكتف الشيخ بهذه الدعوة المخيفة، وإنما قال، إن “الإخوان الأشرار.. من الخوارج على الحاكم الأعلى للأمة”.

بدأت بسطور لمحمد السلاموني، وأختم بقول إبراهيم مصباح في فصل عنوانه “رسل الخيانة”، إن الشعب “رأى إجرام الإخوان وتنظيماتهم الإرهابية.. ولكن هذا الشعب الطيب أعطى هؤلاء المارقين فرصة يعودون فيها إلى حظيرة العقل… لعلهم يكفرون عن سيئاتهم وجرائمهم السابقة في حق الوطن… نجد هؤلاء المارقين يغوصون إلى سراديب الظلام يدبرون الشر ويبيّتون الغدر”.