عرض الصحف العربية..

بعد استقالة عبد المهدي البحث عن "شخصية استثنائية" في العراق

عراقيون يحيون ذكرى الضحايا في ميدان التحرير

أولت الصحف العراقية والعربية، بنسختيها الورقية والإلكترونية، اهتماما بتقديم رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي استقالته إلى مجلس النواب.

وتحدثت صحف عن التحدي القادم أمام البرلمان والمتمثل في اختيار شخصية "استثنائية" بديلة مقبولة من الشارع وتتوافق عليها الكتل المكوِّنة للائتلاف الحاكم.

ورأى آخرون أن استقالة عبد المهدي ليست هي المطلب الأساسي للمحتجين، بل إزالة الطبقة السياسية كاملة وتغيير دستور البلاد وإلغاء المحاصصة الطائفية.

"شخصية غير مألوفة"

يطالب عبد الوهاب جبار، رئيس تحرير جريدة "البينة الجديدة" العراقية، رئيسَ الوزراء المستقيل بمكاشفة الشعب ببعض الأمور "بكل شجاعة واقتدار ومن دون خوف أو وجل".

ويقول الكاتب: "عليه أولا أن يقول لنا من قام بعرقلة تشكيلته الوزارية منذ بواكير تشكيلها وما هي الجهات السياسية التي كانت تفرض إملاءاتها عليه وتضع العصى في عجلته، وأن يقول لنا أيضا هل كان هو صاحب القرار أم أنه مستلب الإرادة وما هي الجهات التي كبلته وأعاقته وأحبطت كل خطواته ومساعيه".

ويضيف الكاتب أن على عبد المهدي كذلك أن يجيب عن أسئلة مثل: "هل هو من اختار وزراء حكومته أم اختيرت من قِبَل قوى نافذة؟... وهل أن تأخيره بتقديم الاستقالة قرار شخصي مبني وفق تدبر الموقف أم بفعل قوى ضاغطة كانت لا ترغب بذلك؟"

وتؤكد جريدة "المدى" العراقية أن الائتلاف الحاكم يبحث عن "شخصية غير مألوفة" ليتولى رئاسة الوزراء بعيدا عن الجدل القانوني حول استقالة رئيس الوزراء.

وتقول: "يعتقد الائتلاف الحاكم في البلاد أن لا معنى للانشغال الآن بالجدل القانوني، فإن رئيس الوزراء قد استقال بالفعل ويجب الاتفاق على 'شخصية استثنائية'، كما يصفها الائتلاف، لتعوض مكان عبد المهدي وبفترة قياسية لا تتجاوز الأسبوعين".

وفي الجريدة نفسها، يقول روضان الموسوي "إن حجر الزاوية في عملية الإصلاح في العراق هو وجود قانون انتخابات منصف وعادل يوفر للمواطن فرصة التمتع بحقوقه السياسية الدستورية الواردة في دستور عام 2005 النافذ، ومنها أن الشعب مصدر السلطات والتداول السلمي للسلطة وتوفير المناخ الديمقراطي والمساواة وتكافؤ الفرص والمعاملة العادلة في الإجراءات الإدارية والقضائية وحق التصويت والانتخاب والترشح وغيرها".

"كنس العملية السياسية"

ويقول سالم مشكور في جريدة "الصباح" العراقية: "بعد الانتخابات البرلمانية السابقة كان هناك مخاض انتخاب الرئاسات الثلاث وبعدها تشكيل الحكومة. بعد الانتهاء طلع علينا مسؤول إيراني رفيع ليقول إن إيران انتصرت على أمريكا في هذه المعركة بثلاث نقاط مقابل لا شيء. كان هذا اعترافا بأن الانتخابات وتشكيل الحكومة كانت معركة باردة بين واشنطن وطهران. والنقاط الثلاث هي رئاسة الجمهورية والوزراء ومجلس النواب".

ويضيف: "اليوم وبعد أكثر من عام على انتصار إيران على أمريكا في العراق (3-صفر)، وبعد جهود واشنطن باتجاه الرئاستين (الجمهورية والبرلمان)، بقيت الحكومة ورئاستها خارج الرضى الأمريكي، فتعرضت للضغط المركّز شعبيا حتى أعلن رئيسها استقالته. هل التطورات القادمة ستفرز نتيجة (3-صفر) معاكسة؟ أو أن دهاء 'حائك السجاد' سيقلب الطاولة، وأي ثمن ندفعه نحن؟"

وتحت عنوان "نحو النصر"، يقول كاظم حبيب في جريدة "العالم" العراقية: "لم تنطلق الانتفاضة ليقدم رئيس الوزراء عادل عبد المهدي استقالته المتأخرة جدا وبعد سقوط مئات الضحايا وآلاف الجرحى والمعوقين الأبرياء فحسب، بل من أجل كنس العملية السياسية الفاسدة برمتها، لكنس قوى النظام السياسي الطائفي المحاصصي الفاسد والقميء، لطرد كل الذين تدخلوا في الشؤون الداخلية للعراق منذ العام 2003/2004 حتى الوقت الحاضر من دول الجوار".

ويضيف: "لم يتفجر غضب الشعب المقهور والمنهوب ليقول عادل عبد المهدي إنه سيقدم استقالته لمجلس نواب طائفي محاصصي مسؤول عن كل ما حصل في العراق حتى الآن ومسؤول عن المماطلة وتأخير إقالة الحكومة وعن سقوط الضحايا الغالية في مدن العراق المختلفة، بل انتفض ليتخلص من هذا المجلس الطائفي المحاصصي بأغلب أعضائه الذين وصلوا للمجلس عبر بيع وشراء المقاعد النيابية، ومنهم رئيس المجلس الحلبوسي".

"ليست كافية"

يرى عبد الباري عطوان، رئيس تحرير "رأي اليوم" الإلكترونية اللندنية، أن استقالة عبد المهدي "التي تجسد أول انتصار للحراك الشعبي ربما تكون بداية لسلسلة من التنازلات من قبل النخبة الحاكمة".

ويقول إن الاستقالة "ليست كافية لعودة حالة الهدوء إلى الشوارع وانسحاب المحتجين، لأن هذه الاستقالة لم تكن المطلب الأساسي، وإنما رحيل كل الطبقة السياسية الفاسدة، وإلغاء دستور بريمر، وإجراء إصلاحات شاملة تحقق العدالة الاجتماعية وإلغاء المحاصصة الطائفية وكل إرث الاحتلال الأمريكي مصدر كل الأزمات".

ويرى الكاتب أن "البديل عن حكومة السيد عبد المهدي المستقيلة رضوخا لمطالب الحراك هو إلغاء دستور بريمر فورا، ووضع دستور جديد وطني جامع وغير طائفي، والدعوة إلى انتخابات نيابية عامة ستأتي حتما بقوى تعكس حالة التغيير التي فرضتها دماء الشباب الثائر وأرواح شُهدائه، وتكنس كل رموز الفساد والمُحاصصة الطائفية والعملية السياسية الأمريكية، والديمقراطية المغشوشة التي انبثقت عنها، وتؤسس للعراق الرائد القائد والرقم الوطني الصعب في المنطقة بأسرها".