مخافة حوثية أن تُفرض عليهم شروط خلال مفاوضات قادمة..

صحيفة دولية: تهديدات حوثية معاكسة لتيار السلام في اليمن

نموذج للصناعة الحوثية الثقيلة

صنعاء

جماعة الحوثي المتمرّدة في اليمن، على الرغم من الصعوبات الكبيرة التي تواجهها في مواصلة الحرب، لا تزال تفاجئ الجميع بتهديداتها المضادّة لمزاج السلام السائد في المنطقة. وهي تهديدات تكتسي طابع المبالغة والتضخيم أملا في تحسين شروط التفاوض في أي مسار سلمي جديد قد ترعاه الأمم المتحدة بمباركة المملكة العربية السعودية.

جاءت تهديدات أطلقتها جماعة الحوثي محبطة لآمال السلام، التي تزايدت في المدّة الأخيرة بشكل غير مسبوق مع تأكيد المملكة العربية السعودية في أكثر من مناسبة فتحها الباب أمام عملية سلمية شاملة تشارك فيها الجماعة المتمرّدة المدعومة من إيران.

وقالت الجماعة، الأحد، إنّها استكملت استعداداتها لشن “هجوم استراتيجي شامل يشلّ قدرات العدو”، في إشارة إلى التحالف العسكري الذي تقوده السعودية دعما لسلطة الرئيس اليمني المعترف به دوليا عبدربّه منصور هادي.

وجاءت تلك التهديدات غداة إعلان وزير الشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير عن وجود “إمكانية للتوصل إلى تهدئة تتبعها تسوية في اليمن”، مؤكّدا أنّ كلّ اليمنيين بمن فيهم الحوثيون لهم دور في مستقبل البلد.

وتقول مصادر يمنية، إنّ المتمرّدين الحوثيين أحوج من غيرهم إلى السلام في الفترة الراهنة بسبب الإنهاك الشديد الذي طالهم، وبسبب التململ الشعبي في المناطق التي يسيطرون عليها أسوة بما يجري في العراق ولبنان وإيران من انتفاضات شعبية عارمة.

لكنّ الحوثيين لا يرغبون، بحسب المصادر ذاتها، في الكشف عن مواطن ضعفهم والظهور في مظهر المتلهّفين على السلام والمهرولين باتجاهه مخافة أن تُفرض عليهم شروط خلال أي مفاوضات قادمة برعاية أممية، تُفقدهم مكاسبهم على الأرض.

وقال مصدر سياسي، إنّ “تهديدات الحوثيين تكتيك مألوف غالبا ما يُستخدم قبل أي مفاوضات بهدف تحسين شروط التفاوض”، مؤكّدا أنّ “المتمرّدين سيحاولون خلال الفترة القادمة الإيحاء بجدية تهديداهم من خلال تصعيد عسكري جزئي قد لا يشمل استهداف الداخل السعودي بالصواريخ والطائرات المسيّرة”.

حديث الحوثيين عن قدرات تسليحية ذاتية ضرب من تسويق الوهم مخالف تماما للواقع ومناقض لظروف اليمن

وأعلنت السلطات السعودية، الأحد، مقتل ثلاثة من جنودها على الحدود الجنوبية مع اليمن. وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية، إنّ هؤلاء قتلوا “دفاعا عن الدين والوطن في الحد الجنوبي بمنطقة جازان”.

وكثيرا ما يحذّر متابعون للشأن اليمني من المبالغة في التفاؤل بالتوصّل إلى سلام في اليمن، وذلك استنادا إلى ارتباط الحوثيين الوثيق بالحسابات والأجندة الإيرانية التي قد تقتضي في الوقت الرّاهن استدامة التوتّر في المنطقة على أمل إشغال خصومها بالصراعات.

ويقول مراقبون، إنّ السعودية بصدد تغيير أسلوبها في التعاطي مع الشأن اليمني والانتقال من استراتيجيا الحرب إلى استراتيجيا السلام، مع الحفاظ على هدفها الأساسي المتمثّل في سحب البساط من تحت أقدام غريمتها إيران، ومنع تمدّدها في جنوب الجزيرة العربية وما يتصل بها من ممرات بحرية استراتيجية. ويرى هؤلاء أنّ شرط فكّ الحوثيين لارتباطهم بطهران وأجندتها في المنطقة سيكون حاضرا في أي محادثات ضمن مسار السلام الجديد.

ويقول مصدر سياسي خليجي، إنّ المملكة ترى الظرف مهيّأ الآن لتنفيذ مثل ذلك الشرط أكثر من أي وقت مضى، في ظل الضغوط الشديدة المسلّطة على إيران والمصاعب الاقتصادية الكبيرة التي تعانيها جرّاء العقوبات الأميركية عليها وانعكاسات ذلك على وضعها الداخلي.

وقال محمد ناصر العاطفي، وزير الدفاع في الحكومة الموازية التي يديرها الحوثيون من صنعاء، إنّ “دول العدوان غير صادقة في ما يخص السلام”، محذّرا من أنه “إذا استمر العدوان والحصار فلن نقف مكتوفي الأيدي”.

وتابع “الصناعات العسكرية اليمنية تمضي في سباق مع الزمن إلى درجة مذهلة ومستوى لا يقارن حتى مع الدول التي سبقتنا في هذا المجال بالعشرات من السنين، وأن ذلك يتم بخبرات وكوادر فنية يمنية خالصة”.

وينتقد مراقبون حديث الحوثيين عن قدرات تسليحية ذاتية وعن “صناعة سلاح محلّية” ويعتبرونه ضربا من تسويق الوهم مخالفا تماما للواقع ومناقضا لظروف البلد بالغة التعقيد إلى درجة العجز عن توفير أبسط ضرورات الحياة، فضلا عن القدرة على إرساء صناعة بمثل ذلك التعقيد.

وبحسب هؤلاء فإنّ الغاية الوحيدة من الحديث عن تلك القدرات هي إبعاد الشبهة عن إيران المتورّطة بشكل مؤكّد في تزويد الحوثيين بأسلحة ومعدّات تستخدم في استهداف منشآت حيوية داخل الأراضي السعودية وفي تهديد أمن الملاحة البحرية في باب المندب والبحر الأحمر.

وشملت التهديدات الحوثية الدول المنخرطة في تحالف دعم الشرعية، حيث توجّه العاطفي إلى السودان، محذّرا من التأخّر في سحب قواته من اليمن “قبل فوات الأوان”. وجاء ذلك بينما أعلن رئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، أن الخرطوم قلصت عدد جنودها في اليمن من حوالي 15 ألفا إلى 5 آلاف.

وقال حمدوك، في مؤتمر صحافي عقب عودته من أول زيارة رسمية قام بها إلى للولايات المتحدة، إنّ "عدد الجنود السودانيين في اليمن تقلص إلى أقصى حد.. وأنّه لا حل عسكريا هناك ونأمل أن يتم الحل السياسي، وحريصون ومستعدون لمساعدة أخوتنا في اليمن، وأن تذهب المنطقة بأكملها للتصالح".

كما لم لم تستثن التهديدات إسرائيل التي قال العاطفي إنّها “شاركت ولا تزال في العدوان على اليمن”، مشيرا إلى وجود “أهداف عسكرية بحرية وبرية إسرائيلية، وإنّ جماعته لن “تتردد ثانية واحدة في تدميرها إذا اتخذت القيادة القرار” بذلك.

وأردف العاطفي “نقف على أهبة الجهوزية والاستعداد القتالي أكثر بكثير من مرحلة ما قبل تقديم قيادتنا السياسية للمبادرة التي انطلقت من موقع القوة”، في إشارة إلى المبادرة التي كانت قد أعلنتها الجماعة في شهر سبتمبر الماضي، بوقف استهداف الأراضي السعودية بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة المهرّبة من إيران.