آثار الحرب تظهر جلية على صادرات بكين..

الصين تتعجل الوصول لاتفاق تجارة مُرضٍ مع أميركا

ارشيفية

بكين

قالت الصين الاثنين إنها تأمل في التوصل إلى اتفاق تجارة مع الولايات المتحدة في أسرع وقت ممكن وسط محادثات مكثفة قبل فرض رسوم جمركية جديدة على واردات من الصين، كما هو مقرر منتصف الشهر الحالي.
وقال رن هونغ بين، مساعد وزير التجارة للصحافيين، إن بكين تأمل في التوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين في أسرع وقت. وتابع «بالنسبة لمحادثات التجارة الصينية الأميركية والمفاوضات، نأمل أن يستطيع الطرفان، على أساس من المساواة والاحترام المتبادل، دفع المفاوضات قدما، مع الوضع في الاعتبار المصالح الأساسية لكل منهما للتوصل لاتفاق يرضي جميع الأطراف في أسرع وقت ممكن».
وتتفاوض الصين والولايات المتحدة على ما يطلق عليه «المرحلة واحد» من اتفاق يهدف لنزع فتيل النزاع التجاري القائم بينهما، لكن لم يتضح إذا كان مثل هذا الاتفاق سَيُبرم في المدى القصير.
وتطالب الصين بإلغاء الرسوم الحالية التي تفرضها الولايات المتحدة على سلع بقيمة 375 مليار دولار تستوردها أميركا من الصين، فضلا عن إلغاء الرسوم المقرر أن تفرض في 15 ديسمبر (كانون الأول) الجاري على بقية صادراتها إلى الولايات المتحدة والبالغة قيمتها 156 مليار دولار.
وطالب الرئيس الأميركي دونالد ترمب الصين بالتعهد بحد أدنى من المشتريات من المنتجات الزراعية الأميركية، وتنازلات أخرى خاصة بحقوق الملكية الفكرية، وفتح أسواق الخدمات المالية في الصين.
وصرح المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، لاري كودلو، يوم الجمعة الماضية، أن الجانبين كانا يتحدثان بشكل شبه يومي، ولكن لا توجد حالياً أي خطط لتوقيع المرحلة الأولى من الاتفاق. ومع بقاء أقل من أسبوع قبل الموعد النهائي وسط مفاوضات مكثفة، قال كودلو إن ترمب سيتخذ القرار النهائي بشأن التعريفة الجمركية. في الوقت الذي صرح فيه ترمب الأسبوع الماضي أن المناقشات تجري بشكل جيد مع الصين.
وتأتي التصريحات الصينية في وقت متزامن مع بيانات تشير إلى تأثر كبير لاقتصاد البلاد جراء الحرب التجارية مع الولايات المتحدة. وسجلت الصادرات الصينية تراجعاً للشهر الرابع على التوالي، فيما لا يبدو أن هناك حلاً للأزمة التجارية في الأفق.
وسجّل الفائض الصيني مقابل الولايات المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي تراجعاً ملحوظاً بنسبة 6.9 في المائة، فانتقل خلال شهر من مستوى 26.42 مليارات دولار، إلى 24.61 مليار، بحسب أرقام نشرتها الجمارك الصينية يوم الأحد.
ويقول خبراء بلومبرغ إن الانكماش في طلبات التصدير تشي بضعف أكبر في الصادرات الصينية والتي تعني مزيدا من الانخفاض. وتعد الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري للصين بعد الاتحاد الأوروبي ورابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان).
ويُتوقع أن تصب هذه المعلومات في صالح الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي أطلق عام 2018 الحرب التجارية عبر الرسوم الجمركية خصوصا بهدف إعادة التوازن التجاري الثنائي.
قال وانغ يوكسين، من معهد بنك الصين إن هناك تراجعا في الطلب العالمي خاصة من الشركاء الأساسيين مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحتى أيضا اليابان، مشيرا إلى أن تحسن الصادرات يرتبط بتقدم المحادثات التجارية.

وانخفضت مبيعات الصين إلى الخارج بنسبة 1.1 في المائة الشهر الماضي على مدى عام، بعد تسجيلها تراجعاً بنسبة 0.9 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في إطار تراجع الطلب العالمي. وشكل الأمر مفاجأة، إذ إن الخبراء الذين استطلعت وكالة بلومبرغ آراءهم توقعوا ارتفاع نسبة الصادرات بنسبة 0.8 في المائة.
وعلى الجانب الآخر، سجّلت الواردات الصينية ارتفاعاً بنسبة 0.3 في المائة، بعد ستة أشهر من التراجع. وكان محللون توقعوا حصول العكس عبر انخفاض بنسبة 1.4 في المائة، ونقلت بلومبرغ عن الخبير الاقتصادي في مصرف «كومرتس بنك» في سنغافورة تغو هاو قوله إن «هذه الأرقام مفاجئة بعض الشيء». وأضاف «الوضع يمكن أن يسجّل مزيداً من التحسن على مستوى الواردات في ديسمبر، بسبب قاعدة مقارنة مواتية مقارنة بالعام الماضي... لكن بشكل عام، ليس هناك تحسن كبير في الأفق».
ونُشرت هذه الإحصاءات في وقت لا تزال أول قوتين اقتصاديتين في العالم تتفاوضان في محاولة للتوصل إلى اتفاق أولي لإنهاء الحرب التجارية. وتتجسد هذه الحرب في تبادل فرض رسوم جمركية تشمل بضائع بقيمة مئات مليارات الدولارات سنوياً، وتظهر آثارها بقوة على الاقتصاد العالمي وثقة المستثمرين.
ورغم التوترات الدبلوماسية مؤخراً بشأن هونغ كونغ وشينجيانغ، صرّح المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية غاو فينغ الخميس أن «فريقي المفاوضات لا يزالان على تواصل وثيق».
أما الأمر الذي شكل مصدر سرور لترمب فهو ارتفاع الواردات الصينية من الولايات المتحدة في نوفمبر للمرة الأولى منذ أغسطس (آب) 2018، فيما واصلت الصادرات الصينية إلى الأراضي الأميركية تدهورها للشهر الثاني عشر على التوالي، بتراجع بلغ 23 في المائة على مدى عام.
واعتبرت المحللة في مجموعة «جي بي مورغان» في هونغ كونغ سيلفيا شينغ في مذكرة حديثة العهد أنه «إذا تمّ توقيع اتفاق أولي، وإذا لم يحصل تصعيد إضافي في التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، يُفترض أن ينخفض تأثير الرسوم الجمركية الأميركية الإضافية على الصادرات الصينية في العام 2020».
وفي هذا السياق المتقلّب، سيعقد مئات القادة السياسيين والخبراء الاقتصاديين وحكام المصارف المركزية في الأيام المقبلة في بكين اجتماعاً سنوياً كبيراً يُفترض أن يحدد للعام 2020 الأهداف المتعلقة بالنمو وكذلك بالسياسة المالية والضريبية.
في غضون ذلك، ذكرت منظمة معنية بالتجارة تابعة للاتحاد الأوروبي الاثنين أن الشركات الأصغر في الصين تحملت العبء الأكبر في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، في حين تمكنت الشركات الأكبر من التكيف.
وأظهرت دراسة أجرتها الغرفة التجارية الأوروبية في الصين أن الرسوم الجمركية العقابية التي أدخلتها كل من واشنطن وبكين على مدار العامين الماضيين كان لها تأثير على الشركات. وبينما وجدت الشركات متعددة الجنسيات أنه من السهل نسبيا إعادة توجيه سلعها أو نقل منشآت الإنتاج الخاصة بها لتجنب التعريفات الجمركية، إلا أن الشركات الأصغر تعاني.
وأفاد تقرير الدراسة بأن «الشركات الأوروبية تكيفت بشكل واضح من أجل البقاء وسط حرب تجارية طويلة، بدلا من أن تظل كامنة على أمل أن تمضي في طريقها، لكن الشركات الأصغر التي لا تستطيع الاستفادة من سلاسل الإمداد العالمية لتجنب الخسائر، تستمر في تلقي الضربات».
وقد دفعت التعريفة الجمركية بعض الشركات إلى نقل منشآتها الإنتاجية إلى خارج الصين، لكن الكثير من الشركات الأخرى زادت استثماراتها في الصين من أجل التحوط ضد الغموض في المستقبل، حسبما أظهر التقرير.