الدفع نحو حل نهائي للأزمة الليبية..

تقرير: روسيا تلعب دورا رئيسيا في مؤتمر برلين بشأن ليبيا

المدخل إلى الحلول

موسكو

أرسلت روسيا إشارات على أنها تقف بقوة وراء مؤتمر برلين الذي يعمل على التوصل إلى أرضية للحل بليبيا، في رسالة قوية إلى ألمانيا ودول أوروبية أخرى بالمؤتمر بأن موسكو، التي كانت وراء مبادرة وقف إطلاق النار الأخيرة، ستستمر في رعاية المفاوضات بين فرقاء الأزمة الليبية ولن تقبل بلعب دور ثانوي.

يأتي هذا في الوقت الذي بادر فيه قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر للدعوة إلى أن تكون روسيا مرجع الحل في ليبيا، وأن ترعى المفاوضات، مُجددا رغبته في العودة إلى موسكو واستئناف المفاوضات، وهو ما اعتبر بمثابة دعم للرعاية الروسية للحل في ليبيا بدل رعاية أوروبية تتقاذفها أجندات متناقضة.

وأعلن الكرملين، الجمعة، أن الرئيس الروسي فلادمير بوتين سيحضر إلى برلين للمشاركة في المؤتمر الدولي بشأن ليبيا.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في مؤتمر صحافي إن “الوثائق النهائية صارت، في رأيي، شبه معتمدة (…) وهي تحترم بشكل كامل قرارات مجلس الأمن الدولي حول ليبيا”.

ولم يحدد لافروف محتوى النصوص، كما حذر من الإفراط في التفاؤل، رغم الالتزام بوقف إطلاق النار منذ الثاني عشر من يناير الذي أعلن من موسكو بعد لقاء بين الرئيس الروسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان.

وأشار إلى أن العلاقات لا تزال “متوترة جدا” بين المتحاربيْن الرئيسييْن، في ليبيا، وأنهما “يرفضان حتى التواجد في نفس المكان”.

وأضاف وزير الخارجية الروسي، الذي سيكون حاضرا في برلين الأحد، “الأهم الآن قبل مؤتمر برلين (…) ألا تكرّر الأطراف الليبية أخطاء الماضي عبر طرح شروط جديدة وتبادل الاتهامات”.

وقال مراقبون إن تصريحات وزير الخارجية الروسي تحمل تأكيدا على جدية موسكو في الدفع نحو حل نهائي للأزمة، وأن فيها إشارات واضحة إلى ضرورة تقديم تنازلات مؤلمة خاصة ما تعلق بمحاربة الإرهاب وتفكيك الميليشيات ومعاقبة أيّ جهة تربط علاقات مع كيانات أو أشخاص مورّطين في جرائم إرهابية وفق تسريبات عن مسودة البيان الختامي للمؤتمر.

وقال دبلوماسيون إن الاجتماع سيحث طرفي الصراع في ليبيا وداعميهم على الاتفاق بشأن هدنة وآلية مراقبة يوم الأحد كخطوة أولى نحو تحقيق السلام في البلاد.

لكنّ دبلوماسيين مطلعين على الترتيبات قالوا إن الاجتماع الذي يعقد في مقر المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في برلين لن يحاول إبرام اتفاق لتقاسم السلطة بين الأطراف المتنازعة، وأن الأولوية ستكون لإجراءات بناء الثقة، فضلا عن بناء أساس حل صلب لا يمكن الانقلاب عليه بسهولة.

وقالت الرئاسة الروسية إن المشير خليفة حفتر شكر، في رسالة له، فلاديمير بوتين على جهوده الرامية لإنهاء الحرب الليبية.

وجاء في الرسالة التي نشرها الكرملين “فلاديمير بوتين، صديقي العزيز.. أعرب عن امتناني الشخصي وتقديري لجهود روسيا الاتحادية لإحلال السلام والاستقرار في ليبيا”.

ويعتقد المراقبون أن الرسالة التي جاءت قبل يومين من مؤتمر برلين تحمل إشارة واضحة على أن موسكو هي المرجعية الأولى للمفاوضات، بالنسبة إلى حفتر، خاصة بعد نجاحها السريع في التوصل إلى وقف إطلاق النار، وقدرتها على فرض شروط الحل على الطرف الآخر في طرابلس وداعميه الخارجيين، وخاصة تركيا.

وأجرى حفتر محادثات في أثينا الجمعة، والتقى وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس في وقت تتحرك فيه أثينا لحشد الدعم لمبادرتها بإلزام تركيا وحكومة الوفاق بالتراجع عن الاتفاقية الأخيرة بشأن الحدود التي تضر بمصالحها ومصالح ليبيا وبأمن المتوسط، فضلا عن خرقها للقانون الدولي وقفزها على الخرائط المعتمدة.

وأعلنت الأمم المتحدة أن محادثات برلين تهدف إلى إنهاء التدخل الأجنبي والانقسام في ليبيا.

وسيشارك وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في المؤتمر وعبّر عن تأييده لجهود إرساء هدنة، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الخميس.

من جهته، ناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأربعاء الأسرة الدولية تقديم “دعم قوي” للمؤتمر مطالباً كذلك طرفي النزاع بالالتزام بوقف القتال.

وحض غوتيريش في تقرير إلى مجلس الأمن الدولي جميع الأطراف على “المشاركة بصورة بنّاءة في تحقيق هذه الغاية، بما في ذلك في إطار عملية برلين”.

وحذّر الأمين العام من أنّ “أيّ دعم خارجي للأطراف المتحاربة لن يؤدّي إلا إلى تعزيز الصراع المستمر وتعقيد الجهود الرامية لإفساح المجال أمام التزام دولي واضح بحلّ سلمي للأزمة في البلاد”.

ولفت غوتيريش في تقريره إلى أنّ المؤتمر سيسعى للتوافق على ستّ نقاط بما فيها وقف دائم لإطلاق النار وتطبيق حظر الأسلحة والعودة إلى بذل الجهود السياسية من أجل السلام.

وتعمل أنقرة على تثبيت الوجود التركي في ليبيا من خلال إرسال مرتزقة سوريين تحوم حولهم شبهات التطرف والانتماء لتنظيمات جهادية ما من شأنه نشر المزيد من الفوضى في المناطق المتبقية تحت سيطرة حكومة الوفاق الواجهة السياسية لتيار الإسلام السياسي.

وتحدثت وسائل إعلام محلية وغربية نهاية ديسمبر الماضي عن وصول مرتزقة سوريين للقتال إلى جانب ميليشيات حكومة الوفاق وهو ما نفاه رئيسها فايز السراج، ولكن أكّده، الجمعة، بول سيلفا، نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية.