عدم الجدية في التوصل إلى تسوية..

صحيفة دولية: ضغوط على الشرعية اليمنية لإنهاء اتفاق السويد

الجيش الوطني اليمني في مرمى المطالبة بإعادة بنائه

عدن

لم ينجح المبعوث الأممي إلى اليمن ووفد الاتحاد الأوروبي في إحراز أي نتائج خلال زيارتهم لصنعاء الأسبوع الماضي. كما زاد الهجوم الأخير، الذي نفذته الميليشيات الحوثية على مناطق نهم وصرواح والجوف، التأكّد من عدم جدية الحوثيين في التوصل إلى أي تسوية.

نفت مصادر سياسية يمنية مطلعة إقدام الحكومة اليمنية على إنهاء التزاماتها تجاه اتفاقات ستوكهولم، مشيرة إلى أن المواقف التي صدرت عن بعض المسؤولين الحكوميين لا ترقى إلى إعلان انسحاب الحكومة من اتفاق السويد الموقع مع الميليشيات الحوثية.

ولفتت المصادر إلى أن أطرافا في الشرعية اليمنية تضغط بقوة لإعلان انتهاء الاتفاق نتيجة التصعيد الحوثي في جبهات نهم وصرواح والجوف، وهو ما يعد -وفقا لتلك المصادر- إخلالا بجوهر اتفاق السويد الذي رعته الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بوصفه حجر الزاوية في أي تسوية شاملة للملف اليمني.

وكشفت مصادر عن اعتزام الشرعية اليمنية إبلاغ المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث نيتها إعادة النظر في الاتفاقات الموقعة مع الحوثيين، واعتبار التصعيد العسكري الأخير مؤشرا على عدم جدية الميليشيات الحوثية في التوصل إلى أي تسوية، واعتبارها المسار السياسي فرصة لإعادة ترتيب صفوفها.

وأشارت المصادر إلى فشل غريفيث ووفد الاتحاد الأوروبي في إحراز أي نتائج خلال زيارتهم لصنعاء الأسبوع الماضي ومقابلة قيادات الجماعة الحوثية التي رددت -بحسب المصادر- المطالب السابقة ذاتها بشأن إيقاف العمليات الجوية للتحالف العربي واستئناف تشغيل مطار صنعاء.

الشرعية اليمنية تعتزم إبلاغ غريفيث نيتها مراجعة الاتفاقات مع الحوثيين واعتبار الهجوم الأخير مؤشرا على عدم الجدية في التوصل إلى تسوية

ورجح مراقبون أن يكون التصعيد الحوثي على علاقة بتداعيات الملف الإيراني واستجابة لرغبة طهران في إظهار فاعلية أذرعها العسكرية في اليمن والمنطقة في حال مضى المجتمع الدولي قدما في تضييق الخناق السياسي والاقتصادي على النظام الإيراني.

وعلى الصعيد الميداني قالت مصادر عسكرية مطلعة، لصحيفة العرب الدولية، إن الجيش الوطني اليمني مسنودا بطيران ومدفعية التحالف العربي ومعززا بمتطوعين قبليين تمكن من امتصاص الهجوم الحوثي الواسع على مناطق نهم وصرواح والجوف وعكس هجوم الميليشيات واستعاد بعض المواقع التي فقدها في الأيام القليلة الماضية.

وبحسب المصادر تشهد جبهة نهم (شرق صنعاء) مواجهات عنيفة بين الجيش الوطني على امتداد الجبهة، في ظل تقدم الجيش الوطني ورجال القبائل في بعض المحاور.

كما تشهد سلسلة جبال هيلان الاستراتيجية معارك شرسة أسفرت عن سيطرة الجيش الوطني على أجزاء من الجبل من جهة الكسارة، ويقع هيلان غربي محافظة مأرب.

وتكمن الأهمية الاستراتيجية لهذا الجبل، الذي يمتد لأكثر من 20 كيلومترا ويطل على مركز محافظة مأرب التي يبعد عنها ما يقارب 25 كيلومترا، في أنه يطل على الخط الرئيسي الذي يربط جبهة نهم ومفرق الجوف بمحافظة مأرب والذي تمر منه إمدادات الجيش الوطني في نهم.

واعتبر مراقبون للشأن اليمني أن مواجهات نهم أرسلت عدة دلائل على وجود اختلالات في بنية الجيش اليمني الذي يعاني من تضخم الأسماء الوهمية في قوائمه المالية، إضافة إلى استغلال الحوثيين لنقل قوات الجيش إلى محافظتي شبوة وأبين جنوب اليمن وترك العديد من مناطق التماس مع الحوثيين مكشوفة لأي هجوم حوثي مباغت.

وأكد خبراء عسكريون أن الهجوم الحوثي المفاجئ على نهم أظهر الميليشيات المدعومة من إيران كقوة قادرة على المبادرة، فيما اكتفى الجيش الوطني اليمني لاحقا بالرد، وهو ما يكشف عن غياب الرؤية السياسية والتكتيك العسكري المناسب في مواجهة الأجندة الحوثية، إضافة إلى أن دعوة القبائل إلى النفير أعطت انطباعا مفاده عدم جاهزية الجيش الذي يضم في قوامة مئات الآلاف من المقاتلين.

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام اليمنية مطالبات بضرورة الاستفادة من أحداث نهم لإعادة تقييم الملف العسكري في الحكومة الشرعية ومراجعة الأولويات السياسية وتصحيح الأخطاء والاختلالات في بنية الجيش الوطني اليمني.

وتطالب قوى ومكونات سياسية يمنية بأن يعاد بناء الجيش الوطني اليمني بمعزل عن التجاذبات والصراعات السياسية التي يشهدها معسكر الشرعية.

ويؤكد ناشطون وسياسيون يمنيون أن الهجوم الحوثي على مناطق نهم والذي كان ينوي تغيير موازين القوى في واحدة من أهم الجبهات المتاخمة للعاصمة صنعاء، على الصعيد السياسي يمنح الحكومة اليمنية فرصة التحرر من القيود المفروضة من المجتمع الدولي، بما في ذلك تحريك جبهات الساحل الغربي التي توقفت نتيجة ضغوط دولية.

ويشير خبراء عسكريون إلى أن بقاء حالة التوازن الدقيق والهش في جبهتي الحديدة وصنعاء من دون إحراز أي طرف تقدما حاسما في هاتين الجبهتين يقربه من تحييد قوة الطرف الآخر عسكريا، يمهد لجولات جديدة من الصراع ويجعل مهمة الأمم المتحدة والقوى الدولية الرامية إلى انتزاع تنازلات سياسية من أجل السلام أمرا شبه مستحيل.