انتهاك "حظر التسليح"..

نقض تركيا لتعهداتها في برلين يثير قلقا دوليا حيال تفاقم النزاع بليبيا

مقررات برلين لا تثني أردوغان عن طموحاته في ليبيا والمتوسط

طرابلس

أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن أسفها لاستمرار انتهاك "حظر التسليح" في البلاد، رغم التعهدات التي قدمتها الدول المعنية بوقف تزويد أطراف الصراع بالسلاح خلال مؤتمر برلين الأسبوع الماضي.

يأتي هذا فيما تشير تقارير إعلامية أن العاصمة طرابلس معقل ميليشيات حكومة الوفاق تشهد تدفق مئات المقاتلين المرتزقة السوريين الذين ترسلهم تركيا.

وقالت بعثة الأمم المتحدة في بيان نشرته عبر موقعها الرسمي في وقت متأخر من ليل السبت، إنها "تأسف أشد الأسف للانتهاكات الصارخة المستمرة لحظر التسليح في ليبيا"، الذي ينص عليه قرار مجلس الأمن 1970 الصادر عام 2011، "حتى بعد الالتزامات التي تعهدت بها البلدان المعنية خلال المؤتمر الدولي الذي عقد في برلين حول ليبيا".

وتعهدت الدول التي شاركت في المؤتمر باحترام "حظر تسليم الأسلحة" لطرفي النزاع في ليبيا، حكومة الوفاق الوطني في طرابلس ومعسكر المشير خليفة حفتر الرجل القوي في شرق البلاد.

كما التزمت الدول المشاركة في برلين من بينها تركيا الداعمة لحكومة الوفاق الوطني بعدم التدخل في الشؤون الليبية أو تمويل "القدرات العسكرية أو تجنيد مرتزقة" لصالح مختلف الأطراف.

ودعت أيضاً "كل الأطراف المعنية إلى مضاعفة الجهود من أجل وقف الأعمال العدائية بصورة دائمة، وخفض التصعيد ووقف إطلاق النار".

ويشن الجيش الوطني الليبي منذ 4 نيسان/ابريل 2019 عملية عسكرية لتحرير طرابلس مقر حكومة الوفاق من سيطرة الميليشيات المتطرفة.

وحول الهدنة التي أفضت إلى وقف إطلاق النار في 12 يناير/كانون الثاني الجاري، اعتبرت البعثة الأممية أن "الهدنة الهشة مهددة الآن بما يجري من استمرار نقل المقاتلين الأجانب والأسلحة والذخيرة والمنظومات المتقدمة إلى الأطراف من قبل دول شاركت في مؤتمر برلين".

ولم تكشف البعثة أسماء الدول التي تواصل نقل السلاح إلى ليبيا، لكن مصادر إعلامية سورية أكدت أن تركيا تواصل رغم تعهدها في مؤتمر برلين، تسفير مئات المقاتلين السوريين لدعم حكومة الوفاق في طرابلس.

وتعهدت تركيا الأحد خلال مشاركتها بالمؤتمر الدولي في برلين حول ليبيا، باحترام حظر إرسال الأسلحة إلى الأراضي الليبية ووقف تدخلاتها العسكرية في معركة طرابلس.

لكن أردوغان نقض على عادته التزاماته الدولية التي تعهد بها في برلين، حيث كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان الثلاثاء أن تركيا تستمر في إرسال المقاتلين السوريين المرتزقة إلى ليبيا.

وقالت الأمم المتحدة بهذا الشأن "على مدار الأيام العشرة الماضية شوهدت العديد من طائرات الشحن والرحلات الجوية الأخرى تهبط في الأجزاء الغربية من ليبيا، لتزويد الميليشيات بالأسلحة المتقدمة والمركبات المدرعة والمستشارين والمقاتلين".

وتأكد وصول عدد المقاتلين السوريين الذين أرسلتهم تركيا  طرابلس إلى نحو 2000 مقاتل، فيما ينتظر أن يلتحق بهم 4000 آخرون بحسب المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد اعترف الجمعة  وبعد نحو خمسة أيام على مرور المؤتمر بأنه يستمر في إرسال خبراء عسكريين أتراك إلى ليبيا لدعم وتدريب الميليشيات الموالية لحكومة السراج.

وأرسلت تركيا فريقا للتدريب إلى ليبيا في إطار اتفاق للتعاون العسكري وقعته أنقرة في نوفمبر/تشرين الثاني مع حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج.

وقال أردوغان "أرسلنا ونرسل وفدنا العسكري إلى هناك (طرابلس) ولن نترك السراج وحده ونحن عازمون على تقديم كل الدعم الممكن في هذه النقطة".

وأظهر الرئيس التركي من خلال تصريحاته تلك أن تعهداته في برلين لن تثنيه عن طموحاته شرق المتوسط من خلال بسط نفوذه في ليبيا  والسيطرة على العاصمة طرابلس بدعم ميليشيات الوفاق.

وحث بيان الصادر عن مؤتمر برلين الأحد الماضي على ضرورة توحيد الجهود ومضاعفتها من أجل تأمين عملية وقف إطلاق النار بشكل دائم ومستمر والسعي لإنهاء الاقتتال وخفض التصعيد في ليبيا.

كما اتفقت الأطراف ومن ضمنهم تركيا على إيقاف جميع النشاطات العسكرية من قبل أطراف النزاع، أو من خلال دعمهم المباشر لها في جميع أنحاء ليبيا بدءا من بداية عملية وقف إطلاق النار.

ودعا المشاركون إلى عملية شاملة لنزع سلاح الجماعات المسلحة والميليشيات في ليبيا وإدماج الأفراد المناسبين في مؤسسات الدولة المدنية والأمنية والعسكرية.

وشارك في المؤتمر بدعوة من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى جانب تركيا، طرفي النزاع في ليبيا وقادة ومسؤولين من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا والصين وروسيا ومصر والإمارات والجزائر وجمهورية الكونغو الديمقراطية، إضافة إلى ممثلين رفيعي المستوى من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية.

ويستدعي الوضع في ليبيا مخاوف المجتمع الدولي من تفاقم العنف بالأراضي الليبية، فيما تتضافر الجهود الدولية من لإرساء الاستقرار وإنهاء الاقتتال.

وقتل جراء المعارك في ليبيا أكثر من 280 مدنيًا، بحسب الأمم المتحدة التي تشير أيضا إلى مقتل أكثر من ألفي مقاتل ونزوح 146 ألفًا بسبب النزاع.