السيطرة على منفذ المهرة..

تقرير: كيف أصبحت الصواريخ الحوثية رد إيراني؟

السلاح إيراني

عدن

وصفت أوساط سياسية يمنية إطلاق الحوثيين صواريخ باليستية نحو مدينة ينبع السعودية على ساحل البحر الأحمر بأنه رسالة إيرانية مباشرة بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى الرياض وإظهاره وقوف بلاده إلى جانب المملكة في مواجهة إيران التي فشلت مساعيها في التهدئة مع السعودية.

وأرسل بومبيو إشارات قوية على أن واشنطن جادة في دعم السعودية بوجه التهديدات الإيرانية.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إن “زيارة بومبيو إلى قاعدة الأمير سلطان الجوية ومنظومة باتريوت المحاذية تبرز العلاقة الأمنية الأميركية السعودية طويلة الأمد وتؤكد مجددا تصميم أميركا على الوقوف مع السعودية في مواجهة السلوك الإيراني الخبيث”.

وتابعت الوزارة “ردّا على الهجمات وبناء على طلب السعودية نشرت الولايات المتحدة منظومة دفاعية صاروخية ومقاتلات في مهمة دفاعية لحماية السعودية وردع أيّ هجمات مستقبلية”.

وقالت السعودية إنها اعترضت العديد من الصواريخ الباليستية انطلقت من اليمن الجمعة. ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف العربي العقيد الركن تركي المالكي قوله إن الحوثيين أطلقوا الصواريخ من العاصمة صنعاء في الساعة الثالثة صباحا.


وتبنى الحوثيون الجمعة عملية استهداف منشآت شركة أرامكو السعودية في مدينة ينبع باستخدام 12 طائرة مسيرة وثلاثة صواريخ.

وقال يحيى سريع المتحدث العسكري باسم الحوثيين في بيان نقلته قناة المسيرة التابعة لهم إن الطائرات المسيّرة والصواريخ “استهدفت شركة أرامكو وأهدافا حساسة أخرى في ينبع وقد أصابت أهدافها بدقة عالية”.

ويعد هذا التصعيد الحوثي بهذا الحجم هو الأول من نوعه منذ انطلاق المحادثات غير الرسمية بين الرياض والحوثيين وإعلان الحوثيين وقف الهجمات بالصواريخ وبالطائرات المسيرة على السعودية.

وأشار خبراء ومحللون سياسيون إلى أن الهدف من إطلاق الصواريخ على أراض سعودية يحمل رسالتين الأولى إيرانية بمحاولة استفزاز المملكة، في وقت يجتمع فيه وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في مجموعة العشرين بالرياض، وثانية حوثية كرد مباشر على تشديد إجراءات منع تهريب الأسلحة للحوثيين عبر المنفذ البري لمحافظة المهرة المحاذية لسلطنة عمان ومحاصرة ممرات تزويدهم بالسلاح.

وأثار إحكام قوات عسكرية يمنية وأخرى تابعة للتحالف العربي الرقابة على منفذ شحن البري على الحدود مع سلطنة عمان، وإعلان واشنطن عن ضبط شحنة أسلحة إيرانية متطورة قبالة سواحل اليمن الجنوبية، غضب الميليشيات الحوثية ودوائر إقليمية أخرى كانت تتخذ المنفذ الاستراتيجي معبرا لتهريب الأسلحة للحوثيين.

وبحسب مصادر خاصة تحدثت لـ”العرب” فقد كان الحوثيون يتمتعون بنفوذ من نوع ما في المنفذ من خلال إدارة عناصر أمنية مقربة من قطر وسلطنة عمان لميناء شحن البري وسماحهم بتمرير شحنات من السلاح ومعدات الدعم اللوجستي، وتسهيل تنقل عناصر تابعة للحوثيين بين اليمن وسلطنة عمان.

وفي تصريح لـ”العرب” اعتبر الباحث السياسي اليمني ووكيل وزارة الإعلام نجيب غلاب، أن التصعيد الحوثي الجديد يؤكد على أن الميليشيات الحوثية مجرد أداة إيرانية، من حيث نزعتها العدوانية تجاه اليمن والإقليم وتركيبتها الذهنية التي جعلتها مجرد أداة لتمرير الرسائل الإيرانية.

ولفت غلاب إلى أن التصعيد الحوثي الأخير قد يكون على علاقة وثيقة بتطورات الصراع الأميركي الإيراني بعد أن أصبح الحوثي أهم أذرع إيران في حماية أمنها القومي على حساب مصالح اليمنيين، وهو ما يفسر حالة التناقض الكلي بين تعهدات الحوثي في الغرف المغلقة وأفعاله على الأرض.

وعن توقيت التصعيد الحوثي الأخير واستهداف ينبع وعلاقة ذلك بضبط أميركا لشحنة صواريخ حوثية، قال غلاب “مقتل سليماني أوضح حجم القدرة الأميركية على اختراق المنظومة الأمنية للحرس الثوري ويأتي اكتشاف أميركا لشبكات تهريب الأسلحة التي يديرها الحرس الثوري وحزب الله في هذا السياق، لذلك يحاول الحوثيون تنفيذ عمليات ابتزازية في الداخل والخارج بهدف الخروج من مأزقهم على الأقل أمام الأميركيين الذين وقعوا في فخ التضليل الحوثي في زمن الإدارة الأميركية السابقة”.

ولا يستبعد وكيل وزارة الإعلام اليمنية أن يكون التصعيد الحوثي على صلة وثيقة بتطورات محافظة المهرة (أقصى شرق اليمن) وتحرك التحالف العربي نحو ضبط حركة التهريب النشطة في منفذ شحن الحدودي.

وكشفت تقارير أممية صادرة عن فريق الخبراء التابعة لمجلس الأمن الدولي حول اليمن عن تحوّل عمان إلى معبر رئيسي لتزويد الحوثيين بالأموال والسلاح، وأشار التقرير الأخير إلى رفض مسقط إعطاء أيّ تفسيرات لفريق الخبراء الأممي حول الشخصيات المتورطة في خرق الحظر المفروض على توريد السلاح لليمن.

وأشارت تصريحات أميركية جديدة إلى تفاصيل ضبط سفينة شراعية من قبل البحرية الأميركية قبالة سواحل بحر العرب، كانت تنقل كميات من الأسلحة النوعية.


وكشفت وزارة الدفاع الأميركية عن معلومات جديدة تتعلق بالشحنة التي ضبطتها البحرية الأميركية والتي اشتملت على 150 من الصواريخ ‎إيرانية الصنع المضادة للدبابات، و3 صواريخ أرض – جو المصممة والمصنعة بشكل منفرد من قبل ‎إيران من طراز 358، وأجزاء من أسلحة أخرى لأنظمة بحرية مسيرة.

وأكد بيان الخارجية الأميركية إلى تطابق المعدات العسكرية المحتجزة من حيث النمط التاريخي للتهريب الإيراني للأسلحة المتقدمة إلى ‎الحوثيين في ‎اليمن مع شحنات تم ضبطها في وقت سابق.

وصعّدت الحكومة اليمنية من موقفها تجاه عمليات تهريب السلاح الإيراني إلى اليمن حيث طالب وزير الخارجية محمد الحضرمي الولايات المتحدة الأميركية برفع نتائج التحقيق لمجلس الأمن الدولي ومضاعفة العقوبات على النظام الإيراني لانتهاكه القانون الدولي والمساس بأمن دولة مستقلة وعضو في الأمم المتحدة واستقرارها وانتهاك سيادتها واختراق قرارات مجلس الأمن بمنع توريد الأسلحة للحوثيين.

ودعا الحضرمي في بيان الأمم المتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن للنهوض بمسؤولياتهم الأخلاقية في وقف ما أسماه “العدوان الإيراني الغاشم والمتواصل على اليمن أرضا وإنسانا منذ 5 أعوام”.

وفي ذات السياق طالب وزير الإعلام اليمني معمر الأرياني بضرورة وقف كل أشكال الدعم الإيراني للميليشيات الحوثية بغرض إجهاض الحلول السياسية وتصعيد وتيرة الحرب واستمرار نزيف الدم اليمني.