سياسة الإغتيالات..

مصادر إعلامية: 323 اغتيالًا نفذتها ميليشيا "الإصلاح" في تعز اليمنية

مقاتلون حوثيون يطلقون النار بعشوائية في صنعاء

عدن

جماعة الإخوان المسلمين استهلَّت بداية علاقتها باليمن السعيد بعملية اغتيال الإمام يحيى حميد الدين، إمام اليمن، في فبراير 1948، وبتدبير انقلاب سياسي ثوري بأمر من حسن البنا، وبتدبير ومتابعة الإخواني الفضيل الورتلاني. وبعد انتهاء العملية ونجاحها، ونجاح الانقلاب، تم إعلان عبدالله الوزير إمامًا جديدًا، وتم تشكيل حكومة جديدة. وفي مصر وصفت جريدة “الإخوان المسلمين” في عددها يوم 21 فبراير عام 1948، الإمام الجديد بالتقي والعالم والفقيه. وقرر مجلس وزراء حكومة الثورة تعيين الفضيل الورتلاني (مهندس الثورة) أول مستشار عام للدولة، وطُلب من الشيخ حسن البنا والفريق عزيز المصري، أن يكونا من المستشارين العموميين للحكومة. وأعلنت إذاعة صنعاء أن الإمام تفضَّل وعيَّن أحد المصريين “مصطفى الشكعة” مديرًا للإذاعة اليمنية، وباقي زملائه مذيعين وهم من الإخوان. وأعلن الإمام الجديد، في حديث إلى صحيفة “الإخوان المسلمين”، أنه في غاية الشوق لرؤية المرشد العام حسن البنا.

وأعلن الإخوان المسلمون من اليوم الأول تأييدهم للثورة، ونشطوا في مصر وسوريا والعراق يحرِّكون رجالهم؛ لمطالبة جامعة الدول العربية بالاعتراف بها. وأرسل حسن البنا برقية تهنئة، فأذاعتها إذاعة صنعاء، ونشرت صحيفة الإخوان “الميثاق الوطني المقدس” للحكومة الدستورية الجديدة، وقالت إنها تنفرد بنشره. واستأجر الإخوان طائرة خاصة، أقلت عبدالحكيم عابدين، زوج أخت حسن البنا والسكرتير العام للجماعة، وأمين إسماعيل سكرتير تحرير صحيفة الإخوان، وعبدالرحمن نصر مدير وكالة الأنباء العربية، وحمل الوفد معه مكبرات للصوت؛ بهدف دعوة القبائل إلى تأييد الثورة. واستقبلت حكومة الثورة الوفد بحفاوة بالغة، وأصبح عبدالحكيم عابدين خطيبها في إذاعة صنعاء، وساعده في الخطب ووضع برامج الإذاعة المدرسون الذين يعملون في صنعاء، وهم أعضاء الجماعة؛ وعلى رأسهم مصطفى الشكعة.

وفى يوم 13 مارس 1948، تمكَّن ولي العهد الإمام أحمد، ومَن معه، من دخول صنعاء، وإعلان نفسه إمامًا، وفشلت الثورة التي لم تستمر سوى 26 يومًا فقط.

واستمرت سياسة الاغتيالات تسير مع التنظيم الإخواني اليمني في مختلف تقلباته؛ بل وصل الأمر إلى الاغتيالات الجماعية كما حدث من “هيئة علماء اليمن” التابعة للحزب، في فتوى حرب صيف 1994م، والتي على ضوئها اجتاحت قوات الشمال المدعومة بالقبائل المؤيدة للإخوان المسلمين الجنوب اليمني بمبررات ومسوغات دينية؛ منها كفر الجنوبيين، وما حصل من قتل واغتيالات كثيرة لا حصر لها.

كما استفادت جماعة الإخوان المسلمين في اليمن (حزب الإصلاح) من تشكيل ما سمَّوه “المقاومة الشعبية” في تسليح جماعات إرهابية وتأطيرها ودعمها، وليس سرًّا ولا خافيًا أن معظم قيادات تنظيم القاعدة في اليمن كانوا في جماعة الإخوان، وأن عددًا منهم درس وتخرج في جامعة الإيمان، وقاتلوا جنبًا إلى جنب في عدد من الجبهات باليمن.

وحينما عمدت جماعة الإخوان في اليمن إلى تشكيل ميليشيات عسكرية خاصة أواخر مارس 2019، في محافظة تعز، تم تجميعها بناءً على انتماءاتها إلى جماعة الإخوان، وتلتها دفعات أخرى لم يتم الإعلان عنها، وتمارس هذه الميليشيات عمليات الاغتيالات والقتل بكل الذرائع الممكنة، سرًا وجهارًا.

مع دخول اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي حيز التنفيذ، نشطت حوادث الاغتيالات التي طالت ضباطًا في أجهزة الأمن لعبوا أدوارًا بارزة في محاربة الإرهاب في محافظة عدن.

ففي حادثة اغتيال العميد عدنان الحمادي، في 7 ديسمبر 2019، أوقفت الأجهزة الأمنية في تعز ستة من المتهمين في عملية الاغتيال؛ بينهم اثنان من القيادات المحلية في حزب الإصلاح الإخواني، اللذان قادا حملة تخوين وتشهير في حق الحمادي؛ بسبب معارضته محاولات “الإخوان” الهيمنة على تعز، ورفضه الانخراط في أي صراع سوى مواجهة ميليشيا الحوثي الإيرانية.

ولأن هذه الحوادث تأتي بعد حملة تحريض متواصلة تشنها وسائل إعلام حزب الإصلاح، الأفراد أو الوحدات العسكرية والأمنية التي لا تخضع لسيطرتها، فإنها تثير أكثر من سؤال عن أهداف هذا الحزب وميليشياته الإرهابية وغاياته، وإصراره على تصفية كل مَن يقف موقفًا وطنيًّا ملتزمًا، بعيدًا عن أيديولوجيا الجماعة.

وحملة التحريض التي يقودها إعلام حزب الإصلاح وناشطوه ضد هذه الوحدات تكون في إطار مخططات لتسهيل عملية استهداف تلك القيادات والعناصر الفاعلة.


العميد عدنان الحمادي

يشير بعض المصادر إلى أن المناطق المحررة من ميليشيات الحوثي، والخاضعة لسيطرة ميليشيات الإخوان، تشهد عمليات اغتيال منظمة من قِبَل ميليشيا الجماعة الإرهابية؛ حيث بلغت في تعز وحدها نحو 323 جريمة اغتيال، خلال الأشهر الستة الماضية حتى كتابة هذا التقرير.

عمل جماعة الإخوان المسلمين قائم في أصله على التحرك الإرهابي السياسي الذي يعتمد سياسة الاغتيال، وهذا الأمر بدأ مع حسن البناء في الأربعينيات؛ بل إن مقتل حسن البنا نفسه جاء ردًّا على عملية اغتيال سياسي في الأصل قامت بها الجماعة، وفي بلد كاليمن حرية اقتناء السلاح فيه مفتوحة، وما نشاهده من التحالفات القذرة التي يقوم بها الحزب هناك، فإنه من الطبيعي والمنطقي أن تسير على ذات المنوال الذي سارت عليه الجماعة الأم باعتماد الاغتيالات منهجًا وطريقةً لتصفية الشخصيات التي تقف في طريقها وطريق أحلامها السلطوية.

وفي الأزمة اليمنية التي جعلت اليمن فضاءً مفتوحًا للاستخبارات الإقليمية وغيرها، وكما يعلم الجميع أن العقيدة العسكرية الإخوانية واحدة؛ سواء في مصر أو الشام وفلسطين عبر منظمة حماس أو العراق، وكلها اليوم تصب خبراتها وقدراتها العسكرية في يد حزب التجمع اليمني للإصلاح، بل ونقل تجربة الحشد الشعبي العراقي عبر الاستخبارات الإيرانية، والتي تعد عمليات الاغتيال السياسي أو العسكري رافدًا مهمًّا في تصفية العداوات وتحقيق المكاسب.

وربما يصعب تتبع عمليات الاغتيال تلك ونسبتها إلى جهة معينة بدرجة تصل إلى اليقين التام بسبب الظروف الحالية في اليمن؛ لكن بتتبع الطريق والأسلوب والظروف لا تخطئ العين وجود أيدي الحزب في هذه الاغتيالات، والتي هي سياسة الجماعة الأم، اتضحت كأسلوب وطريقة مشابهة لما يتم في العمليات التي تقوم بها “حماس” في فلسطين، ضد المخالفين السياسيين وغيرهم مثلًا.

وحسب مصادر إعلامية، فقد أعدمت ما تُعرف بميليشيا الحشد الشعبي التابعة لحزب التجمع اليمني للإصلاح في محافظة تعز، كثيرًا من الأفراد أمام منازلهم، وهنا يتجلى الأسلوب الإيراني في عمليات الاغتيالات كما يتم في إيران نفسها أو في العراق.