نقص المياه وتردي الخدمات الصحية ونقص الأدوية..

صحيفة دولية: الأوبئة تتسابق في اليمن.. ما هو دور الحكومة؟

رحلة البحث عن الماء الثمين

لندن

يكرّر خبراء الصحة نصيحة غسل اليدين بالمياه والصابون كسبيل للوقاية من فايروس كورونا المستجد الذي ينتشر حاليا في العالم، لكن كيف يمكن للملايين من اليمنيين القيام بذلك والبلد يشهد شحا شديدا في المياه؟

قالت صحيفة العرب الدولية لم تُسجّل في اليمن -حيث أسوأ أزمة إنسانية في العالم- أي إصابة بعد وفقا لمنظمة الصحة العالمية، لكن هناك خشية كبرى من أن يتسبّب الوباء حال بلوغه أفقر دول شبه الجزيرة العربية بكارثة بشرية.

وقالت منظمة “أوكسفام” الدولية الإغاثية، الثلاثاء، إن وباء كورونا يشكل تحديا جديدا لليمن، داعية المجتمع

الدولي إلى تحمل مسؤوليته خاصة أن الفايروس حد من حركة عمال الإغاثة في البلد الذي تمزقه الحرب منذ سنوات.

ويشهد اليمن انهيارا في قطاعه الصحي، فيما يعيش أكثر من 3.3 مليون نازح في مدارس ومخيمات تتفشى فيها الأمراض -كالكوليرا- بفعل شح المياه النظيفة.

3.3 مليون نازح يمني يعيشون في مدارس ومخيمات تتفشى فيها الأمراض بفعل شح المياه النظيفة والنقص في الأدوية

تقول مديرة مشاريع منظمة “أطباء بلا حدود” في اليمن والعراق والأردن كارولين سيغين ، إن اليمنيين “لا يمكنهم الحصول على مياه نظيفة، وبعضهم لا يمكنهم الحصول حتى على الصابون”، مضيفة، “يمكننا أن نوصي بغسل اليدين، ولكن ماذا لو لم يكن لديك أي شيء لتغسل به يديك؟”.

وقالت الأمم المتحدة، الأحد، إن توفير مياه نظيفة في اليمن بات ضرورة للوقاية من فايروس كورونا والأوبئة الأخرى.

جاء ذلك في تغريدة نشرتها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عبر حسابها على تويتر.

وقالت المفوضية إن أكثر من ثلثي سكان اليمن يحتاجون إلى دعم في خدمات المياه، مضيفة أنه من الضروري توفير مياه نظيفة وآمنة لمنع انتشار أمراض مثل الكوليرا وفايروس كورونا، في البلد الذي يعاني من ويلات الحرب منذ سنوات.

وتقول اليونيسيف إن 18 مليون نسمة، بينهم 9.2 مليون طفل، في اليمن لا يستطيعون الوصول مباشرة إلى “المياه الآمنة والصرف الصحي والنظافة الصحية”.

ومن بين هؤلاء الأطفال محمد علي طيب في محافظة حجة شمال غرب صنعاء، والذي يخرج كل صباح مع شقيقته على ظهر الحمار، لا للذهاب إلى المدرسة بل لجلب مياه، قد تكون ملوثة، لاستهلاك العائلة اليومي.

ويقطع الطفلان أحيانا مسافات تصل إلى ثلاثة كيلومترات للحصول على المياه. وينتظر الفتى (11 عاما) دوره في صف طويل لتعبئة العبوات البلاستيكية التي كانت في السابق تستخدم لتخزين زيوت المحركات، من بئر زراعية عبر خرطوم يبدو قذرا.

ويقول “في الصباح، أقوم بتحضير الحمار (..) ثم من الساعة السابعة والنصف أذهب (لجلب المياه) وأستمر ذهابا وإيابا حتى العاشرة” في نقل العبوات البلاستيكية.

وليست هذه العائلة الوحيدة في أفقر دول الجزيرة العربية التي تعتمد على مياه غير صحية لتغطية احتياجاتها اليومية بسبب شح المياه النظيفة ومياه الشرب.

ويقول مدير الاتصال في اليونيسيف فرع اليمن بيسمارك سوانجين، إن “الوصول إلى مياه الشرب تأثّر بشدة نتيجة سنوات من قلة الاستثمار في أنظمة المياه والصرف الصحي والنزاع الدائر الذي قضى على أنظمة المياه”.

ولا يرتبط بشبكات أنابيب المياه سوى ثلث سكان اليمن البالغ عددهم نحو 27 مليون نسمة، بحسب سوانجين.

ويعاني البلد الفقير من نقص حاد في الأدوية، ومن انتشار الأمراض كالكوليرا التي تسبّبت في وفاة المئات، في وقت يواجه فيه الملايين من السكان خطر المجاعة.

وساهم في تفشي الكوليرا شح المياه النظيفة. والكوليرا التهاب معوي تسببه جراثيم تتنقّل في المياه غير النظيفة. وللمرض علاج، لكن التأخر في الاستحصال عليه قد يؤدي إلى الوفاة.

وفي مركز الجعدة الطبي في حرض في محافظة حجة، يؤكد طبيب الطوارئ محمد عقيل أن المركز يتعامل يوميا مع نحو 300 حالة، يقول إن غالبية الحالات التي تأتي إلى المركز تكون في الغالب “متعلّقة بأمراض منقولة بسبب المياه غير الصالحة للشرب”.

ووفقا لسينجوين فإن “الوصول إلى المياه النظيفة يعد أمرا بالغ الأهمية لمنع انتشار الأمراض التي تنقلها المياه”.

وكان اليمن قد عانى في 2017 من أكبر انتشار للكوليرا والإسهال الحاد في العالم إذ تسبّب ذلك في وفاة أكثر من ألفي شخص.

والثلاثاء حذّرت منظمة “أوكسفام” في بيان لها من أن موسم الأمطار في أبريل القادم قد يشهد موجة جديدة للكوليرا يمكن أن تتفاقم بشكل كبير في ظل تهديد فايروس كورونا المستجد، متوقعة أنه “قد يكون هُناك ما يزيد قليلا عن المليون حالة في عام 2020”.

وقال مُدير مكتب مُنظمة أوكسفام في اليمن، مُحسن صدّيقي، في البيان ذاته، “في حين أن المُجتمع الدولي يهتم بكل حرص فيما يتعلق بحماية مواطنيه من فايروس كورونا، فإنه كذلك يتحمل المسؤولية كاملة تجاه الشعب اليمني”.

ورأى صديقي أنه “بعد خمس سنوات من الموت والمرض والنزوح وفي مواجهة تهديد متزايد من وباء عالمي، يحتاج اليمنيون بشدة إلى موافقة جميع الأطراف المتحاربة على وقف فوري لإطلاق النار”.

وينذر احتمال وصول وباء كورونا المستجد بكارثة تطال القطاع الصحي المنهار بفعل سنوات الحرب، بحسب منظمة أطباء بلا حدود.

وكتبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر على تويتر “يقال إن غسل الأيدي بشكل متكرر هو سبيل الوقاية الأبرز من فايروس كورونا. ماذا يفعل أكثر من نصف الشعب اليمني، الذين لا يستطيعون الوصول إلى المياه الآمنة؟”.

وتؤكد منظمة الصحة العالمية في اليمن، أنه “لم يعد يمكن إرهاق النظام الصحي الهش بالفعل في اليمن”، مشيرة إلى أن “دخول المرض إلى اليمن سيثقل كاهل المستشفيات والمرافق الصحية”.

ويحاول اليمنيون استباق الخطر الداهم رغم إمكانياتهم المتواضعة.

وأسفر فايروس كورونا عن وفاة أكثر من 15 ألف شخص منذ ظهوره في ديسمبر، غالبيتهم في أوروبا حيث أصبحت بعض المستشفيات على مستوى العالم تنازع للسيطرة على الوباء.

وفي الخليج سجلت الدول الست أكثر من 1900 إصابة، وأربع وفيات. وسجلت السعودية 562 إصابة حتى الآن.

وقالت سيغين، “نرى بالفعل كارثة في أوروبا حيث من المفترض أن تكون لدينا أفضل الأنظمة الصحية في العالم، وفي اليمن نعرف أن هناك نظاما (صحيا) منهارا، والكثير من مخيمات النازحين تعاني من نقص في النظافة الشخصية والمياه النظيفة”. وتابعت “نحن قلقون للغاية”.

_ العرب