فتاة تخوض رحلة فانتازية من نافذتها..

النزيلة

رحلة من تجليات الإنتظار (لوحة: عدي أتاسي)

عمان

تدور أحداث رواية “النزيلة” للكاتب الأردني محمود اليوسف حول فكرة النهايات والانتظار، إذ تطرح الرواية أسئلة من نوع: هل نوفي الانتظار حقه إذا ما وصفناه بأنه مرض عضال يُصيب أولئك الذين يتوقون للنهايات؟ أم هو علاجٌ مؤقت لقدَرٍ ينظر إلينا من خلف النوافذ والأبواب شبه الموصدة؟ أم هو قدرٌ يعلم وقتَه لكننا نجهله؟

في هذه الرواية، الصادرة مؤخراً عن “الآن ناشرون وموزعون”، تأخذنا البطلة “نورسين” في رحلة طويلة من تجليات الانتظار: انتظار الخيال ليصبح حقيقة، وانتظار أن يعكس هذا الخيال طريقهُ ليظل خيالاً ولا يتلوث بالواقع، وانتظار الخلاص الذي لا يبلغه أكثر الناس مهما بذلوا من مجهود في سبيله. ففي تلك المدينة البسيطة المسماة “زيزن” تكبر البطلة التي تظل طفلة بريئة. تترعرع في مدينة الأحلام، وترى فيها وجهي الحياة: السيئ والجميل. فتمر بتجارب كثيرة، وتُبتلى بالوجع مرتين، ولعلها هي التي اختارت هذا العذاب بيدها، وسعت إلى لعنتها بملء إرادتها.

تبدأ رحلة البطلة الخيالية في هذه الرواية، التي جاءت في 282 صفحة من القطع المتوسط، بخيالٍ بسيط على نافذتها، وتكبر مغامرتها فتمر بمدنٍ قاحلة السكان وزاخرة بالذكريات، حيث السلام الزائف والحرب الحقيقية.

“تلك الحقيقة تتمثل بالأموات لا بالناجين” كما ترى. ويلقي القدر بين يديها رسائل المساكين الأربعة “تمائم الجنود”، التي وجدتها وكأنهم تركوها لها لتُكمل طريقها عبر ألمهم؛ لعلها تصل إلى مقصدها.

ويخوض القارئ هذه الرحلة مع البطلة على أمل استعادة جزء من الحياة التي فُقدت بين أنقاض الحرب، وربما تهدي البشر خلاصهم الذي يرجونه، وليعلموا أن الموت ليس نهاية القصة حقاً.

تتتبع “نورسين” فتات الخبز خلف الغريب، فيسوقها الطريق لتلتقي بقدرٍ ليس لها، فتكاد رحلتها تكون هرباً من الوجع القابع في صندوقها الصغير؛ فوق نضدها وبين ملاءات السرير، تختار مجزرة جديدة، تعيش بين ذكريات الرحال محاولة أن تنفض عن قلبها غبار الغريب وانكسارها.

نجح الكاتب في إيجاد جو متكامل من التشويق، واستخدم الفانتازيا ثيمة يتحرك النص خلالها. وامتلأت الرواية بالخيال الذي يدنو بالقارئ من فحوى الرواية بأسلوب فني بارع.