تشابه تخنقه وباء كورونا..

تقرير دولي: نظرية المؤامرة.. وجه الشبه الوحيد بين ترامب وأردوغان

دونالد ترامب ورجب طيب أردوغان

إلهان تانير

عمد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في تقييمه لأزمة تفشّي فايروس كورونا، إلى مخاطبة الشعب الأميركي، لساعات طويلة، على شاشات التلفاز، بشكل يومي؛ تلبية لحاجة المواطن الأميركي الشديدة لفهم ما حلّ به، بدا الأمر، وكأنه يقدّم له “عظة يومية”.

تغيّر أسلوب ترامب في تعامله مع الأزمة؛ فبعد أن كان يقلّل، في البداية، من قدرة الفايروس على التأثير في الولايات المتحدة، تحوّل، بشكل تدريجي، إلى النقيض تماماً خلال الأيام الأخيرة، لدرجة أنه بدأ يصف نفسه بأنه “رئيس زمن الحرب”؛ لذلك لم نعد نراه يتوقف يوما، بسبب حالة الطوارئ التي تعيشها البلاد، عن الظهور على شاشات التلفاز، والتحدث لساعات إلى الشعب الأميركي، يجيب خلالها عن التساؤلات، التي تدور في أذهان الأميركيين، في ما يتعلق بالاقتصاد، وبالكثير من الموضوعات الملحة الأخرى المرتبطة بالأزمة.

وعلى الرغم من التحذيرات، التي أطلقتها الأجهزة الاستخباراتية الأميركية قبل أسابيع، إلا أن الرئيس الأميركي، ومعه الجانب الأكبر من أعضاء إدارته، كانوا يظهرون على شاشات التلفاز، ويقللون من قدرة الفايروس على الانتشار بين أبناء الشعب الأميركي.

كان ظهور ترامب في كل يوم تقريبا بعد ذلك، وخاصة في الأيام العشرة الأخيرة، ومخاطبة الشعب الأميركي في أوقات الذروة، كان السبب في تأييد ما لا يقل عن 55 في المئة من الشعب الأميركي لأسلوب إدارته في التصدي لفايروس كورونا.

وإن كان من غير الواضح الآن إلى متى ستستمر هذه الأزمة، إلا أن المؤكد هو أن مخاطبة ترامب الشعب الأميركي لساعات بشكل يومي، سيُنحي المرشح الديمقراطي جو بايدن جانباً لفترة من الوقت. وبدلا من خوض معركة الانتخابات التمهيدية، التي قد تستغرق شهورا، بدأ بايدن، من الآن، في السعي وراء الترشح لمنصب نائب الرئيس، أو بعبارة أخرى، يمكن أن يتابع بايدن، من بعيد، أسلوب ترامب في إدارة أزمة فايروس كورونا، حتى يفيد من ذلك في تحسين صورته أمام الرأي العام الأميركي في الجولة الأخيرة من حملته الانتخابية.

بينما اختار ترامب استغلال كورونا داخليا على الوجه الأمثل، ارتضى أردوغان لنفسه أن يبقى على وضعه الصامت منذ اندلاع الأزمة

إلى جانب هذا، سمح ترامب، بنزول قوات “الحرس الوطني” إلى الشوارع في ثلاث ولايات في الولايات المتحدة. ويُنظر إلى الحرس الوطني، الذي نزل في شوارع ولايات كاليفورنيا ونيويورك وواشنطن، باعتباره حلقة الوصل، التي ستعمل على رأب أيّ صدع قد ينجم عن حدوث خلل في عملية التوريد، وتأمين الاحتياجات في هذه الولايات. وعلى الرغم من أنه لم يعلن صراحة مهمة الحرس الوطني، إلا أنه بإمكانه التدخل أيضا حال حدوث أي احتجاجات محتملة، واحتواء الوضع هناك.

من ناحية أخرى، دشَّنت وزارة الدفاع الأميركية كذلك موقعا جديدا لمحاربة نظريات المؤامرة، والتصدّي لحرب الشائعات، التي بدأت بالفعل تظهر عقب نزول أفراد الحرس الوطني في مدن هذه الولايات، كما أنشأت الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ في الولايات المتحدة (فيما) بدورها قسما خاصا لمكافحة نظريات المؤامرة وترويج الإشاعات.

لا شك أن التلاقي الوحيد بين أسلوب الرئيس الأميركي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان هو إيمان الرجلين بنظرية المؤامرة. وقد ظهر هذا في دعوة المتحدث باسم أردوغان فخرالدين ألتون أيضا إلى محاربة نظريات المؤامرة. رأينا هذه الحكومة، التي ربطت أي تطور يحدث على الساحة الداخلية والخارجية معا، منذ عام 2013 على وجه الخصوص، بفكرة المؤامرة، رأيناها وهي تشتكي من مؤامرة فرانكشتاين، التي نسجها خيالها في مثل هذه الفترة الاستثنائية.

أما عن أسلوب تعامل كلا من ترامب وأردوغان مع أزمة تفشّي فايروس كورونا، فالواضح أنّ هناك تباينا تاما بين الاثنين؛ ففي الوقت الذي اختار فيه ترامب، كما أوضحتُ قبل قليل، أن يستغل المنصة الوطنية الممنوحة إليه على الوجه الأمثل، ارتضى أردوغان لنفسه أن يبقى على وضعه الصامت منذ اندلاع الأزمة، ولم يختلف وضع المتحدثين باسم الحكومة التركية، الذين كانوا يدلون في السابق بأكثر من تصريح خلال اليوم الواحد، عن أردوغان، فكلاهما يلوذ بالصمت الآن.

شارك أردوغان برسالة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي؛ عبَّر فيها عن مخاوفه، من داخل غرفته، التي صارت “ملجأ” لا يغادره. وبدلا من أن يعطي للأمر أهميته، ويعقد مؤتمرا صحافيا يوميا؛ يخاطب فيه شعبه، أسوة بترامب، التزم الصمت، ولم يتحدث إلى الآن.

على الجهة الأخرى، كان أعضاء اللجنة العلمية، التي شكّلها أردوغان، يتسارعون من أجل الظهور على شاشات القنوات المختلفة للإجابة عن التساؤلات المطروحة بهذا الصدد. ومع هذا، فإن الوعود، التي قطعها هؤلاء الأشخاص على أنفسهم، والأخطاء التي اعترفوا بوقوع الحكومة فيها، أثناء تعاملها مع الأزمة، تظل غير مقيّدة لرئاسة الجمهورية، بأيّ حال من الأحوال؛ أي أن الأمر لا يتعدّى مجرد كلمات تُقال فقط.

تحدث وزير الصحة قبل عشرة أيام عن أداء الحكومة، ومدى تأثير القرارات، التي اتخذتها في منع تفشي الفايروس في تركيا. أما الآن، فلا يخفى على أحد أن الفايروس قد تفشى بالفعل بين 81 مدينة تركية، فأين هي هذه التدابير التي تحدثوا عنها؟

للأسف، عجز الجميع عن الحصول على تفاصيل كافية لما يحدث بشكل جعل تركيا، ربما البلد الوحيد في العالم، الذي يحجب المعلومات الحقيقية عن حقيقة الوضع، وحجم الإصابات والمدن الموبوءة. وهذا يعني أن المجتمع التركي صار يعيش في ظلام دامس لا يعرف حقيقة ما يدور داخله. في حين ومن ناحية أخرى يكتفي أعضاء الحكومة بتوجيه النصح للمواطنين من داخل مخابئهم.