الحسابات السياسية تذكي الأزمة..

إيران: انفلات السجون يعري عجز نظام الملالي باحتواء الوباء كورونا

في مرمى انتقادات التيار المتشدد

طهران

ذكت أزمة فايروس كورونا في إيران الصراع السياسي بين المتنافسين في جولة الإعادة للانتخابات البرلمانية، التي كانت مقررة الشهر المقبل، في الوقت الذي عرى فيه سوء تعامل السلطات القضائية مع المساجين بسبب تفشي الوباء، حيث قاموا بعصيان داخل المؤسسات السجنية للضغط من أجل إصلاح أوضاعهم.

عكست حالة التملل بين المساجين في إيران بسبب تفاقم المخاوف من تفشي فايروس كورونا عجز السلطات في التعامل مع الوباء، بينما دخل السياسيون في سجال سياسي حول إدارة حكومة الرئيس حسن روحاني الأزمة.

وبينما عاشت السجون خلال اليومين الماضيين تمردا في صفوف المساجين وهو ما دفعهم إلى الهرب منها خشية إصابتهم بها بعد تزايد أعداد من مرضوا بالفايروس، أقر مسؤولون بأن طهران لم تحسن التعامل مع الأزمة على النحو المطلوب.

وقالت وكالة الأنباء الرسمية إرنا إن قوات الأمن الإيرانية تجري عملية بحث عن 54 معتقلا فروا من سجن سقز في غرب البلاد، في الوقت الذي تمكنت فيه من إخماد تمرد بسجن في مدينة شيراز مركز محافظة فارس.

وهذه ليست محاولة الفرار الأولى في الأيام الأخيرة، فقد تمكن 74 من نزلاء سجن بمحافظة كردستان، من الفرار، الأسبوع الماضي، بعدما قاموا بعصيان خشية فايروس كورونا الذي تفشى في البلاد.

ونقلت الوكالة عن مسؤول في النيابة العامة العسكرية في المحافظة، لم تكشف عن هويته، قوله إن “ما مجموعه 74 معتقلا فروا الجمعة من سجن سقز”، موضحا أن عشرين منهم أعيدوا إلى السجن بعدما سلّم بعضهم نفسه فيما ألقي القبض على البعض الآخر.

وأوردت الوكالة أنه تم توقيف أربعة من حراس السجن على خلفية عملية الهروب الجماعي.

وكانت إرنا قد أفادت مطلع السنة الإيرانية في العشرين من الشهر الجاري مارس بأن 23 معتقلا فروا من سجن خرم أباد، عاصمة محافظة لرستان، إثر أعمال شغب اندلعت ليلا خلال فرز الحراس السجناء المشمولين بقانون العفو الصادر بمناسبة رأس السنة الإيرانية.

وكانت السلطة القضائية قد أعلنت نهاية الأسبوع الماضي أنه “سيتم الإفراج عن نحو عشرة آلاف معتقل في البلاد بموجب قانون العفو الذي أصدره المرشد الأعلى الإيراني” علي خامنئي.

وأوضحت حينها أن التدبير يهدف إلى “خفض عدد السجناء نظرا للظرف الدقيق الذي تشهده البلاد”، من دون أي إشارة إلى فايروس كورونا المستجد.

منذ 21 مارس الجاري بدأت تظهر حالة تململ بين السجناء وخاصة في سجون همدان وتبريز واليكودرز غرب البلاد

وبحسب إرنا سجّلت منذ الـ21 من مارس الجاري “أعمال شغب في سجون همدان وتبيرز واليكودرز” وكلّها في غرب البلاد.

وأوردت الوكالة أنه تمت السيطرة على الأوضاع ولم يفر أي سجين، إنما قتل أحد المعتقلين وجرح آخر في اليكودرز.

ووصل العدد الرسمي للوفيات جراء الفايروس إلى 2757 وفاة وتجاوز عدد الإصابات 40 ألف إصابة فيما واجه الرئيس حسن روحاني انتقادات من خصومه السياسيين بسبب طريقة تعامله مع الوباء.

وتعتبر إيران من الدول الأكثر تضررا بالفايروس، وتحاول احتواء الوباء منذ تسجيل أول حالة في 19 فبراير الماضي.

وبعد أسابيع من التردد في فرض إغلاق أو إجراءات حجر صحي، قررت السلطات، الأربعاء الماضي، حظر جميع أشكال التنقل بين المدن حتى الثامن من أبريل المقبل على أقل تقدير، إلا أن البعض انتقدوا الإجراءات وقالوا إنها “متأخرة وغير كافية”.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة كيانوش جاهانبور في مؤتمر صحافي، الاثنين، إن “117 شخصا توفوا بسبب الفايروس، الأحد، كما تأكدت 3186 إصابة جديدة”.

ولم يتم فرض إغلاق رسمي على المدن رغم أن الحكومة دعت المواطنين مرارا إلى البقاء في منازلهم لاحتواء انتشار الفايروس.

وهاجم رئيس السلطة القضائية الإيرانية إبراهيم رئيسي الحكومة قائلا “كان من الممكن احتواء فايروس كورونا بسرعة أكبر لو تم اعتماد رأي خبراء وزارة الصحة بخصوص تطبيق الابتعاد الاجتماعي والحد من الاتصال الاجتماعي في وقت مبكر”، بحسب ما نقلت عنه وكالة إسنا الإخبارية.

وأضاف رئيسي، المحافظ المتشدد الذي خاض الانتخابات الرئاسية ضد روحاني في 2017، أن “الوقت مهم للغاية” وأن الناس لم يبدأوا “التعاون” إلا بعد أن أبدت السلطات جدية.

وقال محمد باقر قاليباف، المحافظ المخضرم والنائب المنتخب حديثا الذي نافس روحاني كذلك على الرئاسة، إن “الإدارة الحالية تسيء التعامل مع الوضع”.

وكتب على تويتر إن نمط “الإدارة غير الفعالة” للحكومة أصبح واضحا أثناء الوباء من خلال “تجاهل الواقع، والتفاؤل غير المبرر، وعقد الجلسات مرة واحدة فقط في الأسبوع، وعدم استخدام إمكانات الناس”، متهما روحاني بـ”مفاقمة الأزمات، ثم طلب المساعدة وإلقاء اللوم على الآخرين”.

وتأتي موجة الانتقادات بعد أن دعا روحاني “الذين قد يصبحون مسؤولين في غضون شهر أو شهرين” إلى “المساعدة في التصدي للوباء”، مشيرا بشكل غير مباشر إلى قاليباف الذي لم يدخل البرلمان بعد. وقال إنه “ليس وقت الحرب السياسية”.

وكانت الحكومة الإيرانية قد أعلنت في العاشر من هذا الشهر أنها تدرس إرجاء جولة الإعادة في الانتخابات البرلمانية المقررة في أبريل المقبل بسبب استحالة إجرائها في ظل الظروف الراهنة.