غزو تركي..

الأعمال الفنية.. خدعة تركية لغزو لبنان

بعض من نجوم مسلسلات تركية

نورا بنداري

بدأت تركيا العمل على استخدام السلاح الدرامي لغزو لبنان ثقافيًّا وفنيًّا من أجل استعادة حلم الخلافة العثمانية المزعومة؛ وبدأ هذا المخطط منذ وصول «حزب العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا إلى السلطة عام 2002؛ واخترقت المجتمع اللبناني تحديدًا عام 2006 عندما قدمت قنوات فضائية لبنانية المسلسلات التركية على شاشاتها.

غزو تركي

وجدت المسلسلات التركية صداها في لبنان وانتشرت في 22 دولة بعد ذلك، وحققت هذه الأعمال ما يقرب من 3 ملايين دولار سنويًّا في البداية ووصل حجم المبيعات إلى ما يزيد على 350 مليون دولار سنويًّا، وفي عام 2016 أعلن رئيس مجلس الصادرات التركي، أن بلاده تسعى للوصول إلى رقم "ملياري دوﻻر" من تصدير المنتجات الثقافية، وفي مقدّمتها الدراما.

وسبب انتشار تلك الأعمال يرجع إلى ثقافة أنقرة، والتي كانت تهدف إلى الترويج للنموذج التركي ومن ثم السعي لاستعادة أمجاد الخلافة العثمانية المزعومة برئاسة الأغا العثماني «رجب طيب أردوغان»، وبذلك ترسخ الأعمال الدرامية لدى المشاهد صورة ذهنية جديدة متمثلة في تركيا العثمانية.

وكان المحتوى المقدم في لبنان «عاطفي رومانسي» بهدف جذب أكبر شريحة ممكنة، وخاصة من النساء اللاتي تفاعلن مع تلك الأعمال، كما سعت أنقرة لاحتكار المشاهد اللبناني بإطالة عدد حلقات الأعمال الدرامية المدبلجة باللهجة السورية حتي تصل في أحيان عديدة إلى مائتي حلقة، كان من ضمن هذه الأعمال «مسلسل نور» عام 2008، ومسلسل «العشق الممنوع»، و«فاطمة» وغيرها من الأعمال.

تناقض تركي

وفي هذه الأعمال تجد التناقض بين ما تدعيه تركيا بأنها تطبق تعاليم الإسلام وتدعو لها، وفي ذات الوقت تصدر المرأة في أعمالها تقوم بممارسات متحررة كالعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج وشرب الكحول وغيرها، وهذا أيضًا له دلالته حيث تريد أنقرة أن توضح للمشاهد أنها دولة تجمع بين التقاليد والانفتاح وليست منغلقة، كي تجعل المجتمعات تتعاطف معها ومع ما تروجه وكي تنجذب لأعمالها في جميع المناحي المختلفة السياسة والاقتصادية والاجتماعية وأيضًا الثقافية.

استعادة الخلافة المزعومة

ولأن هدف أنقرة الأوحد هو إعادة استحضار التاريخ وتوظيفه لخدمة أهداف سياسية توسعية، بدأت تصدر للمجتمعات العربية كافة أعمالًا تاريخية منافية لما حدث في التاريخ، فبدأت الترويج لإعادة الخلافة العثمانية وإبراز السلاطين العثمانيين بأنهم عظماء، رغم ما ارتكبوه من جرائم، كان من بينها أنه حينما سيطرت الدولة العثمانية بقيادة «السلطان سليم الأول» على لبنان عام 1516 بدأ الخراب والفساد يعم كل المدن اللبنانية بعد السيطرة العثمانية عليها، وعلى رأسها بلدة صيدا، التي وصفها المؤرخ اللبناني «أحمد عارف الزين» في كتابه بأنها مدينة الخراب والقرى الحقيرة، إلا أن تركيا لم تستطع قول ذلك في أعمالها الفنية المختلفة.

إضافة لذلك تحاول أنقرة  توظيف أعمالها الفنية للترويج للسياحة؛ من خلال ما تعرضه من مناظر طبيعية، وأماكن سياحية، ومعالم تاريخية، وبالفعل وقد ساهم هذا في زيادة أعداد السياح إلى تركيا وزيادة العائد السياحي، وكل هذا يعد من أدوات السياسة الناعمة التي تحاول بها أنقرة التغلغل إلى المجتمعات العربية.

رفض لبناني

وفي الفترة من عام 2012 إلى 2019؛ بدأ الناشطون العرب يدركون حقيقة الأعمال الدارمية التركية، ودشن اللبنانيون تحديدًا هاشتج أطلقوا عليه «اوقفوا المسلسلات التركية» وطالبوا بإعادة الأعمال الدرامية اللبنانية من جديد، ورأى بعضهم أن المسلسلات التركية تعمل على تسطيح العادات والتقاليد العربية وإبراز نماذج  وقيم مختلفة عما يريده المجتمع العربي، وهدفه فقط تلميع صورة الدولة التركية.

 

وأوضح «أحمد العناني» الباحث المتخصص في العلاقات الدولية في تصريح لـ «المرجع»؛ أن تركيا تريد استخدام القوي الناعمة المتمثلة في الفن وغيره، للترويج لأحلام الخلافة العثمانية أو ما يسمي بـ«العثمانيين الجدد» خاصة في لبنان وليبيا وسوريا وذلك بهدف جعل شعوب هذا البلدان يتوجهون لدراسة اللغة التركية والتعلم في المدارس التركية.

ولفت «العناني» إلى أن جميع الأفلام والمسلسلات التركية هي «مسيسة» لخدمة حزب العدالة والتنمية بقيادة «أردوغان».