عرض الصحف الفرنسية..

الأرقام الرسمية لكورونا غير حقيقية.. ولماذا أكثر الضحايا من الرجال ؟

فرنسا تسرع من إنتاج أجهزة التنفس الصناعي والأقنعة لمواجهة كورونا

رؤية الإخبارية

سلّط "موقع راديو فرنسا الدولي" الضوء على جهود الدولة الفرنسية استعدادًا لمواجهة ذروة انتشار وباء كورونا. فخلال زيارته لأحد مصانع الأقنعة الطبية، أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون عن تسليم عشرة آلاف جهاز تنفس صناعي جديد إلى المستشفيات بحلول منتصف شهر مايو، وأشار أيضًا إلى أن إنتاج الأقنعة سيزداد بشكل كبير.

ولتحقيق ذلك ستتحالف أربع مجموعات صناعية فرنسية كبرى لتصنيع أجهزة التنفس الصناعي لتجهيز المستشفيات التي تعاني من حالات حادة من مرضى الفيروس التاجي. وأكد الرئيس ماكرون أن التحالف الصناعي الذي تقوده شركة إير ليكيد الفرنسية، سيضم أيضًا شركة شنايدر إلكتريك المتخصصة في صناعة المعدات الكهربائية، وشركة فاليو المتخصصة في الصناعات المغذية لصناعة السيارات وتحالف بيجو - سيتروين لتصنيع السيارات.

الوصول إلى 14 ألف سرير عناية مركزة

وسينتج التحالف الصناعي أجهزة تنفس ثقيلة لتجهيز الأَسِرّة الإضافية التي أعلن عنها وزير الصحة الفرنسي "أوليفييه فيران"؛ وبالتالي، ستكون فرنسا قادرة على الوصول إلى قدرة حوالي 14 ألف سرير للعناية المركزة على الأراضي الوطنية، مقابل 5 آلاف سرير قبل هذه الأزمة الصحية. وسيتم تجميع أجهزة التنفس الصناعي في مصنع إير ليكيد للأنظمة الطبية حيث وسعت الشركة بالفعل منذ بداية الأزمة، خط التجميع لزيادة إنتاجها من أجهزة الإنعاش وأجهزة التنفس غير الغازية للاستخدام المنزلي.

إنتاج المزيد من الأقنعة

ودعا ماكرون أيضًا إلى إعادة بناء "السيادة الوطنية والأوروبية" بعد أزمة فيروس كورونا، آملًا أن تتمكن فرنسا من الاكتفاء الذاتي فيما يتعلق بإنتاج الأقنعة الواقية بنهاية العام. وأصر رئيس الدولة على أهمية مواصلة بذل الجهد الإنتاجي الوطني للاستعداد لمواجهة الفيروس التاجي، وقال: "ستبلغ القدرة الإنتاجية الأسبوعية لفرنسا من الأقنعة في نهاية أبريل أكثر من 10 ملايين قناع وسنحافظ على هذه الوتيرة".

وسيقفز الجهد الوطني المبذول لزيادة الإنتاج في شركات الأقنعة الفرنسية الأربع بالإنتاج من 15 مليون إلى 40 مليون وحدة شهريًّا بحلول شهر أبريل. وقال الإليزيه: إن احتياجات أطقم التمريض ودور رعاية المسنين تقدّر بنحو 40 مليون قناع في الأسبوع. ومع استمرار وباء كوفيد-19 في قتل مزيد الضحايا يوميًّا، تستمر قوات الشرطة والدرك أيضًا في استنكار عدم وجود أقنعة واقية تكفي لمراقبة الالتزام بالحجر الصحي في مختلف أنحاء الدولة.

واضطرت فرنسا إلى استيراد أكثر من مليار قناع بشكل رئيسي من الصين، كما قدّمت بالفعل طلبات شراء إضافية. ومن أجل احترام توجيهات الدولة بشأن الأدوية وأجهزة التنفس والأقنعة، جرى تخصيص أربعة مليارات يورو للصحة العامة في فرنسا، وفقًا لرئيس الدولة.

سيحين الوقت للشفافية الكاملة

ولدى سؤاله عن الانتقادات غير الاحترافية التي تتعرض إليها السلطة التنفيذية، قال الرئيس ماكرون إنه عندما "ندخل في معركة، فعلينا الاتحاد للفوز بها. وأعتقد أن جميع أولئك الذين يسعون لرفع دعاوى قضائية، بينما نحن لم ننتصر في الحرب، هم أشخاص غير مسئولين".

جدير بالذكر أنه قد تم تقديم عدة شكاوى، إما إلى محكمة العدل، عندما يتعلق الأمر بالوزراء، أو إلى مدعي العموم، بتهمة "تعريض حياة الآخرين للخطر"؛ حيث قال رئيس الدولة: "سيحين الوقت للشفافية الكاملة".

هل تحسنت جودة الهواء في فرنسا مع الحجر الصحي بسبب كورونا؟

من جانبه، تساءل موقع فرانس تي في أنفو عن تأثير العزل الصحي على جودة الهواء حيث سجلت مختلف منظمات مراقبة جودة الهواء تحسينات منذ بداية الحجر الصحي المرتبط بوباء فيروس كورونا، لكن هذا التحسن لن يكون كافيًا.

 ونشرت وكالة ناسا مؤخرًا صورًا مذهلة للصين تظهر انخفاضًا حادًا في تلوث ثاني أكسيد النيتروجين في الفترة بين يناير وفبراير الماضيين، حيث ينبعث هذا الغاز الملوث من المركبات والأنشطة الصناعية. وفي فرنسا أيضًا، كان للحجر الصحي تأثير إيجابي على البيئة.

انخفاض التلوث بثاني أكسيد النيتروجين

وقد نشرت وكالة الفضاء الأوروبية صورًا للأقمار الصناعية تظهر انخفاضًا حادًا في تركيزات ثاني أكسيد النيتروجين في المدن الكبيرة مثل باريس ومدريد مقارنة بالمتوسط الشهري لشهر مارس من العام الماضي. وأكدت كارول دينيل، المسئولة عن برامج الغلاف الجوي والمناخ في المركز الوطني الفرنسي لدراسات الفضاء في بيان صحفي أن "هذه الصور مذهلة لأنها توضح كيف تؤثر الأنشطة البشرية على جودة الهواء الذي نتنفسه".

الجسيمات الدقيقة لا تزال موجودة في الهواء

وبينما كان للحجر الصحي تأثير إيجابي على التلوث بثاني أكسيد النيتروجين، تم ملاحظة تأثير ضئيل على الجسيمات الدقيقة حيث توضح شارلوت ليبيتر مديرة مشروع بالشبكة الوطنية لجمعيات مراقبة جودة الهواء، أن الظروف المناخية الربيعية في الأيام الأولى من الحجر التي تزامنت مع استمرار أنشطة معينة، مثل التدفئة، لم تسمح بتقليل مستويات الجسيمات الدقيقة العالقة في الهواء بشكل كبير. وتضيف "بشكل عام، تحسنت جودة الهواء، ولكن للأسف لم تسمح عودة درجات الحرارة المرتفعة خلال الأسبوع الأول من الحجر بتحقيق مستويات أقل بكثير من الجسيمات الدقيقة".

وفي بعض المناطق ازدادت تركيزات الجسيمات الدقيقة منذ بداية الحجر الصحي كما حدث في منطقة "باي دو لا لوار"، حيث توضح وكالة إير باي دو لا لوار، المسئولة عن جودة الهواء في المنطقة، أن هذا الأمر يرجع إلى "ظهور الأحوال المضادة للأعاصير غير المسببة لتشتيت الملوثات المرتبطة برش المبيدات والتدفئة بالحطب".

تأثيرات مؤقتة ولا تأثير على المدى الطويل

ويوضح كريستوف كاسو، عالم المناخ ومدير الأبحاث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، أنه إذا كان ثمة تحسن في الهواء يمكن لملاحظته "فلا يحدث ذلك بسبب الانخفاض المؤقت في الانبعاثات، ولكن بالانخفاض المستمر والدائم". كما حذر أيضًا من الاحتمالية الكبيرة لانتعاش تلوث انبعاثات الغاز بعد الأزمة ويقول: "إن تاريخ الأزمات الاقتصادية التي أدت إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية دائمًا ما يسجل حدوث ارتفاع في الانبعاثات بعد حوالي عامين من الأزمة".

وفي الصين، بدأ تلوث ثاني أكسيد النيتروجين في الارتفاع مرة أخرى منذ 15 مارس، حيث ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمر، استنادًا إلى بيانات وكالة ناسا، أن "البيانات الحديثة تشير إلى ارتفاع مستويات التلوث بوتيرة بطيئة حتى وإن ظلت أقل بكثير مما كانت عليه قبل الحجر الصحي". ويرى السيد كريستوف كاسو أن من المؤكد أن عمليات البناء ستعود للعمل على أي حال، لكن سيكون من الحماقة أن نعمل بنفس الأسس".

الاختلافات بين الرجل والمرأة في مواجهة كورونا

من جهتها، أشارت جريدة "لوتومب" السويسرية إلى وجود اختلافات بين الجنسين في الإصابة بكورونا والشفاء منه، حيث يقتل كوفيد- 19 الذكور أكثر من النساء.

يثير هذا التباين في الإصابة بين الجنسين التساؤلات؛ فوفقًا للإحصاءات الأولية، يموت عدد أكبر من الرجال بسبب الفيروس مقارنة بعدد النساء. وفي سويسرا، تشير الأرقام الصادرة عن المكتب الفيدرالي للصحة العامة في 3 أبريل إلى أن الرجال يمثلون 63.5٪ من الوفيات المرتبطة بالمرض و61٪ من الحالات التي دخلت المستشفيات كانت من الرجال. ويمكن ملاحظة هذا التمثيل الزائد في جميع الأعمار تقريبًا، مع اختلافات متباينة الأهمية. ولكن في الوقت نفسه، تتأثر النساء أكثر من حيث الإصابة بالمرض، حيث يمثلن 52.4٪ من الحالات المؤكدة.

ولوحظ هذا التباين في الوفيات لأول مرة في الصين بؤرة اندلاع الوباء. فوفقًا للإحصاءات الصادرة عن المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها للفترة بين ديسمبر وفبراير، بلغ معدل الوفيات بين الرجال 2.8 ٪ مقارنة بنسبة 1.7٪ بين النساء. ومن بين (44672) حالة مصابة لوحظ أن الرجال يمثلون 51.4 ٪ من الإصابات و63.8 ٪ من الوفيات، كما لوحظت مثل هذه النسب في مكان آخر في أوروبا وهو إيطاليا، حيث يمثل الرجال حوالي 71٪ من الوفيات المسجلة، لكن هذه الإحصاءات لا تزال قابلة للتغيير في الوقت الحالي لأنها مؤقتة.

فرضية جينية

لا يزال من الصعب إيجاد تفسيرات لهذه الظاهرة على الرغم من ملاحظة هذه الاختلافات بين الجنسين بالفعل في الأوبئة السابقة، كسارس كوف 1 في عام 2003 وميرس كوف في عام 2013، ويوضح جان تشارلز جيري، رئيس فريق بحث بعنوان: "الاختلافات المتعلقة بالجنس في المناعة.. الآليات والفيزيولوجيا المرضية"، في المعهد الوطني الفرنسي للصحة والبحوث الطبية، الأمر قائلًا: "لا يمكننا استبعاد وجود تأثير بيولوجي مرتبط بالجنس على المناعة، وهذا التأثير يمكن أن يشمل إما هرمونات الستيرويد مثل هرمون الاستروجين أو الأندروجين، أو العوامل الوراثية المرتبطة بالكروموسومات الجنسية".

ويحتوي كروموسوم X، الموجود بنسخة واحدة في الخلية الذكرية، على العديد من الجينات المسئولة عن المناعة لذا يتابع السيد جيري قائلا: "لدى النساء كروموسومان X، وبالتالي تظهر البيانات أن بإمكانهن في ظروف معينة، توليد نسختين من بعض الجينات المهمة وهو أمر غير ممكن لدى الرجال".

دور هرمون الاستروجين تحت المجهر

وفيما يتعلق بدور الهرمونات، تُظهر دراسة أجريت على الفئران، ونُشرت في عام 2017 بمجلة علم المناعة، أنه قد يكون هناك صلة بين إنتاج هرمون الاستروجين وحالات الوفاة. ففي الدراسة التي أجريت على فئران من مختلف الأعمار تم حقنهم بفيروس سارس كوف 1، سجلت الفئران الذكور وفيات أكثر من الإناث. لكن إزالة المبيضين أو تثبيط عمل هرمون الاستروجين عبر العقاقير لدى الفئران الأنثوية أدى إلى زيادة معدل الوفيات لديهن.

يقول جان تشارلز جيري: "تفترض هذه الدراسة وجود تأثير للهرمونات على الجهاز المناعي، لكنها لا تثبت ذلك". ولا يعد هذا المسار وحده كافيًا لتفسير الفرق في معدل الوفيات الذي يستمر أيضًا في المرضى الأكبر سنًّا، بما في ذلك الفئات العمرية بعد انقطاع الطمث، عندما يتوقف الجسم عن إنتاج هذه الهرمونات. وتقول ماريا تيريزا فيريتي، المديرة العلمية لمشروع دماغ المرأة (WBP)، وهي منظمة مكرسة لإبراز الاختلافات بين الجنسين في مجال الصحة النفسية: إن: "الجهاز المناعي للنساء الشابات يستجيب بشكل أقوى وأسرع منه لدى الرجال".

السلوكيات الجندرية

بالإضافة إلى الجوانب البيولوجية، يتم أيضًا دراسة الاختلافات بين الجنسين حيث تؤثر الأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض القلب والجهاز التنفسي على الرجال أكثر من النساء. فأكثر الرجال في الصين من المدخنين حيث يدخن 50٪ من الرجال مقابل 2٪ من النساء. وهذا الفارق أقل أهمية في أوروبا، ولا سيما بين الأجيال الشابة، لكنه يبقى ملحوظًا.

ويسلط بعض الباحثين الضوء أيضًا على ميل الرجال إلى عدم احترام تدابير النظافة المتبعة، لكن هذا التفسير لا يقنع أنتونيلا سانتوتشيوني، الطبيبة والمؤسسة المشاركة لمشروع دماغ المرأة التي تقول: "إذا كان هذا هو الحال، فيجب أن يكون الأطفال أكثر تأثرًا، كما أنه لا توجد في الواقع أي بيانات حول مسألة الامتثال لتدابير النظافة".

الاختلافات بين النساء والرجال في مواجهة المرض

وبالرغم من أن النساء العاملات في المجالات المعرضة بشدة للعدوى، ولا سيما في قطاع الصحة تُصبن بالمرض بنسبة كبيرة، إلا أنهن لا يشكّلن غالبية الوفيات، فقط بعض الحالات كانت من النساء. لكن الأبحاث الطبية فيما بعد سارس كوف 2 قللت لفترة طويلة من الاختلافات البيولوجية المرتبطة بالجنس في مواجهة الأمراض. وتصر أنطونيلا سانتوتشيوني تشادها، على أهمية الأمر حيث تقول: "للمرة الأولى، لدينا أدلة كثيرة على ضرورة أخذ الاختلافات بين النساء والرجال في تشخيص الأمراض والوقاية منها وعلاجها في الاعتبار".

ويجب أيضًا أن تؤخذ هذه الاختلافات في الاعتبار عند تركيب الدواء، حتى وإن لم تكن ظروف الأزمة مواتية بالضرورة لهذا الأمر. ويقول جان تشارلز جيري: "هناك الكثير من البيانات التي توضح أن الاستجابة للقاحات تختلف بين الجنسين". فعلى سبيل المثال، بالنسبة لنصف جرعة فيروس الأنفلونزا، تتطور لدى النساء استجابة مناعية مماثلة للرجال الذين يتلقون جرعة كاملة". وفي المقابل، يمكن أن تكون الآثار الجانبية أكثر وضوحًا عند النساء.

ولا تقتصر آثار اختلاف تأثير الأوبئة المرتبطة بالجنس على وباء كوفيد-19 وحسب، حيث تقول أنيماري شوماخر ديميك، طبيبة علم النفس ورئيسة مشروع دماغ المرأة: "على المدى الطويل، تكون النساء أكثر عرضة لأمراض القلق والاكتئاب". وبالتالي قد تمثل هذه الأزمة فرصة لمراجعة الطريقة التي يعالج بها الطب والبحث الاختلافات بين الجنسين.

هل دخل فيروس كورونا فرنسا منذ بداية يناير؟

وتحت عنوان: "هل دخل فيروس كورونا فرنسا منذ بداية يناير؟"، أجابت جريدة "لوباريزيات" عن هذا التساؤل، فلا يزال من الصعب الإعلان رسميًّا أن الحالات الأولى لفيروس كوفيد – 19 في فرنسا كانت موجودة خلال فصل الشتاء ولم تتم ملاحظتها.

وقد تسببت عدة حقائق بإثارة هذا السؤال، فبينما تم اكتشاف الحالات الرسمية الأولى في فرنسا في 24 يناير، حددت منظمة الصحة العالمية أن تاريخ ظهور الأعراض الأولى للفيروس في الصين يرجع إلى 8 ديسمبر، وهو ما يشير من الناحية المنطقية، إلى إمكانية حدوث العدوى في الأسابيع التالية لهذا التاريخ في البلدان التي تمتلك تبادلًا تجاريًّا كبيرًا مع آسيا، مثل فرنسا.

أعراض مشابهة قبل إعلان الحالات الرسمية

والأمر الثاني مرتبط بشهادات عديدة لأشخاص يعانون من أعراض كوفيد – 19 قبل الكشف الرسمي عن الحالات الأولى في فرنسا. حيث اتصلت جريدة "لوباريزيان" بالعديد من هؤلاء الأشخاص، ووصف العديد منهم أنه تم تشخيصهم بالأنفلونزا أو نزلات البرد بالرغم من الأعراض غير العادية، مثل فقدان الطعم أو الرائحة مؤقتًا، والإسهال، والسعال الشديد الذي يدوم، والتعب الشديد والصعوبة في التنفس. ومع ذلك، لم يتمكن هؤلاء الأشخاص حتى الآن من إجراء اختبار يؤكد أو ينفي إصابتهم.

وفي هذه المرحلة من الوباء، لا يتوافق جميع المتخصصين على نفس الخطاب حول تاريخ الظهور الفعلي للمرض في فرنسا. حيث يقول جان فرانسوا جيجان، مدير الأبحاث في مركزي INRA-CIRAD والمتخصص في إيكولوجيا الأمراض المعدية والطفيلية: "إن وجود المرض في أوائل يناير أمر محتمل للغاية، وربما قبل ذلك. ولكن هل ستثبت الأبحاث ذلك؟ نعم، من المحتمل جدًّا. فكما هو الحال مع كل وباء، سيتم إجراء تحليلات متبادلة بين علمي البيولوجيا الجزيئية وديناميكيات الانتقال. ونظرًا لأن فترة حضانة الفيروس تتراوح من 4 إلى 15 يومًا، فمن الممكن أن يكون الفيروس كان موجودًا قبل الإبلاغ عن أعراض الحالات الأولى".

هل تم تسجيل عدد قليل جدًا من الحالات في بداية يناير؟

من جانبه، يفضل صموئيل أليزون، مدير الأبحاث في المركز الفرنسي الوطني للبحث العلمي، والمتخصص أيضًا في علم البيئة وتطور الأمراض المعدية، فرضية الانتشار منذ فبراير. حيث يقول مستندا إلى سلسلة الحسابات بهامش خطأ كبير إلى حد ما، إن: "الجينوم الفيروسي يطرح فرضية وصول الحالات الأولى منذ شهر فبراير وبداية انتشار الوباء منذ ذلك التاريخ".

و"إذا اعتبرنا أن الانتشار الخفي للوباء بدأ في يناير، فإن الأرقام الحالية لن تكون ذات معنى لأن الأمر يتعلق بنحو 70 يومًا من انتشار الفيروس، أو 28 ضعفًا في حالات الإصابة وعدد إصابات كلي حتى 11 مارس يقدّر بنحو 268 مليون إصابة. وإذا كان الوباء قد انتشر مع بداية شهر يناير، لكان انتشر دون انتقال للعدوى، وهذا أمر لا معنى له حقًّا". لكن الأخصائيين اللذين تصديا للإجابة على هذا السؤال يتفقان على نقطة واحدة وهي أنه سيكون من الضروري الانتظار للحصول على بيانات جديدة لإيجاد إجابة رسمية، وهذا الأمر سيستغرق وقتًا طويلًا.

الأرقام الرسمية لفيروس كورونا لا تعكس الحجم الحقيقي للوباء

وفي السياق، شككت جريدة "هوفينتون بوست" بنسختها الفرنسية في الإجراءات المتبعة لتعقب حالات كورونا، فربما تكون أعداد الوفيات والإصابات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في فرنسا، أعلى بكثير مما تقدّمه الإحصاءات الحكومية.

 يقوم جيروم سالومون، المدير العام للصحة خلال مؤتمره الصحفي كل مساء، بتقييم تطور وباء فيروس كورونا في فرنسا، مثلما يفعل زملاؤه في جميع أنحاء العالم. ومع كل حالة وفاة جديدة وإعلان عدد الحالات المؤكدة، تقوم وكالات الأنباء ومنظمات الصحة العامة بتحديث خرائط الجائحة والرسوم البيانية الموضحة لها، وتظهر أحدث الأرقام تصدر إيطاليا، مركز الوباء في أوروبا، قائمة الوفيات، تليها إسبانيا وفرنسا. وفي الولايات المتحدة، حصد الفيروس التاجي ضحايا أكثر من هجمات 11 سبتمبر.

وفي الأسبوع الماضي، تغير خطاب جيروم سالومون قليلًا. وبدلًا من إعلان إجمالي عدد الوفيات في فرنسا، كما كان يفعل من قبل، أوضح أن هذا العدد اليومي يشمل فقط الوفيات المسجلة في المستشفيات، معترفًا بأن الأرقام الرسمية تمثل جزءًا صغيرًا فقط من الوفيات في البلاد. واعترف بأن المكانين الرئيسيين للوفاة هما المستشفيات ودور رعاية المسنين. وقال فريديريك فاليتو، رئيس اتحاد مستشفيات فرنسا: "لا شك أن الأرقام ستكون أعلى بكثير إذا جمعنا أولئك الذين ماتوا في دور رعاية المسنين وفي المنزل"، أو الذين لم تشملهم الإحصائيات.

من جانبه، أقر رئيس الوزراء "إدوارد فيليب" بأن المخاوف بشأن دقة البيانات الرسمية للفيروس تتزايد، حيث قال: "يتساءل العديد من مواطنينا عن هذه الأرقام، ويودون معرفة كيف يتم حسابها، وعما إذا كانت كاملة، وما هو مؤكد وما هو مُقدر"، مضيفًا أن هذه الأسئلة مشروعة.

حالة مؤكدة إلى عشر حالات فعلية

ويتشابه الوضع في العديد من البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة، حيث يصعب الحصول على نظرة شاملة لحجم الوباء، فكل ولاية ومقاطعة تُبلغ عن أرقامها الخاصة، التي تقدّم رؤى فردية حول انتشار الفيروس. ويتولى مركز الولايات المتحدة للوقاية من الأمراض ومكافحتها مسئولية تحديد الحالات على المستوى الفيدرالي، فيما حاولت منظمات أخرى، مثل جامعة جونز هوبكنز، الحصول على حسابات أكثر دقة من خلال جمع المعلومات من مصادر مختلفة، بما في ذلك الفيدرالية والولائية والمحلية.

ومع ذلك، فمن المحتمل أنه حتى أكثر الإحصاءات شمولًا تفشل في تحديد العديد من المرضى ممن لم يتم تشخيصهم، إما بسبب نقص الاختبارات المتاحة أو لأنهم لا يظهرون إلا أعراضًا خفيفة أو معدومة. وفي إسبانيا، لا تتضمن الإحصاءات الرسمية الوفيات في دور رعاية المسنين. ومع ذلك ذكرت صحيفة "إل بايس" الأسبانية وفاة 352 شخصًا على الأقل بسبب الفيروس.

وقال سيلفيو بروسافيرو، رئيس المعهد العالي الإيطالي للصحة: "من المرجح أن عدد الوفيات أقل من الحقيقي؛ لأننا نحسب فقط الضحايا الذين كانت نتائجهم إيجابية. ولم يتم اختبار العديد من الوفيات الناجمة عن الالتهاب الرئوي في دور رعاية المتقاعدين على سبيل المثال، والتي يُفترض أنها بسبب كوفيد - 19. وقال بروسافيرو: إن خدمات الصحة العامة الإيطالية تطور نظامًا لتقدير عدد الوفيات في البلاد أكثر دقة. وفي الأسبوع الماضي، ذكر "أنجيلو بوريلي" مدير خدمة الحماية المدنية، أن عدد الإصابات أعلى بكثير من التقديرات الرسمية. وقال لصحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية: "هناك حالة مؤكدة إلى عشر حالات فعلية".

وفي المملكة المتحدة أيضا، يتم احتساب الوفيات في المستشفيات فقط في التقرير اليومي الرسمي، غير أن الحكومة أعلنت هذا الأسبوع أنها ستبدأ في إصدار معدل وفيات أسبوعي على أساس عدد الوفيات المبلغ عنها، وليس فقط تلك المسجلة في المستشفيات؛ ما يعني أن أي شخص تُوفي خارج المستشفى سيتم تضمينه في هذا العدد إذا أعلن أخصائي رعاية صحية أو فاحص طبي أن وفاته كانت بسبب كوفيد - 19.

من الصعب تقدير الانتشار الحقيقي للفيروس

ومع ذلك، وحتى مع تحسين عملية إحصاء القتلى، فإن الافتقار إلى الفحص الشامل في العديد من البلدان، إلى جانب الأساليب المختلفة لحساب الحالات، قد يجعل من الصعب إدراك حجم الوباء.

ففي المملكة المتحدة، على سبيل المثال، تأخذ الأرقام الحكومية اليومية لعدد الحالات الجديدة نتائج الاختبار في الاعتبار بمجرد وصولها، بدلًا من تاريخ اختبار الشخص عندما كان يعاني أعراض المرض، وهذا يؤدي إلى اختلافات كبيرة في عدد الحالات التي يتم الإبلاغ عنها يوميًّا، والتي لا تعكس الانتشار الحقيقي للفيروس.

من جانبها، اقترحت شيلا بيرد، عالمة الإحصاء الحيوي التي عملت لصالح مجلس البحوث الطبية بجامعة كامبريدج، لصحيفة هوفينتون بوست الإنجليزية، أن تبدأ الحكومة في حساب الحالات المكتشفة من خلال الاختبارات التي أجريت في المستشفى حسب التاريخ. أي تاريخ أخذ العينات، بدلًا من الاعتماد على نتائج الاختبارات اليومية؛ لأن ذلك سيعطي فكرة أكثر دقة عن انتشار الفيروس، موضحة أن: "من المهم معرفة متى تم أخذ العينة: ليس الأسبوع الذي تم فيه الإبلاغ عن نتيجة الاختبار، ولكن الأسبوع الذي تم فيه أخذ العينة. هذا هو التاريخ الذي يخبرنا عن حالة الوباء". أما في الولايات المتحدة، فيستغرق الحصول على نتيجة الاختبار ما بين 24 ساعة و10 أيام، اعتمادًا على المختبرات والموارد المتاحة لها.

وبالإضافة إلى هذه الصعوبات، يتعلم العلماء المزيد كل يوم حول كيفية انتشار الفيروس التاجي. وتشير الدراسات الحديثة في الصين والولايات المتحدة إلى أن عددًا كبيرًا من الإصابات سببها أشخاص ليس لديهم أعراض. يقول "روبرت ريدفيلد" مدير مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها أن واحدًا من كل أربعة أشخاص مصابين تظهر عليه الأعراض، موضحًا أن "هذا أمر مهم، بسبب اكتشاف أن هناك أفرادًا ليس لديهم أعراض ولكنهم ينقلون المرض، وهم معديون بالفعل".

بالإضافة إلى ذلك، تشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يعانون من الأعراض يمكن أن ينشروا الفيروس قبل 48 ساعة من ظهور أولى الأعراض. وختم حديثه قائلًا: "تفسر هذه النتائج السرعة التي يستمر بها الفيروس في الانتشار عبر الدولة".