محاولات جرّ القوات الأمريكية إلى معركة استفزاز طويلة الأمد..

تقرير: ماهي سيناريوهات الرد على التهديدات الإيرانية في العراق؟

القوات الأمريكية في العراق - دويتش فيله

بغداد

تواصل فصائل الميليشيات الشيعية المسلحة المرتبطة بإيران محاولات جرّ القوات الأمريكية إلى معركة استفزاز طويلة الأمد، من خلال القيام بشن هجمات صاروخية مباشرة تستهدف القواعد العسكرية التي يتحصن فيها الأمريكيون في العراق بين الحين والآخر، فضلًا عن استحداث تنظيمات إرهابية جديدة بدعم إيراني، وذلك ضمن خطة طهران لنقل المواجهة مع واشنطن داخل الأراضي العراقية.

وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، قد كشفت، قبل أيام، عن أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، أمرت القادة العسكريين بالتخطيط لتصعيد المعركة الأمريكية في العراق، وأصدرت توجيهًا بالإعداد لحملة عسكرية تهدف إلى تدمير مجموعة من الميليشيات المدعومة من إيران، والتي هددت بشن مزيد من الهجمات ضد القوات الأمريكية.

تعزيز أمني

مصدر أمني عراقي قال لموقع ”كيوبوست”: “إن القوات الأمريكية عززت من إجراءاتها الأمنية في محيط وداخل مواقعها العسكرية؛ وأبرزها قاعدة عين الأسد الجوية غرب محافظة الأنبار، ونشرت منظومة باتريوت لحمايتها من الصواريخ بعد ورود معلومات دقيقة إلى الجانب الأمريكي عن نية الميليشيات الإيرانية استهدافها”.

وأضاف المصدر، وهو ضابط في الجيش العراقي، رفض الإفصاح عن اسمه: “إن الإجراءات شملت أيضًا تقليل عدد الجنود الأمريكيين في بعض القواعد، وانسحابهم من بعضها الآخر، وتسليمها إلى القوات العراقية، وكان آخرها تسليم قاعدتَي الحبانية الجوية الواقعة في محافظة الأنبار وتبعد 80 كيلومترًا غرب بغداد، والقيارة الجوية جنوبي الموصل”.

أستاذ العلاقات الدولية والتنمية السياسية غازي فيصل حسين، علَّق لـ”كوبوست”، قائلًا: “إن التهديدات المستمرة الصادرة عن قيادات الميليشيات الولائية المرتبطة بقيادة فيلق القدس، والتي سبق أن قصفت السفارة الأمريكية في بغداد ومنشآت اقتصادية ونفطية في البصرة، كما استهدفت القوات الأمريكية لأكثر من ٢٥ مرة، قد دفعت البنتاغون لإعادة النظر في انتشار وتموضع القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي للحرب على الإرهاب”.

وأضاف حسين: “إن الاعتداءات المستمرة على قوات التحالف الدولي، تعد انتهاكًا خطيرًا للاتفاقيات الثنائية بين البلدَين ولعلاقات التحالف الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن وحلف شمال الأطلسي، وتندرج ضمن أعمال حرب وعدوان تتنافى مع قواعد القانون الدولي الدبلوماسي”، لافتًا إلى أن التهديدات الإيرانية المستمرة بشن أعمال عسكرية ضد القوات الأمريكية في العراق والشرق الأوسط والخليج العربي، ستدفع القوات الأمريكية حتمًا لشن عملية جوية وقائية ضد مواقع الميليشيات؛ بما في ذلك القواعد العسكرية ومخازن الأسلحة والصواريخ ومقرات القيادة والسيطرة التابعة للميليشيات، وقد تتسع العمليات العسكرية الأمريكية طبقًا لردود الفعل الإيرانية.

ربح وخسارة

وتشمل الإجراءات الأمنية الأمريكية التي تم استحداثها، مراقبة سماء العراق بالطائرات المسيَّرة والحربية طويلة الوقت، ورصد أي تحركات لتلك الميليشيات؛ تحسبًا لأية هجمات محتملة صاروخية قد تنفذها عناصر مدعومة من إيران وتستهدف أفرادًا عسكريين أمريكيين وسط القواعد.

لكن الخبير الأمني والباحث السياسي مجاهد الطائي، أن “التهديدات والتلويح بعصا الهجمات من قِبَل الميليشيات على القوات الأمريكية والتحالف الدولي في هذه الفترة، يأتي كجزء من إعاقة تمرير حكومة عدنان الزرفي، الذي اعتبروه مرشح واشنطن في العراق”.

وأوضح الطائي أن الولايات المتحدة منذ مقتل سليماني تتلقَّى هجمات محدودة على مصالحها في العراق؛ لتُجَنِّب تلك الميليشيات إيران المواجهة المباشرة مع واشنطن، ولتُبقي القوات الأمريكية في حالتَي استنفار وقلق دائمتَين؛ لكن واشنطن الآن بدأت في دراسة توسيع خيارات الرد، ليس من أجل القيام برد انتقامي محدود كما جَرَت العادة بعد كل هجوم، إنما التفكير في رد يحقق الردع الشامل، وبالشكل الذي يمنع تكرار الهجمات مجددًا.

لكن البنتاغون لا يزال منقسمًا بهذا الشأن، كما يؤكد الطائي؛ خصوصًا أن مخاطر وتداعيات ذلك كبيرة، فقد يحقق ذلك نصرًا مرحليًّا، وقد يؤثر سلبًا على العلاقة مع بغداد سياسيًّا من جهة والتعاون مع المؤسسات الأمنية العراقية من جهة أخرى، لافتًا إلى أن القوات الأمريكية لا تزال في معسكرات غير محصنة شمال وجنوب وغرب بغداد في بسماية والتاجي والمطار، وقد تكون فريسة سهلة للاستهداف.