لصالح التنظيم الدولي..

تقرير: دعم الإسلام السياسي.. "إخوان الكويت" يستغلون أموال التبرعات

إخوان الكويت مورطون في المتاجرة بالأعمال الخيرية

الحبيب الأسود

تراهن الجماعات الإخوانية على الجمعيات الخيرية من أجل التسرب داخل المجتمع، ومن أجل الإفلات من القوانين التي تمنع تمويل الأحزاب، وأيضا بهدف تمويل أنشطة فروعها، وفي هذا الصدد استغلت جمعيات خيرية كويتية الظرف الذي تمر به البلاد والعالم من أجل إطلاق حملة تبرعات، شكك كثيرون في غاياتها ومقاصدها الحقيقية.

كعادتها اتجهت الجمعيات الخيرية الكويتية المعروفة بدورها في تمويل تيارات الإسلام السياسي في المنطقة والعالم، لاستغلال أزمة انتشار فايروس كورونا المستجد في جمع التبرعات، ما أثار جدلا واسعا في الأوساط السياسية والاجتماعية والإعلامية.

وفي 28 مارس الماضي أطلقت الجمعيات الخيرية والمنظمات التي بلغ عددها 41 منظمة وجمعية حملة تبرعات تحت شعار “فزعة للكويت” حصدت بها مبلغ 9 ملايين و169 ألف دينار كويتي (ما يعادل 30 مليون دولار أميركي) في غضون 18 ساعة فقط، لكن صالح مرعي الشمري، وهو إمام وخطيب مسجد ابن أبي الدنيا في منطقة جابر الأحمد، أكد أن “90 في المئة من الجمعيات الخيرية تقوم بسرقة أموال التبرعات ولا تصل إلى الغاية المقصودة منها، وإنما تذهب إلى الموظفين القائمين عليها”، وأضاف في تسجيل فيديو بثه عبر مواقع التواصل الاجتماعي “أن هذه الأموال لا تصل كاملة”، مطالبا “بدفع التبرعات إلى المحتاجين والفقراء مباشرةً”.

وقالت تقارير إعلامية كويتية إن وزارة الشؤون الاجتماعية في الكويت تقدمت إلى وزارة الأوقاف بشكوى ضد إمام المسجد، أشارت فيها إلى أن ما أورده الشيخ هو إساءة للعاملين على العمل الخيري، مطالبة إياها باتخاذ الإجراءات القانونية بحقه، ومعتبرة “أن الجمعيات الخيرية العاملة في دولة الكويت تخضع لإشراف ورقابة وزارة الشؤون الاجتماعية، ولها ميزانية سنوية معتمدة، وتتبع نظم محاسبية منتظمة ويتم التدقيق عليها من قبل الوزارة ومن قبل مكاتب التدقيق المحاسبية المعتمدة”.

وكانت وزارة الشؤون الاجتماعية الكويتية وافقت على إطلاق حملة تبرعات خيرية بإشرافها، تحت شعار “فزعة للكويت” بمشاركة 41 جهة خيرية كويتية من خلال وسائل الجمع الإلكتروني وذلك عبر رابط رئيسي باسم الحملة يتفرع منه 41 رابطا مستقلا لكل جمعية على حدة، يتم الجمع من خلاله بما يضمن عدم تداخل الأموال والاستقلالية المالية لكل جمعية. وأشار وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية، عبدالعزيز شعيب، في تصريح صحفي إلى وجود رابط للوزارة يمكنها من متابعة عملية جمع التبرعات في تلك الروابط، وسيتم الصرف وفقا للضوابط المقررة وبعد موافقة الوزارة على أوجه الصرف المقررة لهذه الحملة التي ستؤول إلى الصندوق المخصص للمساهمات التابع لمجلس الوزراء كمساهمة من الجمعيات الخيرية للصندوق. ولفت إلى أن هذه الحملة تنطلق استجابة من وزارة الشؤون الاجتماعية للجهود الحكومية المبذولة للعمل على مكافحة انتشار فايروس كورونا وانطلاقا من أهمية العمل الخيري في الكويت، مشيدا في هذا الصدد بتجاوب الجمعيات الخيرية في المشاركة في هذه الحملة بهدف دعم الجهود الحكومية والأهلية في مواجهة أزمة كورونا.

جمعيات إخوانية

ودعت الإعلامية الكويتية فجر السعيد شعبها إلى عدم التبرع للجمعيات الخيرية ووصفتها بأنها جمعيات إخوانية تستغل الأموال لصالح التنظيم الدولي، وقالت في سلسلة تغريدات عبر حسابها بتويتر “‏يا شعب ‎الكويت الأبيّ لا تتبرعوا لحملة تقودها جمعيات خيرية إخوانجية، فلوس ‎الإخوانجيه تروح للتنظيم ما تنصرف للكويت حتى وإن وروكم علب وأكل”، مضيفة “ترى يصرفون دينار والباقي يحولونه للتنظيم الدولي مالهم، اللهم بلغت اللهم فأشهد”.

وأكدت السعيد أن ‏”التبرع سلوك إنساني متحضر، لكن في الكويت يجب أن تفتح الدولة عيونها جيداً أين ستذهب الأموال”، داعية وزارة الشؤون الاجتماعية إلى أن “تضع يدها على التنظيم الدولي للإخوان لأنه يعاني ضائقة مالية”، وأضافت “أرجو ألا يأتيه الفرج من الكويت، الإخوان لا مشاعر لديهم وشعبنا عاطفي يحب بلده وفعل الخير”، متجهة بسؤال لوزيرة الشؤون الاجتماعية قائلة، “ليش الدولة ما تقوم بإنشاء صندوق للتبرعات يساهم فيه الكويتيون أو الهلال الأحمر مثلا، أو حتى الديوان الأميري يشرف مثلاً، أي أحد غير الإسلام السياسي، إخوان سلف شيعة. كلهم ما نستثني أحد ليطمئن الناس أن تبرعاتهم للكويت وليست لتنظيمات إرهابية”.


وكانت حملة التبرعات قد انطلقت بقيادة الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية التي تأسست في العام 1984 بدعوة أطلقها القيادي الإخواني يوسف القرضاوي تحت شعار “ادفع دولارا تنقذ مسلما”، وحظيت بدعم عدد من المفكرين والعلماء وأهل الإحسان، ممن عرضوا الفكرة على الأمير السابق الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح فاستحسنها وأصدر مرسوماً أميرياً بإنشاء الهيئة كمؤسسة عالمية ذات شخصية اعتبارية، يكون مقرها الكويت، ولها أن تنشئ فروعا خارج الكويت، لكن المؤسسة سرعان ما تجاوزت هدفها المعلن وهو مساعدة الفقراء والمحتاجين، إلى العمل على خدمة أجندات مرتبطة بالحركات والأحزاب الإسلامية في بلدانها، وخاصة تلك المنبثقة عن جماعة الإخوان، وهو ما دفع بصاحب كتاب “سر المعبد” القيادي الإخواني المصري المنشق ثروت الخرباوي إلى التأكيد على أن للتنظيمات الإخوانية فروع ووجود قوي داخل مؤسسات الدولة الكويتية، ولاسيما في وزارة الأوقاف، فهناك تواجد لهم في العديد من الهيئات مثل الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وتلقى الدعم القوي من قيادات التنظيم الدولي مثل يوسف ندا وغيره، وأيضا للإخوان علاقة قوية بالهيئات التي تجمع الأموال، والتي يتم توجيه بعضها لخدمة أهداف التنظيم.

شبهات سابقة
في يونيو الماضي، اضطرت الهيئة إلى طرد ثلاثة من كبار محاسبيها بعد ثبوت انتمائهم إلى الخلية الإخوانية المصرية التي تم اكتشافها في الكويت، والتي تبيّن أنها متورطة في تمويل العمليات الإرهابية داخل مصر.

وفي فبراير الماضي، أصدر وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية وزير الدولة للشؤون البلدية بدولة الكويت فهد الشعلة قرارا وزاريا بتشكيل لجنة للرقابة على الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية.

وبحسب ما جاء في القرار الوزاري الصادر فإن الوكيل المساعد للشؤون الإدارية والمالية سيرأس اللجنة وسيكون مدير مكتب التفتيش والتدقيق نائبا للرئيس، وتضم في عضويتها كلا من مدير مكتب التنسيق والدعم الفني ومراقب التوريدات بإدارة الشؤون المالية ورئيس قسم التفتيش والتدقيق الإداري.

وتضمّن القرار الوزاري دليل الإجراءات المنظمة لأعمال رقابة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على أعمال الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية التي نصت أهدافها على التحقق من التزام الهيئة بالأحكام الواردة في مرسوم النظام الأساسي لإنشائها والتأكد من التزام الهيئة في أعمالها بالقوانين السارية واللوائح المعتمدة لتنظيم العمل بها ودعم جهود الهيئة في إطار تعزيز عوامل الشفافية والنزاهة ومعايير الحوكمة.

مبادرات جمع التبرعات في الكويت من قبل الجمعيات الخيرية، تعتبر أحد أبرز مصادر تمويل التنظيم العالمي لجماعة الإخوان

وكان الوزير الشعلة أصدر في سبتمبر 2019 قرارا وزاريا بتشكيل لجنة مختصة للتدقيق في أعمال الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وقيل آنذاك إنها اللجنة المختصة الأولى في التدقيق على أعمال الهيئة منذ إنشائها بمرسوم 64/1986. وأوضحت الوزارة أنه تم إصدار لائحة ضوابط مباشرة الدور الرقابي لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تجاه الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية بقرار وزاري رقم 584/2019.

وكتب أحمد الصراف في صحيفة “القبس” الكويتية بتاريخ 14 سبتمبر 2019 “أدى غياب الرقابة وعظمة الأرصدة التي تقع تحت أيدي مسؤولي الهيئة إلى أن يزيد اللغط حول وقوع عمليات فساد وإفساد فيها طالت بعض مشاريعها، الكلاسيكية في أغلبيتها، وكان آخرها اتهام أحد أعضاء الهيئة بالاستيلاء على أرض منحتها حكومة أذربيجان لها لبناء مركز إسلامي عليها، وتسجيلها باسمها”. وأضاف الكاتب أن “الهيئة يديرها مجلس إدارة مكون من رئيس كويتي وأعضاء من السودان والسعودية وقطر وتشاد وجنوب أفريقيا وباكستان، وكوسوفو وعمان ونيجيريا والهند وإيران وإندونيسيا وبريطانيا، ولك تخيل أداء مثل هذا المجلس الذي بالكاد يجتمع. وإن اجتمع فليس من السهل وصوله لقرارات واضحة، وبالتالي أدى غيابهم لتقوية دور الإدارة التنفيذية. وبالأمس تبين أن عصام البشير، العضو القوي في مجلس إدارة الهيئة، قد ألقت السلطات في السودان القبض عليه لاتهامه في غسل أموال، وتحويله مبلغاً كبيراً إلى حسابه في بنك تركي”.

تمويل التنظيم الدولي

وتعتبر مبادرات جمع التبرعات في الكويت من قبل الجمعيات الخيرية، أحد أبرز مصادر تمويل التنظيم العالمي لجماعة الإخوان وفروعه المنتشرة في الدول الإسلامية وغيرها، ويذهب جانب منها لدعم جماعات جهادية مرتبطة بالمشروع الإخواني، أو لتكريس المفاهيم السلفية للدين عبر ما تطلق عليه تلك الجمعيات صفات الدعوة والصحوة واحتضان الناشئة المسلمة أو تقديم المساعدات لمحتاجين للاستفادة من أصواتهم في ترجيح كفة التيارات الإخوانية في الانتخابات، وهو ما تأكد بالخصوص بعد العام 2011.

غير أن مثل هذه المبادرات، باتت منذ سنوات، تواجه انتقادات بين النخب المستنيرة داخل الكويت، وتثير انزعاجا لدى أطرافا عدة عربية وأجنبية، خصوصا بعد أن تحولت الكويت إلى محفظة لدعم مشروع الإسلام السياسي في المنطقة تحت يافطة العمل الخيري والإنساني.

ووفق مصادر مطلعة فإن السلطات الكويتية رصدت مخالفات لأكثر من 88 جمعية خيرية تابعة لجماعة الإخوان في مقدمتها جمعية الإصلاح الاجتماعي، وفروعها التي تخطت الـ77 فرعاً، وتمثل الوجهة الرئيسية للإخوان في الكويت.

وكذلك جمعية الشيخ عبدالله النوري، والهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وجمعية العون المباشر، وجمعية فهد الأحمد الإنسانية، وجمعية إحياء التراث الإسلامي، وجمعية النجاة الخيرية والعلوم الإسلامية، وجمعية السلام للإعمال الإنسانية والخيرية. بينما تعددت وجهات المخالفات المالية المرصودة بين أموال من مؤسسة قطر الخيرية، ووزارة الأوقاف القطرية، ومؤسسة “عيد الخيرية”، وهيئة قطر الخيرية، و”ائتلاف الخير”، ورجال أعمال قطريين مقربين من السلطة الحاكمة في الدوحة.

وذكرت صحيفة “القبس” أنّ “حصيلة تبرعات نحو 42 جمعية في البلاد تجاوزت 100 مليون دينار سنويا، فيما تبيّن أنّ 37 في المئة من الجمعيات تكسر قانون جمع التبرعات”، وتابعت أن المعلومات التي وفرها الأمن الكويتي في إطار الخلية الأخيرة، أظهرت أن جمعية كويتية أرسلت 600 مليون جنيه دعماً لـ”الإخوان” أثناء حكم محمد مرسي، كما أن نحو 450 إخوانياً مصرياً لجأوا إلى الكويت بين عامي 2013 و2015، ووفرت “الجمعيات الخيرية” غطاءً قانونياً لمعظمهم، حتى أن زعيم “خلية الكويت” أبوبكر الفيومي، تحدث عن ذلك بوضوح، مشيرا إلى أن “الكويت ملاذ آمن ومستقر”.

وأضافت الصحيفة أن التقارير كشفت عن سفر موظفين في العمل الخيري إلى الخارج بلا تراخيص، وتنفيذ مشاريع مع جهات دولية. وقد أوقفت وزارة الشؤون نحو 144 فرعا مخالفا لجمعيات.

ويشير المراقبون إلى أن عددا من الجمعيات الخيرية الكويتية تعوّد على استغلال الأزمات الإنسانية الناتجة عن الصراعات المسلحة في عدد من دول العالم للتدخل لدعم أطراف بعينها لدوافع سياسية أو عقائدية طائفية، وظهر ذلك بالخصوص في أفغانستان والصومال وليبيا والعراق واليمن وغيرها.

تبرعات لدعم الإرهاب

كما تورطت تلك الجمعيات في دعم التيارات الجهادية في سوريا، وفي العام 2014 قالت صحيفة واشنطن بوست في تقرير نشرته آنذاك إلى أن مئات الملايين من الدولارات تنفق، سواء من أفراد أو من جمعيات خيرية في الكويت، على جبهة النصرة، وفقاً لمصادر في الخزانة الأميركية، وذكرت أن بياناً غير دبلوماسي أصدره ديفيد كوهين، مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون مكافحة الإرهاب، أطلق فيه على الكويت “بؤرة جمع التبرعات للمعارضة السورية”.

وفي اجتماعات سرية خلال زيارة لوزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى الكويت، طرح أسئلة متكررة حول دور بعض الأفراد والجمعيات الكويتية في إرسال أموال إلى جبهة النصرة، أو غيرها من الجماعات المتطرفة في سوريا. وكان رد الكويت أنها تعالج المسألة، وأقرت أن هناك خطوات يجب أن تتخذ في هذا الإطار.

ونسبت الصحيفة إلى مسؤول كويتي قوله إن الحكومة أنشأت أخيراً وحدة للاستخبارات المالية تختص بإعداد تقارير حول المعاملات المشبوهة والتحقيقات في تمويل الإرهاب وغسل الأموال، وفي 12 مايو 2014 أعلن وزير العدل والأوقاف الكويتي، نايف العجمي، استقالته من منصبه، بعد أيام من اتهامه من قبل مسؤول أميركي بأن “لديه تاريخا في تعزيز الجهاد في سوريا”. ولا تزال الجمعيات الكويتية تواجه تهمة دعم الإرهاب في سوريا عبر الوسيط التركي، حيث توجه تمويلاتها ومساعداتها العينية للميليشيات الناشطة في شمال سوريا.

وفي هذا السياق، قال الكاتب والناشط السوري المعارض كرم خليل إن جمعية “إحياء التراث الإسلامي الكويتية” ساهمت بالشراكة مع منظمة “الفيحاء” في دعم وتمويل تنظيم داعش الإرهابي منذ بداية نشأته عن طريق مدير جمعية الفيحاء وهو سوري الجنسية لمعرفته الشخصية بالعديد من القيادات التي اجتمع بها خلال الفترة التي قضاها في سجن صيدنايا، وقدمت الجمعية الإغاثة في مدينة الرقة منذ العام 2013، ودعمت التنظيم بمبالغ مالية لعدة سنوات عبر وسطاء في المنطقة، كما تورطت الجمعية في عمليات تهريب عوائل تنظيم داعش المحتجزين لدى القوات الكردية في الحسكة، عبر دفع مبالغ نقدية مقابل السماح لهم بالهروب لخارج المخيم. وقد ذكرت مصادر إلى أن نشاطها مستمر في دعم خلايا التنظيم في كل من إدلب وريف حلب تحت غطاء مشروع كفالة الأيتام، حيث أن الجمعيات الخيرية الكويتية نشطت في تمويل المتطرفين في سوريا، مستغلة عدم الاستقرار السياسي في العديد من الدول، وانشغال الحكومات بترميم الوضع السياسي، ولا يزال السؤال المطروح: متى ستحسم دولة الكويت ملف الجمعيات المشبوهة؟ خصوصا وأن لديها ما يكفى من الأدلة عن تحولها إلى أدوات للتدخل المباشر في الدول الشقيقة والصديقة، من خلال ارتباطها الوثيق بالمحور القطري التركي الإخواني الجهادي؟