"لا مستقبل قريب للاستقرار"..

تقرير: كيف نجحت "إيران" في تغيير طبيعة المجتمع اليمني الشمالي؟

الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي ونائبه علي محسن الأحمر في مأرب - ارشيف

فريق الابحاث والدراسات
فريق البحوث والدراسات في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات

قالت تقارير صحافية إنه أصبح من المستحيل الحديث عن مستقبل قريب لتحقيق الاستقرار في اليمن المضطرب منذ تسعينات القرن الماضي، في اعقاب سيطرة الحوثيين على كامل جغرافيا ما كان يعرف بالجمهورية العربية، قبل الاتحاد مع اليمن الجنوبي.

 

احكم الحوثيون الموالون لإيران وبدعم اقليمي، السيطرة على محافظة الجوف الحدودية مع السعودية التي تقود تحالفا عربيا لمحاربتهم، واقتربوا بشكل أكثر من مأرب أخر معاقل حلفاء الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي، فيما أصبحت تعز المدينة اليمنية ذات الكثافة السكانية الأكبر في اليمن، تخضع بالتقاسم بين المليشيات الحوثية والإخوانية.

 

التحالف العربي الذي تقوده السعودية، أعلن وقفا للحرب من جانبه، لكن الحوثيين والإخوان مستمرون في القتال والتحشيد صوب الجنوب الحليف للتحالف العربي، دون أي موقف معلن من الرياض، التي تقدم الدعم العسكري والرعاية لهادي والمتحالفين مع حكومته.

يعمل الإخوان وبدعم قطري وإيراني وتركي للسيطرة على الجنوب، في مسعى لتنفيذ استراتيجية التقاسم بين الدوحة وطهران، في أن يذهب الجنوب للأول والشمال للأخيرة، وهي الاستراتيجية التي تقول تقارير صحفية ان الرياض تتعامل ببطء شديد في التصدي لها.

نجحت إيران في بناء مجتمع موال لها ومناهض لجيران اليمن، بعد ان اعتمدت على المذهب الزيدي الذي يندحر منه الحوثيون ذراع طهران، حتى أصبحت جغرافيا اليمن الشمالي بما في ذلك المناطق غير الزيدية تخضع لإيران وتدين لها بالولاء، بفعل سياسية الأمر الواقع التي يمارسها الحوثيون.

نفذ الحوثيون سياسة خطيرة خلال الاعوام الماضية، من خلال تهجير وطرد كل من لا ينتمي إلى المذهب الزيدي في صنعاء، وابقوا على شخصيات ضعيفة لا تشكل أي خطورة على مستقبل الجماعة التي عمدت منذ وقت مبكر تغيير المناهج الدراسية، وعملت على ترسيخ مشروعها الطائفي من خلال ما يعرف بملازم "حسين بدر الدين" مؤسس الجماعة الذي قتل في صعدة خلال ما عرف بالحروب الستة التي دارت بين اعوام 2004 و2009م.

ولم تقتصر الممارسات الحوثية على المجتمع اليمني المدني، بل تعدى إلى القبائل التي فرضت عليها المليشيات حروبا شتى حتى تمكنت من السيطرة عليها بتعيين شيوخ موالين للجماعة، ناهيك عن رفضها جبايات مالية واجبرت القبائل على تجنيد افرادها للقتال في صفوفها.

وعلى الرغم من حالة التمييز التي تمارسها الجماعة ضد القبائل إلا ان ذلك لم يحرك ساكنا، وظلت القبائل اليمنية الشمالية رهينة للحوثيين وما يفرضونه عليها، واصبح قتيل القبائل أقل مرتبة من القتيل الذي ينتمي سلاليا إلى جماعة الحوثي في صعدة.

وبفعل هذه السياسة، أصبح الحوثيون قوة لا يستهان بها في مواجهة حكومة هادي التي تتقاسمها الاطراف الاقليمية المتصارعة، في ظل وجود اتهامات توجه لنائب الرئيس اليمني الزعيم العسكري الإخواني علي محسن الأحمر، بدعم الحوثيين من تحت الطاولة وعرقلة جهود الحرب ضدهم، على اعتبار انهم زيود لا يرغب في هزيمتهم.

وتراجعت حكومة هادي في السيطرة على الكثير من المناطق منذ الدفع بالأحمر نائبا للرئيس، حتى أصبح الحوثيون يقتربون من مأرب المعقل الرئيس للرئيس المؤقت ونائبه.

يقول الكاتب العربي خيرالله خير الله"إن استيلاء الحوثيين على الجوف تعد بداية مرحلة جديدة في اليمن من دون ان يعني ذلك انّهم في طريقهم الى استعادة المبادرة للهجوم مجددا على الجنوب".

وأضاف "ما لا بدّ من الاعتراف به انّهم يمتلكون قوّة عسكرية كبيرة وفعالة في غياب من هو على استعداد للتصدّي لهم".

وأقر الكاتب العربي وجود تغيير في طبيعة المجتمع اليمني، قائلا "انّ هناك تغييرا كبيرا طرأ على المجتمع اليمني، خصوصا في الشمال. ما يميّز هذا التغيير الضعف الذي أصاب تركيبة القبيلة، لم تعد القبائل مستعدّة للدفاع عن شيوخها كما كانت عليه الحال في الماضي. لم يعد من نفوذ يذكر لآل الأحمر، شيوخ حاشد، على سبيل المثال وليس الحصر".

وقال "استطاعت ايران التي يدين لها الحوثيون بالولاء الكامل لها تغيير طبيعة المجتمع اليمني في الشمال. هذا يطرح أسئلة كبيرة بالنسبة الى المستقبل اليمني والصيغة التي يمكن ان يستقر عليها اليمن، يوما ما، في مرحلة سيأخذ فيها الحوثيون حجمهم الطبيعي". سيحصل ذلك يقول الكاتب "لسبب في غاية البساطة يعود الى ان المشروع التوسّعي الايراني كلّه في حال تراجع من جهة ولأن الحوثيين لا يمتلكون أي مشروع سياسي او اقتصادي من جهة أخرى. يمتلكون الشعارات الفارغة التي لا تطعم اليمنيين خبزا ولا تحميهم من الامراض لا اكثر".