"علم التراجم" لأحمد البغدادي..

"عيون أخبار الأعيان" للغرابي... تاريخ القرن الحادي عشر

(بغداد في القرن الثامن عشر)

بغداد

أسّس العرب منذ القرن الثاني الهجري ما اصطلح على تسميته "علم التراجم" الذي ارتبطت نشأته الأولى بعلم الحديث، ليمتد إلى كتابة سير الصحابة والمفسرين والنحويين والشعراء والأطباء، وتطوّر شكله ومنهجه فأصبحت كتابته مرتّبة على حروف المعجم، وأدرجت ضمن كتب التاريخ العام.

يُعدّ أحمد بن عبد الله البغدادي المعروف بغراب بغداد أو الغرابي الذي عاش خلال القرن الحادي عشر الهجري، أحد أبرز المؤرّخين البغداديين خلال العهد العثماني، حيث وُصف منهجه في ترتيب حوادث تاريخه بالاتساق والإحكام، والاطلاع العميق على تراث العديد من الشعوب.

من أبرز مؤلّفاته كتاب "عيون أخبار الأعيان ممن مضى في سالف العصور والأزمان" المعروف ب"تاريخ الغرابي" الذي تتوزّع نسخ من مخطوطاتها في "المكتبة البريطانية"، و"المكتبة الوطنية" في باريس، إضافة إلى نسخ منها في بغداد ودمشق، وتمّ تحقيقه أكثر من مرة آخرها صدر حديثاً عن "دار الشؤون الثقافية العامة" العراقية بتحقيق علي وأسامة الحسيني.

يضمّ الكتاب ثلاثة مجلّدات تبحث في موضوعات متعدّدة سبب وضع علم التاريخ، وأحوال الأنبياء، ثم ذكر ملوك العرب والفرس والروم ومصر واليونان، وذكر سيرة النبي والخلافة الراشدة وما بعدها إلى عصر المؤلف، بدءاً من معركة مرج دابق الحاسمة التي كانت سبباً في انهيار المقاومة المملوكية.

يُخصّص الغرابي الفصل الأخير من الكتاب للفترة التي كان قريباً منها أو شاهدها وعايش أحداثها، كالتي حصلت في بغداد ونواحيها في القرن العاشر والحادي عشر من فتن واضطرابات، وقد ترجم فيه لعلماء وشعراء أهل العراق ورتّب حوادثه على السنين، معتمداً على كتب التاريخ لكنه كان يغفل العديد من مصادره.

وفي توثيقه لتاريخ مصر، استمدّ مصادره في تأريخ الأحداث من روايات كان يتداولها العامة في القاهرة، إلى جانب الروايات الرسمية التي أخذها عن الموظّفين في الدولة العثمانية، خاصة تلك التي تتعلّق بمحاولته تقديم صورة أكثر تبريراً لقيام سليم الأول بقتل السلطان المملوكي الأخير واستلام السلطة.

رتّب المؤلف كتابه على مقدمة من مقالتين هما: "في أنباء من كان قبل مبعث الرسول محمد" وتضمنت أربعة فصول هي: في "أحوال الرسل والأنبياء عليهم السلام"، و"في ملوك الفرس"، و"في ملوك مصر واليونان والروم"، و"في ذكر دول الإسلام على سبيل الإجمال"، وفي الثانية فصلان هما "في أحوال نبينا المصطفى" و"بيان ما كان بعد الهجرة ثم تناول في مختلف العصور الإسلامية".